قال الأمين العام لجمعية المنبر الديمقراطي التقدمي حسن مدن: »إن المعطيات تشير إلى أن مترشحين كثيرين من المحسوبين أوالقريبين من الموقف الرسمي ستكون لهم حظوظ وذلك من خلال استفادتهم من الدعم الذي سيوفر لهم«. وتوقع أن يكون البرلمان المقبل خليطاً من التشكيلات ولكن بغلبة إسلامية حكومية. مضيفا »ما لم يتوحد التيار الديمقراطي والليبرالي قبل الانتخابات ويوحد جهوده فإن المجلس المقبل لن يكون المجلس الذي نعول عليه كثيرًا في الدفع بالعملية الديمقراطية إلى الأمام«.
وقال في لقاء مع »الوسط«: »إن جزءاً كبيرًا من القاعدة الانتخابية التي صوتت في الانتخابات السابقة للقوى الدينية ترى أن هذه القوى خيبت أمالها بأدائها في المجلس لأنها لم تركز على القضايا الحيوية للناس والمجتمع وانصرفت إلى قضايا هامشية وغير جوهرية ربما تعيد المجتمع إلى الوراء«. مؤكدًا أن القوى الديمقراطية ستكون رقمًا صعبًا في الحياة السياسية في البلاد لأنها مكون أساسي من مكونات المجتمع البحريني وتمتلك تراثًا نضاليًّا وسياسيًّا مهمًّا غير متيسر للكثير من القوى الجديدة على العمل السياسي.
وأضاف »إن التحالف الرباعي هو صيغة تمثل مرحلة معينة وهذه المرحلة انتهت بانتهاء المقاطعة والمشاركة وعلى القوى الوطنية والجمعيات السياسية الآن أن تبحث عن صيغ للعمل الوطني المشترك الأوسع القادر على استيعاب المستجدات وذلك ما سيفرض نفسه موضوعياًّ مع خروج نتائج الانتخابات للمجلس المقبل«. وفيما يأتي نص اللقاء:
* في تصريح سابق لكم قلتم إن الحركة الديمقراطية ستكون رقمًا صعبًا في الحياة السياسية في البحرين. من أين أتيتم بهذه الثقة؟
- ستكون رقمًا صعبًا لأن الحركة الديمقراطية مكون أساسي وأصيل من مكونات المجتمع البحريني وتمتلك تراثًا نضاليًّا وسياسيًّا مهمًّا غير متيسر للكثير من القوى الجديدة على العمل السياسي.
الأهم من ذلك أن التيار الديمقراطي يمتلك في تقديرنا الرؤية الوحيدة الجامعة التي يمكن أن تعبر عن البحرين كلها بأطيافها الطائفية والعرقية والدينية إذ إن هذا التيار تيار منفتح على التكوينات المختلفة للمجتمع البحريني ولا يبني برنامجه وفق أجندة فئوية أوطائفية وإنما وفق أجندة وطنية ديمقراطية تقدمية موجهة إلى المستقبل .
حتى الآن التيارات الأخرى لم تختبر بشكل كاف في المجتمع وسيكون المجلس المقبل محكًّا كبيرًا لهذه القوى لأن تظهر ما في جعبتها من أطروحات وبرامج ولكن أستطيع القول إن جزءاً كبيرًا من القاعدة الانتخابية التي صوتت في الانتخابات السابقة للقوى الدينية تقول الآن إن هذه القوى خيبت آمالها بأدائها في المجلس لأنها لم تركز على القضايا الحيوية للناس والمجتمع وانصرفت إلى قضايا هامشية وغير جوهرية ربما تعيد المجتمع إلى الوراء.
والتيار الديمقراطي يقدم البديل ولهذا التيار إمكانات فعلية متاحة كما أن لديه إمكانات كامنة لم يوظفها ويستثمرها بشكل كاف.
هناك قصور في أداء هذا التيار الديمقراطي من حيث إيصال برامجه وأطروحاته إلى الجماهير وهناك نوع من الانكفاء غير المبرر وهناك تردد في طرح برنامجه المستقل والواضح وأن ينهض بالدور الطليعي المنشود منه.
أنا أعتقد إذا استطاع التيار الديمقراطي أن يستنفر هذه القوى وأن يحسن من أدائه سيكون له حظ كبير من الحضور السياسي في المجتمع وخصوصاً أنه ليس تيارًا طارئًا وليس وليد الساعة، وعلى خلاف التيارات الأخرى فان لديه تقاليد في العمل الحزبي النضالي والسياسي والفكري غير متوافرة للآخرين.
وأشير هنا إلى أن تأثير أي تيار من التيارات لا يقاس بالضرورة بقوته العددية وإنما يقاس بتأثيره النوعي في المجتمع وأظن أن هذا الكلام يصح بدرجة كبيرة على المنبر التقدمي وعلى مجمل أطراف التيار الديمقراطي في البحرين.
* تصريحات النخبة التجارية في البحرين تقول إنهم سيدعمون التيار الليبرالي في البحرين، فهل هناك تنسيق بينكم؟
- هناك أشكال من الاتصالات جرت خلال الفترة السابقة بين القوى الليبرالية وبين رجال الأعمال وهناك وعود قيلت حتى في وسائل الإعلام عن استعداد هذه القوى للدعم ونأمل أن تجد هذه الوعود تطبيقًا فعليًّا لها على أرض الواقع. نرى أن هناك مسئولية كبرى تقع على النخبة التجارية الليبرالية المنفتحة أن تقدم الدعم الضروري للمرشحين ذوي التوجه الديمقراطي والليبرالي، وحان الوقت لأن تكف هذه النخبة عن سلبيتها وترددها في هذا المجال.
* ما هو شكل البرلمان المقبل في تصوركم من حيث تمثيل القوى السياسية في الساحة؟ وهل صحيح أن القوى الإسلامية ستسيطر على البرلمان المقبل بشكل شبه كامل؟
- اعتقد أن البرلمان المقبل سيكون خليطاً من التشكيلات ولكن بغلبة إسلامية حكومية.
ففي تقديري ان معطيات كثيرة تشير إلى أن مترشحين كثيرين من القريبين من الموقف الرسمي ستكون لهم حظوظ في الفوز وذلك من خلال استفادتهم من الدعم الذي سيوفر لهم، وبطبيعة الحال التيارات الإسلامية السنية سيكون لها حضور أيضًا ولكن ليس بالضرورة بالحجم الذي كان لها في المجلس السابق لحساب العناصر الأقرب للموقف الرسمي وسيكون هناك أيضًا حضور مؤثر للمعارضة ممثلة في جمعية الوفاق وفي التيارات الأخرى.
لماذا تظن أن التيار القريب من السلطة له حظوظ كبيرة؟ هل ذلك راجع إلى عملية التجنيس السياسي؟
- أعتقد أن الحكومة أصبحت لاعباً رئيسيًّا أكثر من الدورة السابقة في العملية الانتخابية إن لم تكن اللاعب الأكبر وهي تملك مفاتيح كثيرة مثل الكتلة الانتخابية الكبيرة التي يمثلها من منحوا الجنسية البحرينية في السنوات الأربع الماضية ويساعدها كذلك توزيع الدوائر الانتخابية الحالي، بالإضافة إلى وسائل الدعم المختلفة اللوجستية والمادية التي من الممكن أن تقدم إلى المترشحين الذين قد ترغب الحكومة في إيصالهم إلى البرلمان.
لا أظن أن المجلس المقبل سيكون المجلس الذي نعوِّل عليه كثيرًا في الدفع بالعملية الديمقراطية إلى الأمام إذا لم تستطع القوى الديمقراطية والليبرالية التعاون والتنسيق المثمر قبل الانتخابات.
* هل معنى ذلك أن البرلمان المقبل سيكون أسوء من البرلمان السابق؟
- لنبتعد عن التقييمات من نوع أسوأ أوأفضل ولكن إذا انطلقنا من المعطيات المتوافرة الآن ومن طبيعة الحراك السياسي السابق للانتخابات فان ذلك يحملنا على الاعتقاد بأن المجلس المقبل سيكون في غالبه ببنية محافظة وموالية.
* ما هي الأسباب التي دعتك إلى عدم الترشح؟ وهل ذلك يرجع إلى الخوف من الفشل في الانتخابات المقبلة وخصوصًا أنك تمثل إحدى أهم الجمعيات السياسية؟
- بالنسبة إلى إنسان ينشط في العمل السياسي يجب أن يقصي عنه مسألة الخوف من الفشل، ولكن هناك صعوبات موضوعية بالنسبة لي ، فأنا أسكن في منطقة سكنية جديدة ولست معروفًا في هذه المنطقة بالشكل الكافي وسأصطدم شأني شأن الآخرين بمشكلات تحويل مكان السكن، وهذا يقودنا إلى التذكير بعيوب النظام الانتخابي المتبع الذي يقيد المترشح بالترشح في الدائرة التي يسكن فيها فقط، بينما كان النظام الانتخابي الذي اعتمد العام 1973يتيح للمترشح أن يترشح في أية دائرة يشاء، وهو نفسه النظام المتبع في دولة الكويت لأن النائب هو ممثل للأمة وليس لأبناء دائرته فقط... لكن بعيدًا عن هذا فإنني، للحقيقة، لم أفكر في مسألة ترشيح نفسي.
* لو عرض عليك مقعد في مجلس الشورى، فهل ستقبل ذلك؟
- بالنسبة إلى مجلس الشورى فان الجمعيات السياسية طالبت بأن يعاد النظر في تكوينه وفي قوامه وأن يكون هناك تمثيل للجمعيات السياسية والمهنية ليكون هذا المجلس الذي يفترض فيه أن يضم الكفاءات الأكثر تعبيرًا عن طبيعة التكوين السياسي والاجتماعي للمجتمع البحريني، ولكن فيما يتصل بي شخصيًّا ولكوني الأمين العام للمنبر الديمقراطي فان هذه المسألة لا أقررها شخصيًّا وإنما تعود إلى تقدير قيادة الجمعية.
* مع دخول جميع الجمعيات إلى المعترك الانتخابي، ما هو شكل التحالفات المقبلة؟ وهل سيدخل المنبر الديمقراطي في تحالفات جديدة؟
- أعتقد أن التحالف الرباعي هو صيغة تمثل مرحلة معينة، وهذه المرحلة انتهت بانتهاء المقاطعة. الآن على القوى الوطنية والجمعيات السياسية أن تبحث عن صيغ للعمل الوطني المشترك الأوسع القادر على استيعاب المستجدات وذلك سيفرض نفسه موضوعيًّا بظهور نتائج الانتخابات للمجلس المقبل، إذ سينشأ واقع جديد في البلد سيتطلب مثل هذا الصوغ بل أكاد أقول إن بوادر أو إرهاصات مثل هذا التوجه ستنشأ الآن.
* يرى البعض أن جمعية المنبر الديمقراطي فقدت الكثير من عناصرها ومؤيديها ما أضعف من موقعها بين الجمعيات السياسية؟ ما هو رأيكم في ذلك ؟
- في المؤتمر العام الثالث للجمعية نشأت بعض الإشكالات التي لم تعد سرًّا أحدثت بعض الإرباكات والضرر، ولكن استطعنا تجاوز هذه الإشكالات وأعدنا تشكيل المكتب السياسي، منذ شهر تقريبًا، بشكل يمنح صفة تمثيلية أوسع للمنبر وأعضائه واستعاد المنبر حيويته التي عرف بها.
أنا لا أوافقك على انه هناك ابتعاد من قبل الأعضاء، لقد تغلبنا على بعض مظاهر العزوف، ويجري العمل الآن بهمة ونشاط لمواجهة الاستحقاق الانتخابي الوشيك الذي يستحوذ على الجزء الأكبر من وقتنا واهتمامنا، ومن الطبيعي أن يؤثر ذلك على الأنشطة الأخرى في الفترة الحالية، ولكن لدى المنبر كل الإمكانات الذاتية والموضوعية لأن يبقى كما هو قوة سياسية فاعلة ومؤثرة في العملية السياسية في البحرين، بل أقول بثقة إن المنبر سيشهد في الأفق المنظور تطورًا نوعيًّا في أدائه وحضوره، وأحب أن أضيف أن الطرح السياسي المتزن للمنبر ورؤيته الديمقراطية تجعلانه قوة جاذبة لأعضاء وأنصار جدد، وخصوصاً من الشباب.
أما مسألة حجم الإقبال على العمل السياسي، فجميع الجمعيات تشكو منه، بما في ذلك الجمعيات الكبيرة جدًّا كجمعية الوفاق.
* البعض من أعضاء الجمعية لايزال متمسكاً بأفكار جبهة التحرير الوطني البحرانية ويرفض التوجهات الجديدة لجمعية المنبر... ألا يعني ذلك وجود تيار متشدد داخل الجمعية، وهل ذلك يهدد الهيكل العام للجمعية بالانشقاق؟
- جبهة التحرير هي تراثنا المشترك، إذ لا يمكن تصور المنبر الديمقراطي منفصلاً أو منقطعًا عن تاريخه المتمثل في جبهة التحرير، وفي البرنامج السياسي للمنبر هناك نص واضح ينص على أن المنبر الديمقراطي هو امتداد فكري وتنظيمي وسياسي لجبهة التحرير، ونحن شديدو الاعتزاز بهذا التاريخ ونستلهم منه الكثير من الدروس والخبرات والتجارب ويشرفنا أن نقدم أنفسنا إلى المجتمع بهذه الصفة.
أما من الناحية الفكرية والسياسية فإن هناك متغيرات على الصعيد المحلي والعربي والدولي وتطورات في بنية الفكر التقدمي الديمقراطي نفسه، الذي يحاول أن يستوعب هذه المتغيرات بعد سقوط الاتحاد السوفياتي وانتهاء الثنائية القطبية واجتياح العولمة لمكونات العالم الثقافية والسياسية والاقتصادية، وهذه المتغيرات الجوهرية لا تجابه المنبر وحده وإنما تجابه جميع الحركات التقدمية في البحرين وفي العالم العربي وفي العالم ونحن جزء من ذلك . وعلينا أن نقر بصعوبة التعاطي الخلاق مع هذه المستجدات لأن الحقل الفكري حقل معقد وصعب ولا يحل بالحسابات البسيطة ومن الطبيعي أن مثل هذه العملية تترك بعض آثارها على الأداء الفكري والسياسي، واختلاف الاجتهادات لا يخيفنا، بل إنني أراه طبيعيًّا وصحيًّا إذا ما جرى استيعابه ضمن قنوات الحوار الديمقراطي وضمن الرغبة في الفهم العميق لما يجري والتعاطي معه بما لا يمس انحيازنا العميق والأصيل إلى الفكر التقدمي وإلى هويتنا الوطنية والديمقراطية.
* أليست هناك مخاوف من أن ينحى هذا الأمر منحى انشقاقيًّا؟
- الانشقاق خط أحمر غير مسموح به. كل أعضاء المنبر على درجة عالية من المسئولية والحرص بحيث يحافظون على وحدة منبرهم ولا يفرطون فيها تحت أي ظرف، إن تجاوزنا السريع للإشكال الذي مرَّ به المنبر بالمزيد من وحدة الصفوف وبتمسك الجميع بالعمل تحت مظلة المنبر وبرنامجه دليل قوي على ذلك. أطمئنك على أن المنبر سيظل موحدًا وأكثر قوة في المستقبل.
* هناك أنباء عن توجه بعض الشخصيات لتشكيل حزب شيوعي بحريني سري ما هو موقفكم من ذلك؟
- ليس لدينا علم بذلك ولا علاقة للمنبر من قريب أو بعيد بمثل هذه الأطروحات التي لا نأخذها على محمل الجد. نحن على درجة عالية من الوعي والنضج والواقعية السياسية والاستيعاب الدقيق للمتغيرات بحيث لا يمكن أن يخطر ببالنا مثل هذا النوع من الأفكار، التيار الذي نمثله ناضل خلال خمسين عامًا في سبيل العلنية ولكي نعمل تحت الشمس وليس تحت الأرض لنتعاطى مع المجتمع ونقدم برامجنا إلى الشعب. السرية كانت مفروضة علينا ولم تكن خيارنا، ومن أهم ثمرات المشروع الإصلاحي لجلالة الملك هو أنه أتاح الإمكانية لأول مرة في تاريخ البحرين لأن تعمل القوى السياسية بصورة علنية. هذا هو الخيار الصائب ونحن نناضل من أجل توسيع نطاق الحريات لكي تتمكن القوى السياسية من أن تعمل بحرية أكبر، أما فكرة السرية فهي فكرة من الماضي. ولا ضرورة تنظيمية أو عملية لها. إننا نعمل بصورة شرعية وفق قانون الجمعيات السياسية الذي، على رغم كل تحفظاتنا على بعض مواده وسعينا إلى تغييرها، نراه شرَّع للمرة الأولى في البحرين العمل
العدد 1495 - الإثنين 09 أكتوبر 2006م الموافق 16 رمضان 1427هـ