يمكن تشبيه تصريحات وبيانات صحافية تصدر بين الفينة والأخرى لمترشحين ومترشحات وكأنها حال لاعب كرة قدم من الهواة يستعد لركلات جزاء في مباراة ودية لا يهم كثيراً ان احرز فيها هدفاً أم لم يحرز، وهي مع أهميتها بالنسبة لهم، لكن البعض لا يحسن التعامل بفن في التصويب نحو المرمى، فيأتي تصريح مترشح هنا على هيئة شكر وثناء ويأتي تصريح آخر ذكي الى درجة ما، فيما تأتي بعض التصريحات وكأنها الضربة القاضية للراغبين في الترشيح من أولها!
واستنارة بنصائح العارفين وذوي الخبرة، يقدم مترشح أو مرشحة على ارسال بيان صحافي للإعلان عن الترشيح في الصحف اليومية، وعادة ما يكون متضمناً لبضع بنود من البرنامج الانتخابي، فالكثير من المترشحين والمترشحات اقتنعوا بكلام أهل الخبرة والمعرفة - وخصوصاً الإعلاميين منهم - بأن الطلعة البهية والتصريح الأول القوي (الناري) هو المفتاح لقلوب الناخبين في الدائرة... يصيب تارة ويخطئ تارة أخرى، وما أن يقع الخطأ حتى يبدأ المترشح في اصلاح ما أفسده التصريح ويسعى لترقيع زلة اللسان التي وقع فيها، لاسيما بالنسبة إلى من اصدر تصريحاً غير دقيق في قضايا حساسة ومهمة مثل التجنيس وثنائية المشاركة والمقاطعة والتصويت الإلكتروني ليصطاده الناس في مجلس هنا أو هناك ليمطروه بالأسئلة والانتقاد والتسرع ويجعلوه يسب اليوم الذي فكر فيه بترشيح نفسه، أو على أقل تقدير، يبذل قصارى جهده ليهرب من ذلك المجلس لحفظ ما تبقى من ماء الوجه.
من بين تلك التصريحات، ما أعلنه مترشح للمجلس البلدي من أنه سيسعى إلى نقل الحظائر التي تسبب مشكلات للأهالي، لكنه تفاجأ بأن العدد الأكبر من الأصوات التي يمكن أن تنفعه هي أصوات (شباب الحوطة) الذين توعدوه بالويل والثبور إن فكر (مجرد تفكير) في طرح موضوع نقل الحظائر ولو ضمن كتيب انتخابي وكأن لسان حاله يقول: «كان الأفضل لي لو قلت أنني سأنقل المنطقة السكنية لضمان راحة الخيول والحمير والبط وقطيع الأغنام»، لكن (لو) التي تفتح عمل الشيطان جعلته يعيد حساباته من جديد.
مترشح آخر، أصبح يتجول في المجالس ويلتقي بالناس وخصوصاً الشباب ليسألهم : «سأرشح نفسي في الانتخابات القادمة لذلك أريد أن أستشيركم في الموضوعات التي يمكن أن أدرجها ضمن برنامجي الانتخابي»، وعلى رغم أن نية الرجل الصادقة في تطبيق المثل القائل: «ما خاب من استشار»، فإنه وجد الهمز واللمز في غير صالحه حين صار البعض يصفه بالقول: «يوم إنك مو قد الشغلة، وتبغي الناس تكتب لك برنامج انتخابي، ليش ترشح نفسك؟».
حتى لو سعى مترشح إلى مغازلة الناخبين بتصريحات تلو الأخرى يظهر فيها المدافع عن حقوق الناس وكشف أخطاء الحكومة، فكلمات مثل «طرزان» أو «بو شلاخ» لن تكون بعيدة عنه، فيما الأخطر في المسألة هو أولئك الذين يتقربون من الناخبين طبقاً للتصنيف المذهبي، فهذا مترشح يذهب للمواطنين السنة يؤلبهم فيها ضد الشيعة وذاك مترشح يذهب للشيعة مؤلباً ضد السنة والاضطهاد والحرمان من الحقوق، ويبقى الأمر في يد الناخبين الذين يجدون بين الحين والآخر ما يتندرون به كقصص طريفة لقتل الملل
العدد 1496 - الثلثاء 10 أكتوبر 2006م الموافق 17 رمضان 1427هـ