العدد 1496 - الثلثاء 10 أكتوبر 2006م الموافق 17 رمضان 1427هـ

العنف ضد الأطفال

لويز اربور comments [at] alwasatnews.com

مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان

يغطي ستار من الصمت العنف ضد الأطفال، غير أن الإساءات منتشرة على نحو كبير لا يمكن لأي بلد ان يتجاهلها، ولا يمكن لمجتمع أن يزعم انه يتمتع بحصانة ضدها، وعلى رغم القبول شبه العالمي الذي يحظى به اتفاق حقوق الطفل، فقد ظلت المبادرات الملموسة التي قدمتها الحكومات لمواجهة مثل هذا العنف غير كافية، ان غض الطرف عن هذه الظاهرة او الادعاء بالجهل بحدوثها وبعواقبها اصبح امراً بالغ الصعوبة الآن، فبعد ما يزيد على ثلاث سنوات من العمل يقدم التقرير العالمي بشأن العنف ضد الأطفال، وهو دراسة اعدتها الأمم المتحدة ستنشر في 11 أكتوبر/ تشرين الأول، بياناً شاملاً بالأسباب الجذرية لهذه المشكلة وعواقبها، وبما انها تعتبر ان مثل هذا العنف لا يمكن تبريره مطلقا فهي تقدم مجموعة من التدابير التي قد تحول دون المصادر وتحد من حجم الاساءات. كما تجمع الدراسة احصاءات ومعلومات موجودة فعلا من مجموعة متنوعة من المصادر كما تجمع التجارب والنهج الخاصة بحقوق الإنسان، والصحة العامة، وحماية الطفل لكي تعطي صورة عالمية الملامح لهذه المشكلة المعلقة. وتوثق هذه الدراسة انه في العام 2002 تعرضت 150 مليون فتاة و73 مليون فتى لتجربة الاتصال الجنسي بالاكراه واشكال أخرى من العنف الجنسي، وتعرضت ما بين 100 إلى 140 مليون فتاة وامرأة لشكل من أشكال ختان الاناث، وانه من بين الـ 214 مليون طفل الذين كانوا يعملون في العام 2004 كان 5.7 ملايين طفل يعملون بالسخرة او بموجب عقد اذعان في العام 2000،و1.8 مليون في الدعارة والتصوير الفاضح وكان 1.2 مليون ضحايا للتهريب، ويستخلص الخبير المستقل الذي عينه السكرتير العام للأمم المتحدة للاشراف على هذه الدراسة باولو سيرجيو بينهير، ان الأطفال يتحملون العنف في صمت ويأس بسبب الشعور بالخزي والخوف من العقاب، ولان مثل هذه الإساءات تكون في بعض الاحيان مسموحا بها من قبل الدولة ومقبولة بوجه عام في مجتمعهم.

إن الفشل في حماية الأطفال يبدأ عند أولئك المسئولين بشكل مباشر عن سلامتهم او أمنهم في الأسرة والمدرسة، والمجتمعات التي يعيشون ويعملون بها، بل إن الدراسة تشير حقاً إلى ان »غالبية الافعال العنيفة التي يتعرض لها الأطفال يرتكبها اشخاص يشكلون جزءاً من حياتهم«، لكن سلسلة المسئولية في نهاية المطاف تنتهي عند الدول التي يقع عليها

طبقاً لقوانين حقوق الانسان الدولية الالتزام بتوفير بيئة يمكن للأطفال ان يتمتعوا فيها بحقوقهم بشكل كامل من الشعور بالخوف من الإساءة والعقاب. ويوفر اتفاق حقوق الطفل الاطار القانوني الاكثر شمولاً لمواجهة العنف ضد الأطفال، إذ إن نصوصه تحميهم من الإساءة الجسدية والذهنية والاصابة والتجاهل وإساءة المعاملة والاستغلال بما في ذلك الاكراه الجنسي. ويلزم الاتفاق ومعها اتفاقات أخرى الحكومات ان تتصرف بحزم وحسم لضمان ان يمتنع ايما شخص يرعى طفلاً ولو حتى لفترة قصيرة عن السلوك المسيء. غير أن الكثير من الدول في تشريعها القومي وممارستها قد اوجدت استثناءات على نصوص الاتفاق، فبعض الحكومات راغبة عن التدخل في الاطار الخصوصي لحياة الأسرة ومساءلة اولئك الذين يقترفون اعمال العنف داخل المحيط المنزلي »المقدس«. ويركز التشريع الذي واجه العنف ضد الأطفال في كثير من الدول على العنف الجنسي أو الجسدي، لكنه يتجاهل العنف النفسي والتجاهل هذا بينما تفتقر بلدان أخرى الى الأمن اللازم توافره لايجاد الحماية الفعالة، او القدرة والهياكل التي تعطي قوة لتدابير الوقاية وآليات الحماية ونتيجة لذلك فإن عددا لا حصر له من الأطفال مازالوا يعانون يومياً حول العالم حيث خيارات التماس المساعدة قليلة أو منعدمة، بينما يبقى معذبوهم سالمين من الأذى. ويعد فرض عقوبة الاعدام ضد القصر هو ابشع مثال على الإساءة التي تقوم بها الدول، وتتضمن العقوبات الأقل حدة، في بعض البلدان الجلد، والرجم والبتر، بل إن التدابير التأديبية التي قد تصل إلى المعاملة أو العقاب القاسي، والمهين، وغير المألوف تعتبر قانونية ومطبقة في المؤسسات الجزائية فيما لا يقل عن 77 بلداً، وكل هذه الممارسات تناقض بشكل صارخ قانون حقوق الانسان الدولي. وليس من قبيل المفاجأة ان الفتيات، والأطفال المعوقين و المنتمين إلى الاقليات ومجموعات أخرى مهمشة مازالوا الاكثر تعرضاً للعنف، سواء كأهداف للإساءة أو كضحايا لتجاهل الدولة مسئوليتها بالقيام بتوفير الحماية والعدل الضروريين لهم. وتسهم التفاوتات المتزايدة في مستويات الدخل والاستفادة من العولمة، والهجرة والأمراض الوبائية في خلق مناخ من انعدام الأمن والنزاع الذي يؤثر - أحياناً على نحو غير متكافئ - على حقوق الأطفال بما في ذلك الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وإزاء هذه الخلفية البائسة تندب الدراسة الافتقار إلى المعرفة بالأسباب الجذرية للعنف ضد الأطفال وفهمها وتشير إلى انه حتى حينما تقوم الدول بوضع سياسات لمواجهة الإساءات، فهي كثيراً ما تفعل ذلك بطرق وباستخدام اساليب جزئية ناقصة وتفاعلية بدلاً من الطرق والاساليب الشاملة والوقائية. فلكي ترجح كفة الحماية الفعالة يبنغي على الدول ان تترجم التزاماتها بموجب قانون حقوق الانسان الدولي إلى سياسات وافعال وان تقيم اولوياتها وتكف عن لوم او تجاهل الضحايا وان تقوم بدلاً من ذلك بمعاقبة مقترفي اعمال العنف والإساءة. وبهذا فإن دراسة الأمم المتحدة تقدم كنزاً من التوصيات بما في ذلك التدابير الوقائية وآليات المتابعة لضمان ألا يترك الاطفال من دون حماية، لقد ساهم ما يزيد على 3 آلاف فرد في هذه الدراسة. بما في ذلك الأطفال تقدموا للمشاركة بعد أن خلعوا عباءة الخوف والخزي، وقدموا بياناً تفصيلياً لمعضلتهم يبنغي ان نصغي إلى كلماتهم واحتياجاتهم فهم في نهاية الأمر أحسن من يعلم

العدد 1496 - الثلثاء 10 أكتوبر 2006م الموافق 17 رمضان 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً