على رغم كل المواقف التقليدية لقوى المعارضة في رفض التجنيس السياسي، فإن وجود نحو ألف ناخب جنسوا حديثاً سيغير من التحالفات الميدانية في بعض الدوائر التي تتقاطع فيها المعارضة مع المجنسين الذين يشكلون رقماً مهماً في كتلتها الانتخابية كالمنامة والنعيم ومدينة حمد ومدينة عيسى. ويتركز المجنسون في المحافظة الشمالية بالدرجة الأولى إذ وصلت هذه الزيادة فيها إلى ناخباً، وهي المحافظة التي تسيطر عليها «الوفاق» بشكل رئيسي.
ويؤكد مرشحون أن الوضع الميداني لكل دائرة يفرض نفسه على مرشحي الموالاة والمعارضة للتعاطي بواقعية مع شريحة المجنسين لضمان كسب ودهم أو وقوفهم على الحياد كحد أدنى.
وفيما ترفض «الوفاق» قرار اللجنة العليا للانتخابات بالسماح للمجنسين بالتصويت تدعو جمعية ميثاق العمل الوطني (القريبة من التوجه الرسمي) إلى إدماج المجنسين ضمن النسيج الوطني، مؤكدة أن المجنسين يشكلون جزءاً من المعادلة التي لا يمكن تجاوزها من أي طرف سياسي فحتى المعارضة ستضعهم في الاعتبار، وخصوصاً في الدوائر التي يشكل فيها المجنسون جزءاً مهماً من الكتلة الانتخابية.
الوسط - حيدر محمد
سيشارك نحو 17 ألف ناخب جنسوا حديثاً في الانتخابات النيابية المقبلة، وتشكل شريحة المجنسين رقماً مهماً في الكتلة الانتخابية لبعض الدوائر، وعلى رغم مواقف الجمعيات السياسية المعارضة بشأن رفضها لما تسميه التجنيس السياسي فإن الوضع الميداني لكل دائرة يفرض نفسه على مرشحي الموالاة والمعارضة للتعاطي بواقعية مع شريحة المجنسين لضمان وقوفهم على الحياد كحد أدنى.
وعلى رغم أن الدولة أعلنت على لسان وزير الداخلية أن التجنيس شمل 5000 فرد فقط خلال السنوات الأربع الماضية، فإن الإحصاءات تفيد بوجود زيادة غير طبيعية في الكتلة الانتخابية للعام 2006، وتتركز هذه الزيادة في المحافظة الشمالية بالدرجة الأولى إذ وصلت هذه الزيادة فيها إلى 9480 ناخباً، وهي المحافظة التي تسيطر عليها جمعية الوفاق بشكل رئيسي.
ويعود هذا الرقم كذلك إلى حملات التجنيس، سواء للمقيمين في البحرين من العرب والآسيويين، أو من القبائل التي تعيش خارج البحرين لكنها تمنح الجوازات لاعتبارات تقديرية.
وقد أثار تصريح عضو اللجنة العليا لسلامة الانتخابات والاستفتاء عبدالرحمن السيد بشأن السماح للمجنسين الجدد بالمشاركة في التصويت في الانتخابات المعارضة وعلى رأسها الوفاق، فقد اعتبر رئيس الملف النيابي الشيخ حسن سلطان أن ذلك يعد التفافاً على القانون وتأويله لصالح الجهة الحكومية وذلك بنية التأثير النهائي على نتائج الانتخابات وأنه مبني على رؤية ومحاولة للاستنباط وتأويل مقابل وجود نص قانون واضح في قانون الجنسية بعدم منح المجنس هذا الحق إلا بعد مرور عشر سنوات من حصوله على الجنسية ولم يتم إلغاء ذلك بموجب أي قانون.
ودعا سلطان اللجنة العليا لسلامة الانتخابات والاستفتاء إلى أن تتحاور مع القوى الوطنية كشركاء في العملية الانتخابية والعمل على إزالة أي مخاوف لدى الناخبين قد تسيء للعملية الديمقراطية وأن يعمل الجميع على تصحيح الأخطاء التي ارتكبتها الجهات التي كانت تدير العملية التمهيدية للانتخابات، كما دعا إلى إشراك منظمات المجتمع المدني في مراقبة العملية الانتخابية ومنحها مساحة حركة واقعية تتناسب مع حساسية العملية الانتخابية والإصرار على استبعاد الجمعيات المشبوهة الفاقدة للصدقية التي أثبتت كثيراً عدم حياديتها وانحيازها الواضح لأي موقف تبديه السلطة، بالإضافة إلى كونها متهمة في عمليات مشبوهة.
ويقول سلطان إن تصريحات السيد بشأن الإصرار على استخدام المراكز العامة في الانتخابات غير مبررة عدا استناده للمرسوم، في حين أنه يمكن للجنة رفع توصية لجلالة الملك لإلغاء هذه المراكز وذلك لصعوبة مراقبة التصويت فيها من قبل المرشحين، فهذه الدوائر قد ابتدعتها السلطة في انتخابات 2002 النيابية وذلك من أجل إزالة أي حرج قد يتعرض له المواطنون الراغبون في التصويت في دوائرهم التي تشهد حالة مقاطعة واسعة.
ويطرح سلطان سؤالاً عن الإمكان العملي للمرشحين ووكلائهم لمراقبة عملية التصويت مع وجود عشرة مراكز عامة للتصويت وفي ظل غياب رقابة حقيقية، ويضاف إلى ذلك كله إصرار الجهاز المركزي للمعلومات على عدم منح المرشحين قائمة مفصلة بأسماء الناخبين وعناوينهم، مشيرا إلى أن هذا كله يهز صدقية نزاهة الانتخابات.
ولكن على وجهة النظر الأخرى تتبنى جمعية ميثاق العمل الوطني(القريبة من التوجه الرسمي) وجهة نظر أخرى تدعو إلى إدماج المجنسين ضمن النسيج الوطني، ويقول رئيس الجمعية أحمد جمعة: نعم، نحن نتبنى إدماج المجنسين، فإذا كانت هناك تجاوزات في عملية التجنيس لدى بعض الأجهزة التنفيذية، فتبعات هذه التجاوزات لا يتحملها المتجنس.
ويوضح جمعة: ان تطور المجتمعات في أي بيئة كانت يرتكز على أسس عدة منها: وجود المجتمع المتسامح، وهذا ينطبق على البحرين، ولكن الحذر من أن تكون هذه المسألة لغما مؤقتا قد ينفجر إذا لم تعالج بصورة حكيمة وجدية.
ويشدد جمعة على التعامل مع مسألة من منحوا الجنسية البحرينية في إطارها الواقعي وان نسلم بتأثيرهم في النسيج البحريني، فطالما منحوا هذا الجنسية لن يكون هناك أي مجال لعدم وضعهم في الاعتبار، وبالتالي يشكلون في الوقت الحالي وضمن الانتخابات جزءاً من المعادلة التي لا يمكن تجاوزها من أي طرف سياسي حتى المعارضة ستضعهم في الاعتبار، خصوصا في الدوائر التي يشكل فيها المجنسون جزءاً مهما من الكتلة الانتخابية، وهناك أيضا تأثيرات في تحديد مسارات السياسة من خلال وجود ما يسمى بـاللوبيات، لهم تأثير على مجمل الوضع السياسي والاجتماعي والاقتصادي، ومن الضرورة بمكان أن يتم استيعابهم في هذا النسيج شريطة أن يكون تجنيسهم قد تم في إطار القانون.
وعما إذا كانت الميثاق ستتعامل مع المجنسين في الدوائر يقول جمعة: بالنسبة الينا في جمعية الميثاق فان التعامل مع هذه الشريحة يتم من خلال ما نراه في مصلحة هذا الوطن مشيراً إلى أن من حق المجنسين أن يطرحوا ممثلين عنهم في الانتخابات أسوة بما يجري في جميع أنحاء العالم، ولكنهم في الغالب سيصوتون للخط الأقرب لهم سياسيا.
إلى ذلك يؤكد المرشح في الدائرة الثالثة من محافظة العاصمة رضوان الموسوي ان من منح الجنسية البحرينية وفقا للقانون فهو بحريني، وهذه الشريحة مؤثرة في العملية الانتخابية في عدد غير قليل من الدوائر، ولكن ليس بالضرورة أن يصوت هذا المجنس ضد المرشحين الوطنيين، لان المجنس في النهاية هو مواطن وسيصوت لمن يحمي مصلحته، وهذا يأتي في إطار صراع المصالح.
ويضيف الموسوي: في الدائرة الثالثة التي أنا مترشح فيها تتكون من خليط عرقي وسياسي ومذهبي، وتمثل مختلف تلاوين الطيف البحريني، وحديثي الجنسية يشكلون رقما لا يستهان به، وان من هؤلاء من استحق أن يمنح الجنسية إذ استوفى الشروط، ولكن عندما يستغل صوت هذا الشخص من قبل أي جهة لتغيير نتائج الانتخابات هنا وجه الاعتراض لدى جمعيات المعارضة، لأننا نعتقد أن هناك من يسعى الى تجيير هذه الأعداد من حديثي الجنسية لصالحه(...) قناعات هؤلاء يجب أن توضع في الاعتبار لدى الجميع، ويجب ألا يمارس أحد الوصاية عليهم
العدد 1495 - الإثنين 09 أكتوبر 2006م الموافق 16 رمضان 1427هـ