تشير نتائج الناتج المحلي الإجمالي للعام 2005 إلى تسجيل ارتفاع نمو مريح في قطاع الأنشطة العقارية وخدمات الأعمال. فقد بلغت مساهمة القطاع 8.48 في المئة في العام 2005 من مجموع الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة، أي تلك المعدلة لعامل التضخم. وعليه يمثل هذا الرقم تراجعًا محدودًا مقارنة بالعام 2004 إذ شكل القطاع 8,57 في المئة من الناتج المحلي. ويبدو أن الأمر كان مرتبطًا أساساً بتسجيل نمو أكبر في الناتج المحلي إذ حقق نموًّا قدره 7,8 في المئة.

على كل حال تعتبر مساهمة قطاع الأنشطة العقارية وخدمات الأعمال في الناتج المحلي كبيرة نسبيًّا. فقد حلت في المرتبة السابعة من حيث الأهمية بعد الخدمات المالية والقطاع العام والصناعة والتجارة والنفط والغاز والاتصالات والمواصلات.

تعزيز الأنشطة العقارية

ويلاحظ من الجدولين المرفقين أن الأنشطة العقارية تسيطر على مكونات هذا القطاع. فقد ساهمت هذه الأنشطة بـ 238 مليون دينار، أي 80 في المئة من المجموع. وبلغت القيمة الكلية لقطاع الأنشطة العقارية وخدمات الأعمال 296 مليون دينار في العام 2005.

ويبدو جليًّا من الإحصاءات المتوافرة وجود رغبة بين عدد لا بأس به من البحرينيين للانخراط في الأنشطة العقارية. وبحسب إحصاءات وزارة الصناعة والتجارة تم استصدار 958 سجلاً في العام 2005 بزيادة 270 سجلاً، مقارنة بالعام 2004 للأغراض المتعلقة بالأنشطة العقارية والإيجار والمشروعات التجارية، ما يعني تسجيل نسبة نمو بنحو 40 في المئة في غضون سنة واحدة. حقيقة تشير الأرقام الرسمية إلى أن السجلات التجارية الممنوحة للأنشطة العقارية وخدمات الأعمال تأتي في المرحلة الثالثة من حيث الأهمية بعد تجارة الجملة والتجزئة وإصلاح المركبات والدراجات النارية والسلع الشخصية والأسرية إضافة إلى الإنشاءات.

قيمة تداول الأراضي

ولا يحتاج المرء إلى أن يبذل جهدًا كبيرًا حتى يقف على السبب الرئيسي للاندفاع نحو استصدار السجلات التجارية في مجال الأنشطة العقارية. والإشارة هنا إلى مسألة التداول في الأراضي. استنادًا إلى الأرقام الصادرة من قبل جهاز المساحة والتسجيل العقاري، فقد بلغ مجموع قيمة العقارات المتداولة في العام 2005 تحديدًا 517 مليون دينار، مسجلاً نموًّا قدره 20 في المئة. ويبدو أن الزيادة مرتبطة إلى حد كبير باستمرار ارتفاع أسعار العقار في البلاد.

وطالما الحديث عن العقارات، فلا بأس بالإشارة إلى بعض المعلومات الحيوية الأخرى في المجال نفسه. فقد بلغ عدد المعاملات المتداولة 3935 معاملة في العام 2005 أي أقل من العام 2004 إذ تم تسجيل 4408 معاملات. وهذا بدوره يفسر قولنا إن نمو قيمة العقارات المتداولة يعود إلى حدٍّ ما إلى ارتفاع قيمة العقارات.

من جهة أخرى، بلغت قيمة العقارات المتداولة للبحرينيين 462 مليون دينار مقابل 55 مليون دينار لغير البحرينيين. وتظهر هذه الأرقام أن البحرينيين هم من يتعاملون بعمليات بيع وشراء الأراضي وليس الآخرون، وعليه يجب عدم توجيه اللوم لجنسيات أخرى بالوقوف وراء ارتفاع أسعار العقارات في البلاد. بيدَ أنه يقول بعض الوسطاء في سوق العقارات إن الحجم الحقيقي للتمليك الخليجي أعلى بكثير مما تشير إليه الأرقام. ومردٌّ ذلك قيام بعض المستثمرين الخليجيين بمنح توكيل إلى نظرائهم البحرينيين للمتاجرة في العقارات لأسباب عملية منها انشغال هؤلاء بأعمالهم التجارية المتنوعة.

حرية التملك في البحرين

يشار إلى أن القوانين المعمول بها في البحرين تمنح مواطني دول مجلس التعاون الحرية الكاملة في شراء و بيع العقارات. ولم تفلح جهود مجلسي النواب والشورى في إقناع الحكومة بتحديد ملكية رعايا دول المجلس بـ5 آلاف متر مربع حدًّأ أقصى. المعروف أن بعض المستثمرين من دول مجلس التعاون يرغبون في العادة في شراء أراض كبيرة نسبيًّا ومن ثم إعادة تقسيمها وبالتالي بيعها على الآخرين. يذكر أن البحرين غير ملزمة في الوقت الحاضر بالسماح لرعايا دول المجلس حرية التملك إذ إن ذلك من شروط مشروع السوق المشتركة بين دول مجلس التعاون الخليجي الذي سيدخل حيز التنفيذ في نهاية العام 2007.

ختامًا، الصواب هو أن يحصل القطاع الخاص على حقه الطبيعي في الحياة التجارية في البلاد. في المقابل يجب أن ينحصر الدور الحكومي في توفير الأجواء المساندة لمؤسسات القطاع الخاص لممارسة نشاطها. وتتمثل الأجواء المناسبة في التأكد من وجود قوانين وتشريعات تعزز من الانخراط في الأنشطة التجارية، فالوظيفة الحقيقية للقطاع العام هي توفير البيئة التنافسية الصحية وترك الباقي للقطاع الخاص