في كل عام، وكالعادة يهل علينا شهر رمضان المبارك وتهل علينا أجهزة التلفزة ببرامجها ومسلسلاتها التي تخص بها الشاشات خلال الشهر الفضيل... وفي هذا العام اتخمنا تلفزيون البحرين بمجموعة من المسلسلات البحرينية في خطوة غير مسبوقة اذ اقتصر التلفزيون على عرض مسلسل أو مسلسلين كحد أقصى في شهر رمضان، ولكن ربما كان لدى المؤلفين والمنتجين قصص كثيرة هذه السنة، الأمر الذي أدى بالضرورة إلى ظهور أكثر من عمل تلفزيوني.
دعونا نذهب معا إلى مسلسلات هذا العام؛ البحرينية والخليجية، السورية، والمصرية الشهيرة. وبالنسبة للمسلسلات الخليجية عموما، لم تختلف الصورة كثيرة عن فكرة المسلسلات القديمة، وكأن السينما الخليجية تحولت إلى فرع من فروع السينما الهندية، فالقصة هي هي لم تتغير ولم تتبدل، اللهم في الكلمات والشخوص، وفي أحيان كثيرة تكون الشخوص نفسها في القصة نفسها، ولكن المخرج يختار مواقف جديدة، وحوارات جديدة لا تختلف عن الحوارات والمشاهد التي اعتاد عليها الجمهور إلا في طريقة السرد! عندما يحل الليل، وينزل بسكونه على الصيام، وتنقشع أشعة الشمس معلنة عن موعد الإفطار، تبدأ المسلسلات التفزيونية الخليجية دورها، وكأنها تنتظر الفرصة لتطلق موعدا لمجون غريب لم نلحظه حتى في السينما المصرية التي عودتنا على الخلطات السحرية في مسلسلاتها لكي تجذب أكبر عدد من المشاهدين. القصص كالمعتاد، نساء بردائهن الأسود، حزن يخيم على المشاهد من الحلقة الأولى حتى ينتهي المخرج من حلقاته التي لا تنتهي إلا بحزن، لأنها وباختصار وجدت لتؤسس للحزن ولتنقل الحزن! السينما الخليجية إذا لم تكلف نفسها عناء البحث عن نمط جديد للطرح الجاد، فاكتفت بعرض المعاناة التي تعتمد على المرأة في صقل شخصية الهموم والأحزان، ولربما استعان بعض المخرجين ببعض الرجالات الذين يجيدون صوغ الحزن في قسمات وجوههم. لنركز قليلا على تلفزيون البحرين، وبعض المشاهد الرمضانية، ففي مسلسلات هذه السنة ميزة جديدة أضيفت إلى المسلسلات، فبإضافة إلى الاعتماد على المرأة كعنصر رئيس في صوغ نمط المسلسل، فهي العنصر الذي يموت، وهي العنصر الذي لابد أن يقع عليه الظلم، كما أنها العنصر الذي لا مفر من دموعها وصراخها ونواحها في كل حلقة من الحلقات، حتى أن المشاهد يظن بأن لدى المخرج قناعة تامة بأن المسلسل لا يكتمل إلا بذلك... لكي لا نتهرب من النقطة التي طرحناها وهي النمط الجديد في المسلسلات، فهي الاعتماد على المجون الفاضح، فما المانع من صناعة شخصية تنشر المجون والدعارة. سيقال لنا ان هذه الشخصيات موجودة وسط مجتمعاتنا، وسنقول نعم هي موجودة، ولكن لم نتخير شهر رمضان خصوصا لعرض هذه القصص التي يحس المشاهد أنها مبالغ فيها إلى درجة بعيدة، إذ يختلط التعفف بالهوى في أسلوب غريب فمن يبيع نفسه للدعارة لا يمكن أن يصون نفسه ويمتلك عزة نفس وغيرة، لأنه وبكل اختصار باع نفسه للشيطان. كما أن الخير والشر لا يرتبطان معا بالطريقة التي نشاهدها في المسلسلات، إلا إذا أراد التلفزيون أن يؤسس فرعا للسينما الهندية، وحينها سيكون بمقدور الشرير أن يلعب دور الخير في ختام الفيلم، فبد أن سقط البطل بمئة رصاصة أو تزيد، لا مانع من أن يلتقط الشرير البندقية ويقرر أخذ البطل إلى المستشفى ليتعالج ويشفى ويزوجه ابنته ويقاسمه ثروته، لأن الفيلم باختصار هندي وفي هذه الأفلام توقع كل ما لا يدخل العقل. ويا ترى ما قصة «المغازل» في المسلسلات؟ وما حكاية الحب التي تسيطر على أجواء المسلسل وكأننا نعيش في مسلسل مكسيكي لا يملك المخرج ولا مؤلفه إلا قصص الحب، ولا نظن أن شوارع البحرين كلها، في المدن والقرى لا تعرف إلا الشباب الذين يلهثون وراء النساء! ولا ندري ما قصة هذا المسلسل الذي لا نعرف ما قصته، مسلسل يدور حول شخصية هو المخرج، والممثل، والبطل، والمنتج، ولم يبق إلا أن يرد اسمه محل المصور والماكياج والديكور. مسلسل قصته هذه الشخصية، الغنية، الذكية، حتى أنها حولت مجموعة من نجوم التفزيون وتفضلت عليهم في أدوار ثانوية تافهة. عموما، في الوقت الذي كنا فيه نمي النفس بأن تصعد منتجاتنا التلفزيونية وتتفوق على المسلسلات السورية والمصرية، ها هي مسلسلاتنا تتراجع تراجعا رهيبا، ولا يوجد أي وجه مقارنة بين المسلسلات الخليجية والعربية، حتى أن برنامج «فرسان الميدان» الذي يعرض على القناة اليمنية يحظى بمشاهدين أكثر من مشاهدين برامجنا اليومية بما فيها المسلسلات الرمضانية الهندية. وبذكر البرنامج، لماذا لا نأتي على برنامج «واجه واربح» الذي انقطع البث فيه ليلة الثلثاء الماضي، ووصلتنا أخبار أن الكلب الذي يظهر في واجهة البرنامج قضم الأسلاك، وقطع البث المباشر وغير المباشر ولا ندري لماذا يظهر الكلب الشرس أساسا في البرنامج. وما القضية في الـ 3 آلف دينار التي توضع على المنضدة يوميا، والله «شي يفشل». نحن نطمح أن نصل إلى مستوى سينما بلاد الشام، مسلسلات تجبر المشاهد على متابعة الحلقات، وإن كانت تعتمد في بعض الأحيان على سرد تاريخي مغلوط. لكن يبدو أن هذا حالنا نحن في البحرين، لا التلفزيون سيتطور، ولا منتخبنا سيفوز‡
إقرأ أيضا لـ "عبدالله الملا"العدد 1498 - الخميس 12 أكتوبر 2006م الموافق 19 رمضان 1427هـ