العدد 1497 - الأربعاء 11 أكتوبر 2006م الموافق 18 رمضان 1427هـ

الوفاق... ووهم «الحزب»

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

المتتبع للساحة السياسية، يدرك ان «الوفاق» هي ابنة شرعية وطبيعية لحركة التسعينات، وهي الجيل الثالث في سلسلة الحركات الإسلامية السياسية (الشيعية)، الذي حاول التغلب على «أخطاء» الجيل الأول والثاني ذوي النهج الحزبي «المغلق»، فانفتحت الحركة على الجمهور لتعتمد على تيار البحر الواسع. هذا التيار الشعبي كان المصدر الأكبر لقوتها وعنفوانها، ورافقت ذلك أطروحات لم تخلُ أحياناً من تطرّف في الاستهانة وتحقير العمل الحزبي، حتى يشعر المرء بأن كلمة «حزب» أو «تنظيم» رجسٌ من عمل الشيطان.

اليوم، بعدما بدأت «الوفاق» ترتّب أوراقها لدخول البرلمان، تجد نفسها وجهًا لوجه في مواجهة التيار وتفاعلاته، مع كل ما يخلقه ذلك من تناقضات ومتاعب وتنكيدات.

قبل أشهر، انتقدنا اشتراط البعض بأن يحوز المرشح «تزكية» المجلس العلمائي، (مع احترامنا التام للعلماء وللمجلس كمؤسسة)، فالنتيجة الطبيعية لهذا الطرح سلبيةٌ على مستوى الوطن، وأول الغيث تفكّك قوى المعارضة الوطنية (التحالف الرباعي)، الذي يمكن أن يكون مشروع نواةٍ أوليةٍ للدفاع عن مصالح هذا الشعب ومستقبله على المستوى البعيد، قبالة مشروعات المتنفذين والقوى السياسية التقليدية «المتنفّعة» من اختلال الموازين في التمثيل الشعبي. وهو أمر ستشارك «الوفاق» في استمراره بسبب انغلاقها على نفسها في قضية الترشيحات، تحت شعار مفكك وهو اننا «حزب»، ولا يمكن لحزبٍ أن يتنازل لحزبٍ آخر في انتخابات... (ولو سالت الدماء)!

التمثيل المذهبي الضيّق سيأخذنا حتمًا كشعبٍ إلى الفخ الطائفي المنصوب لنا جميعاً، ففي الوقت الذي انتهت الحكومة من ترتيب أوضاع «الموالاة»، تعجز «المعارضة» عن الاتفاق على أبسط متطلبات التعاون والتنسيق، ويحل التنازع محل التحالف. و«الوفاق» التي وُلدت في أعقاب تجربة التسعينات من نظرية تقول بضرورة تجاوز «الحزبية»، أصبح يسيطر عليها «وهم الحزب» في الأسابيع الأخيرة! وهو «وهْمٌ» ستدفع ضريبته غاليًا في الاستحقاق الانتخابي المقبل، بل إنها بدأت تدفع أقساط ذلك من الآن.

البعض يلوم «الوفاق» لـ «تكبرها» وعدم نزولها إلى الجمهور لاستشارته في اختيار المرشحين، وهي تدافع عن نفسها بأنها درست كل الأوراق بجدية واختارت «الأفضل» أو «أفضل الموجود»، وهو أمرٌ لا يقنع الكثيرين، وخصوصاً عندما يتبين أن هناك تنازلاً عن أكثر من مرشح كفء لصالح آخر خوفاً من سلاطة لسانه أو اتقاءً لشرّه!

«الحزبية» التي حاولوا إقناعنا بها قبل أشهر لإسكات الانتقادات، تكشف الآن عن واقعٍ فاضحٍ من دون مكياج. فهناك عدة احتجاجات و«إشكالات» و«إربكات» في مناطق تعتبر من مواقع «الوفاق» المغلقة. ومن دون الدخول في التفاصيل، هناك توبلي وعالي والجفير والنعيم و... حتى السنابس (من معاقل الانتفاضة التي كان يُحرم بعض أبنائها من الدراسة بالجامعة بسبب «مناطقي» بحت)! لكن ما يجري يعكس حالاً من «التفلت» و«التمرد» البعيد عن كل معايير «الحزبية» التي تدعيها «الوفاق« وتراهن عليها، إلى درجة أن يحشد أحد المرشحين عشرةً من أنصاره للتظاهر أمام مقر «الوفاق»، أو يجمع مرشحٌ آخر توقيعات على عريضة، استقواءً على منافسه واحتجاجاً على عدم اختياره. فنحن أمام ظاهرةٍ تنمّ عن حالةٍ من الطفولة الحزبية والمراهقة التنظيمية، فكل من لم يقع عليه الاختيار يلجأ إلى التظاهر أو تدشين عريضة أو النزول مستقلاً ضد رغبة «الحزب»، لأنه يرى في نفسه المنقذ الأول من الضلال.

إذًا... أنت أمام هذا الواقع غير المشجع وعلى الوفاق، وهي تشمر عن ساعديها لدخول معركة الانتخابات، أن تتشافى من هذا «الوهم» أولاً لكي تضمن أكبر عدد من المقاعد في البرلمان

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 1497 - الأربعاء 11 أكتوبر 2006م الموافق 18 رمضان 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً