ها هي مضامين التطوير البرامجي في تلفزيون البحرين، التي يشرف عليها خبراء الإعلام المستقدَمون من الخارج، مضافًا إليها خطط التطوير، التي تحدث البعض عن أنها تروم/تخطط/تعمل/تنفذ للارتقاء بإعلامنا التلفازي إلى مصاف الفضائيات العربية، تتحول بجهازنا التلفزي إلى مجرد سلسلة من برامج جوائز »الدينار« في الشارع عربيًّا، وداخل المطاعم في نسختنا التلفزية الإنجليزية.
مضامين الإعلام الحديث - التي كنَّا نجهلها - هي أن يتحول جهازنا التلفزي إلى سوق توزيع أموال هنا وهناك، ولعلَّ الإنجاز الأخير في الأهداف القابلة الإستراتيجية للقائمين على البرامج هي أن يتراكض البحرينيون خلف سيارات النقل التلفزيوني أملاً في بعض الدنانير. هكذا تحول تلفزيون العائلة العربية إلى تلفزيون مشاهدة توزيع »القفات« من جهة، و«الأسئلة« السريعة التي تأتي أرباحها سريعاً و«كاش« من جهة أخرى!
ليست القسوة على الوجوه الإعلامية الجديدة في تلفزيون البحرين، ما أبحث عنه هنا، كنا - كمواطنين - نبحث عن إعلام مسئول، مثقف، وذكي. ولمَّا فقدناه، بدأنا نسأل عنه، وإذا كانت هذه الوجوه الشابة - التي نتمنى نجاحها - هي ممر سؤالنا الثقيل، فهي بالتأكيد، ليست مركزة.
مركزية السؤال عندي، هي الإعلام نفسه، لا بوصفه وسيلة إخبارية، أوترفيهية فحسب. لكن، بما يحققه هذا الإعلام التلفزي من تعايش حقيقي lu مجتمعه الذي أنتج منه، والذي - من المفترض - يعود إليه. مركزية السؤال بالنسبة إلى البحرينيين هي »ماهية« المحتوى الإعلامي، لا تقنياته، أوأجهزته، أوحتى طرق »الاستظراف« المصطنع، أو الثقيل.
»قفة« الدنانير تلك، حين كانت تتجه إلى آبائنا الكبار على ساحل المحرق ودور صناعة الفخار وبساتين النخيل لتعرض أنماط حياتهم، ومحطات الأمس المتصلة حتى اليوم، كانت تحمل ماهية الإنسان البحريني، وكان تاريخ الإنسان البحريني محط تقدير. أما وأصبحت »قفة« الدنانير هي »الماهية« و«المركز«، على حساب البحريني »الطارئ« أو«الهامش«. فالأمر لا يزيد اليوم عن برامج »استفزاز«، فلسنا نحن ،البحرينيين، من سيصفق لإعلام تلفزي لا يملك - حيال إرضاء عقولنا وحاجاتنا الإعلامية - إلا أن يستهوينا بدنانير الشارع، والساحات، وفضاءات المطاعم.
المعنيون بسؤالنا، هم منتجو الأفكار، خبراء الإعلام المرئي، أولئك الذين سينقلوننا إلى فضاءات الإعلام الجديد، أولئك الذين يختارون مضامين المنتج الإعلامي ويخططون له، أولئك الذين نتمنى منهم أن يتفهموا أن الطاقات التي يديرونها »ثمينة«، تستحق منهم أن يحاولوا إنتاج ما هو أفضل، ولا أقول أروع. هذا الفهم لن يتحقق، إلا حين يدرك البعض أن من يشاهدون شاشات أجهزتنا الإعلامية لا ينتظرون من تلفزيون البحرين »قفة« عربية، أودنانير مطاعم »إنجليزية«
إقرأ أيضا لـ "عادل مرزوق"العدد 1496 - الثلثاء 10 أكتوبر 2006م الموافق 17 رمضان 1427هـ