بينما ننشغل جميعاً بالاستعداد للانتخابات، مرت علينا أمس الذكرى الثانية والخمسون لتأسيس هيئة الاتحاد الوطني التي قادت أكبر حركة وطنية في تاريخ البحرين، وجمعت في صفوفها مختلف فئات المجتمع البحريني.
على رأس الهيئة برزت شخصية عبد الرحمن الباكر، وهي شخصية نحتاج الى دراستها كثيرا، ما لها وما عليها، لكي نستفيد من تجاربنا التي أثرت في تشكيل تاريخنا الحديث.
تختلف بعض الامور اليوم عن الأمس، ولكن لو نظرنا الى ماجرى قبل نصف قرن وننظر الآن سنرى ان العوامل مشتركة. فحينها أيضاً كان هناك اصطفاف طائفي، وكانت هناك حوادث استفزازية، وكان هناك تأجيج، وكانت هناك مشكلات عدة متداخلة، الاقتصادية منها والاجتماعية والسياسية.
في ظل كل هذه الظروف، برزت واحدة من أكثر الشخصيات تميزاً على مستوى العمل الوطني... تلك هي شخصية عبد الرحمن الباكر. الباكر كان تاجراً وكان صحافياً وكان قائداً نخبوياً وكان رمزاً جماهيرياً، واستطاع ان يتجاوز الحدود الطائفية الصارمة التي تفرق بين ابناء البلد الواحد، كما استطاع ان يحرك الأجندة الاصلاحية، مع رفاقه، نحو تأسيس عمل سياسي علني يعمل على دعم الإصلاح وينطلق مع مفاهيم التحديث والتطوير المتلازمة مع مفاهيم الديمقراطية والتحرر من سيادة الأجانب.
ومن دون شك، فإن لكل شخصية نواقصها، ولكن لو احتسبت الحسنات والنواقص في الميزان فان الأكثرية ستحكم لصالح حسنات الباكر، لانه كان الرقم الأصعب على مستوى الوطن - كل الوطن - ولم يكن محدوداً ضمن طائفة واحدة أو فئة معينة. وعلى هذا الأساس فان الباكر يعتبر فريداً من نوعه، ويعتبر رمزاً وطنياً لنا جميعاً. فعلى الرغم انه كان سنياً، فإن الشيعة والسنة أحبوه على حد السواء، وآمنوا بما ناضل من أجله، واستطاع ان يقود الحركة الوطنية مابين الاعوام 1954 حتى نهاية 1956... ولكن الظروف المحيطة، وتداخل القضايا العربية آنذاك (تأميم قناة السويس) مع القضايا المحلية الصرفة، أدى الى ان تدخل بريطانيا بقوة على الخط لتقمع الحركة الوطنية.
ولكن قبل ان تدخل بريطانيا على خط القمع المباشر في نوفمبر / تشرين الثاني 1956، كانت بريطانيا ذاتها هي التي أقنعت الحكومة لكي تعترف بأول تنظيم سياسي في الخليج العربي وذلك في مارس / آذار 1956. ولكي نفهم الكثير من تلك التعقيدات، فان علينا ان نستنطق من عاصروا الباكر، وستنشر «الوسط» أجزاء من مذكرات الباكر خلال هذه الفترة لكي تكون نبراساً لنا تعيننا على فهم جوانب من تاريخنا القريب نحن في أشد الحاجة اليها الآن مع ازدياد أعداد المتاجرين بالطائفية والعنصرية على حساب الوطن والمواطنين
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 1499 - الجمعة 13 أكتوبر 2006م الموافق 20 رمضان 1427هـ