ينظر إلى دور صناع السوق في أسواق الأسهم كمنظم للأسعار إذ لا يكتفي بالتداول صانعوالأسهم المعروضة بل ويسعون الى تحديد أسعارها وفق دلالات ومعطيات يقومون بدراستها وتحليلها. وفي حين شهدت الكثير من أسواق الأسهم الخليجية تطوراً مهماً في أنشطة الأسهم، ووضعت القوانين واللوائح التي تنظم هذه الأنشطة وغيرها من المستلزمات، فانها افتقدت الدور الفاعل لصناع السوق، ويمكن القول انعدام هذا الدور في معظم الحالات، إذ اقتصر الأمر على الدور الذي يقوم به الدلالون.
إن صناع السوق لكي يقوموا بدورهم الذي تطرقنا له بحاجة إلى توفير الكثير من الاشتراكات الذاتية والموضوعية، وأن غياب الكثير منها في أسواق الأسهم الخليجية يفسر إلى حد كبير أسباب غياب الدور المطلوب لصناع السوق فيها.
إن صناع السوق عندما يقومون وبصورة يومية بتحديد أسعار البيع والشراء للأسهم فانهم بحاجة للتعرف إلى العوامل المؤثرة على السعرين، مما يعني توافر الكثير من البيانات المالية بشأن هذه الأسهم وأسواق الأسهم والأنشطة الاقتصادية لكي يصل ومن ثم الى تحديد السعر الحقيقي للأسهم. وضعف هذا الجانب في أسواق الأسهم الخليجية يعود الى شقين الأول موضوعي ويتعلق بضعف تدفق البيانات المالية المطلوبة من مصادرها الأصلية والثاني ذاتي ويتعلق بضعف القدرات المهنية المحلية المطلوبة لاداء وظيفة صانع السوق. لذلك فان مقدار توافر البيانات يعد محدد رئيسي لنجاح انشطة صناعي السوق. وعلاوة على أهمية المعلومات فان حجم رأس المال لصانع السوق يعد مهم جداً. ويعتمد حجم رأس المال المطلوب على عدد الاوراق المالية التي يكون صانع السوق مختصاً لها وعلى احجام التداول في كل منها وعلى السوق الذي يتم التداول فيه. الا اننا نتوقع أن متطلبات حجم رأس المال، وبالمعايير النسبية، ستكون أكبر في أسواق الأسهم الخليجية إذ لا يتوقع تكرار عمليات البيع والشراء لنفس الورقة المالية في الوقت نفسه بل في اوقات متباعدة نسبياً مما يعني أن معدل دوران الاستثمار لرأس مال صانع السوق في هذه الأوراق سيكون أبطأ مقارنة بالأسواق المتقدمة.
وبالإضافة الى هذين العاملين تبرز اشتراطات موضوعية هامة أخرى لنجاح وظائف صناع السوق وهي توافر الضوابط واللوائح التي تحمى اطراف عملية التداول أهمها هنا تلك الخاصة بمنع المتاجرة بناء على معلومات غير متاحة للاخرين Insider Trading وكذلك تهيئة الآليات الضرورية التي تجعل صناعة السوق ممكنة. وأخيراً يشار هنا انه وفي ظل غياب دور صناع السوق في أسواق الأسهم الخليجية يحاول الوسطاء أن يلعبوا دوراً مقارباً لدور صناع السوق من خلال إدارة محافظ خاصة بهم، أو أن يكونوا أطرافاً في صفقة شراء او بيع حينما لا يتوافر طرفها الآخر.
وبدلاً من منع ذلك كما هو حاصل حالياً، فانه يجب تقنيين هذا الدور وتنظيمه لكي يؤدي الوسيط دوراً متمما لصانع السوق، ويساهم من ثم في توفير المزيد من السيولة للسوق، خصوصاً أن هذا الاتجاه، أي اتجاه دمج وظيفة الوسيط مع وظيفة صناع السوق في مؤسسة واحدة تقدم خدمات متكاملة وشاملة للمستثمرين أصبح اتجاها عالميا سائدا مع وضع نظام رقابي يفصل بين الوظيفتين تجنبا لمشكلة تناقض المصالح بين الوسيط والمستثمر كما هو حاصل حالياً في الكثير من الأسواق المالية المتقدمة
إقرأ أيضا لـ "علياء علي"العدد 1497 - الأربعاء 11 أكتوبر 2006م الموافق 18 رمضان 1427هـ