«نجاح الهيئة كان نجاحاً ضد الطائفية»، «روح عبدالرحمن الباكر لابد أن تأتي ضد أي جهة معارضة للروح الوطنية بين أبناء البحرين شيعةً وسنة كافةً»، بهذه العبارات أنهى إبراهيم الباكر حديثه إلى «الوسط».
تصريحات الجميع تبحث عن «عبدالرحمن الباكر» و»الهيئة»، جميعها يشترك في الخوف من «الطائفية». لا نحتاج إلى المزيد من الدلالات على أن البحرين تمر بمرحلة حرجة في تاريخها، وأن أجواءً من انعدام الثقة/ الشك/ الخوف المبرر باتت سائدة.
إن قدراً من التطمينات الفعلية لا الكلامية بات ضرورياً على وجه السرعة، فوفق المعادلة السياسية التي تعيشها البحرين اليوم تبدو الأمور في طريقها نحو الأسوأ.
هذه الضمانات كثيرة، ليس أقلها أن يحصل البحرينيون كافة على انتخابات «نزيهة»، لا يتلاعب بها مجنسون جدد أو مزدوجو جنسية، ولا تمسك بتحديد إجراءاتها والإشراف عليها أيدٍ مريضة أو ملوثة بأوراق التأجيج الطائفي المدفوع الأجر.
هذه التطمينات أيضاً، لا تقف عند وضع الحد لـ «تغول» طيف إسلامي «سني» معروف، بات يطبق سيطرته على كثير من مرافق ووزارات الدولة. خلاياهم تمسك بأجهزة الدولة في كل جانب، ولا يتركون للأطياف الأخرى في البلاد - حتى السنية منها الإسلامية أو الليبرالية - فضاءات للحياة والتشارك السياسي. تاريخ هذا الطيف في البرلمان الماضي لم يكن سوى تمثيل لمصارف التحصيل «ادفع... مرر» «وظف... مرر». وصولاً إلى «وزر... مرر».
استهوت الحكومة حينها لعبة «التحصيل» تلك، وها نحن نحصد نتائج تضخم هذا الطيف على البلاد كافة. لا يطبق الإسلاميون - شيعةً وسنةً - سيطرتهم على شيء، إلا وتنمو لديهم «نزعة» السلطة الكبرى التواقة للعنف ونبذ الآخر وتصفيته وإلغائه. وتاريخ هذا الطيف المرعب في مصر ودمويته ضد الآخر يتمثل في ذاكرتنا جرس إنذار، ويحق للبحرينيين أن يخافوا من هذا الطيف المخادع الجشع، ومن طموحاته التي لا تقف عند حد.
كما كان الباكر يتحدث في مخطوطة سيرته «من البحرين إلى سانت هيلانه (المنفى)» عن حوادث ما بعد العام 1953 التي جرت البلاد نحو تحشيد طائفي مقيت، وعن تلك الأجواء الإصلاحية، التي ساهم الباكر في تبيئتها عبر إعادة بناء الثقة بين البحرينيين كافة، أجد اليوم أن الضمانات التي ينتظرها الشارع لا تقل محوريتها وأهميتها عن تلك الحقبة في شيء.
وعليه، لابد لروح الباكر أن تظهر كما قال نجله الصديق «إبراهيم»، لكن، لا نريد أن تظهر روح الباكر في الهواء معلقة، لا هدف لها، أو اتجاه، بل أن تظهر قُبَالَة تلك الأرواح الشريرة، التي تريد بالبحرين وأبنائها «الشر»، تلك الأرواح الطائفية «معرفة» لا «نكرة»، «مشهر» بها حد الإعلانات الإشهارية في الشوارع، سواء جمدت عضوياتها، أم سافرت في رحلات استجمام لشهر أو شهرين.
إنا هنا، منتظرون
إقرأ أيضا لـ "عادل مرزوق"العدد 1499 - الجمعة 13 أكتوبر 2006م الموافق 20 رمضان 1427هـ