العدد 1499 - الجمعة 13 أكتوبر 2006م الموافق 20 رمضان 1427هـ

تجري الأمور بشكل أفضل مع تطبيق الحقوق

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

سنة 1995 انتقلت من حياة مريحة في أميركا إلى رام الله في فلسطين لأستثمر في إحدى أكبر المشروعات الأميركية هناك. لقد شاركت في إحضار «الكوكا كولا» إلى الشرق الأوسط في مطلع التسعينات من القرن الماضي؛ بعد أن تم توقيع اتفاقات أوسلو للسلام، قرّرت الحصول على حق بيع «الكوكا كولا» في الضفة الغربية وغزة. لقد توسّعت التجارة خلال السنوات العشر الماضية. اليوم، توظّف «كوكا كولا» مئات الفلسطينيين وتبيع 10 ملايين صندوق «كوكا كولا» سنويًا. كوني فلسطينيا أميركيا، تمثّل ذلك بأكثر من مشروع تجاري مربح. فكلّ زجاجة لامعة تحوي لفافة «كوكا كولا» حمراء عليها باللغتين العربية والإنكليزية، قد تشكّل نموذجًا مصغرًا عن سفير من أميركا. كما أنّ كلّ مستثمر محتمل شهد نجاح «كوكا كولا» قد يقرّر أن يستثمر هو أيضًا. فقد بدت تلك الاستراتيجية المثلى: تعزيز المصالح الأميركية في حين أن المساهمة ببناء اقتصاد قد يشكّل أساسًا لدولة فلسطينية مستقلة محتملة. تبعًا لاتفاقات السلام، انتقل الكثير من الأميركيين الفلسطينيين إلى الضفة الغربية وغزة. فقد جاء الأساتذة للتعليم في الجامعات. كما قدم الأطباء للمساعدة على تجديد جهاز العناية الصحية ومعالجة المرضى. وحضر الفنانون للعرض والتمثيل. وجاء خبراء الأعمال الآخرون بغية الاستثمار وتجديد الاقتصاد وخلق الوظائف. فأراد كلّ منهم، بأسلوبه الخاص، المساعدة على إنشاء فلسطين مستقلة. مثّل كلّ منهم سفيرًا فعليًا لأميركا، ولكن بشكل يختلف تمامًا عن طائرات الأباتشي ونفاثات F-16 الحربية الأميركية الصنع التي استخدمتها «إسرائيل» لإلحاق الدمار باقتصاد فلسطين ومدنها وقراها. ولكنّ «إسرائيل» شاءت ألاّ ترحّب بنا، نحن الأميركيين. فقد أقام الكثيرون، على غراري، في الضفة الغربية أكثر من عشر سنوات. خلافًا لليهود الأميركيين - أو اليهود من أيّ مكان في العالم - الذين يمكنهم الحصول على الجنسية عند وصولهم، لا يمكننا الحصول على الإقامة. وبدلاً من ذلك، علينا نحن الفلسطينيين المسيحيين والمسلمين الاعتماد على جوازات السفر الأميركية لتجديد تأشيراتنا السياحية كل ثلاثة أشهر. إنه طبعاً أمرٌ مزعجٌ، ولكنه السبيل الوحيد للبقاء في فلسطين، غالبًا في المنازل التي سكنتها عائلاتنا لأجيال عدة. منذ تسلّم «حماس» سلطة الحكم بعد الانتخابات الديمقراطية هذا العام، بدأت «إسرائيل» بنفي حق الأميركيين الفلسطينيين بالدخول. ولانزال نتساءل عن السبب. قد تشكّل هذه السياسة ممارسة لضغط إضافي على «حماس». قد يكون تم تلفيقها كإذعان سهل لمفاوضات مستقبلية. كما قد تشكّل تكتيكًا آخر من حملة «إسرائيل» - التي بدأت العام 1948 مع ترحيل أكثر من 700.000 فلسطيني - لدفع أكبر عدد من الفلسطينيين إلى إخلاء أكبر مساحة ممكنة من الأراضي. إننا لا نعرف السبب وراء منع الأميركيين الفلسطينيين من الدخول، ولكننا نعلم نتيجة ذلك. فبالإضافة إلى تشتيت العائلات - مثل كون أحد الزوجين مع أطفاله في الضفة الغربية، والآخر عاجز عن العودة من زيارة أجراها إلى الولايات المتحدة - فإنها تخمد عزيمة المستثمرين. إنها تدفع الأفراد الحاليين من وزارة الخارجية الأميركية والبنك الدولي وغيرهما من المنظمات الدولية للعودة إلى موطنهم. فنحن الذين ننشئ التجارات ونخلق الوظائف ونبعث الأمل بمستقبل أفضل. تحت ذريعة الحفاظ على الأمن، أدّت السياسات الإسرائيلية المتمثلة في الدمار المحلي، ومصادرة الأراضي، ووضع القيود على عملية التحرّك، وبناء الجدار الفاصل، إلى اهتزاز الاقتصاد الفلسطيني. ووفقًا للأمم المتحدة، يعوق أكثر من 540 نقطة تفتيش حدودية وغيرها من المنشآت عملية التنقل في أنحاء الضفة الغربية، ونادرًا ما يتم فتح المعابر إلى غزة. تشكّل غزة 30 في المئة من الاقتصاد الفلسطيني، ومع ذلك لا يمكننا تحميل البضائع من الضفة الغربية إلى غزة. كما لا يمكن لغزة أن تستورد المواد الخام بغية تصنيعها على رغم امتلاكها ليد عاملة موهوبة. كما كانت «إسرائيل» ترفض توظيف نحو 55 مليون دولار شهريًا (يقارب المجموع حاليًا 400 مليون دولار) في عائدات الضرائب الفلسطينية. مع وقف المساعدات الدولية، أدّى ذلك إلى حدوث كارثة إنسانية. فمنذ مارس/ آذار، لم يتلقّ موظفو الدولة الفلسطينية - نحو ربع القوة العاملة - رواتبهم. لن تحظى «إسرائيل» بالأمن عبر إنشاء مقاديشو إلى جانب وادي السيليكون. وحده الاقتصاد الحر والمزدهر يستطيع وضع أسس للسلام المستديم. إنّ أزماتنا الإنسانية ليست نتيجة كارثة طبيعية. فلم يحصل تسونامي أو هزة أرضية أو جفاف للماء. لقد ساهمنا في بناء الأمم. إننا نمتلك الموارد الطبيعية والإنسانية الكفيلة بتنمية اقتصاد فلسطيني مستقر ومزدهر... لسنا بحاجة إلى مساعدات دولية. إننا نحتاج إلى حرية تنقّل الناس والبضائع. إننا نريد ممرات سالكة بين فلسطين المحتلة وسائر أقطار العالم. يتمتّع صانعو السياسة الأميركيون بنفوذ هائل على «إسرائيل». عليهم استغلاله للمطالبة بحرية تنقّل الناس والبضائع، والحفاظ على إمكانية حصول الأميركيين الفلسطينيين والفلسطينيين على جوازات سفر أجنبية بغية الاستمرار في المساهمة في النمو الاقتصادي. إنّ الاقتصاد الفلسطيني المزدهر يخدم مصالح الجميع: الفلسطينيين والإسرائيليين والأميركيين.

زاهي خوري

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 1499 - الجمعة 13 أكتوبر 2006م الموافق 20 رمضان 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً