العدد 1494 - الأحد 08 أكتوبر 2006م الموافق 15 رمضان 1427هـ

سلام... مع السلامة

هشام عبدالرحمن خليفة comments [at] alwasatnews.com

من أسوأ الأشياء أن يلوم المرء نفسه عند الفشل, أن يلوم جرأته في محاولاته. وأما في حالة عدم المحاولة, من أسوأ الأشياء أن يتحسر المرء لعدم جرأته. ففي كلا الأمرين لدينا حبكة تدور حول الاختيار: هل نفعل أم لا نفعل؟ من الأمور الشخصية إلى المهنية والمالية, يبدو أن هناك دوماً اختيارات يمكنها أن تبني أو تعرقل مستقبلنا الذي نسعى ونطمح إليه. لكن معظم هذه الاختيارات هي مثل اللغز الذي لا يمكن فكه إلا عبر الزمن وإعادة النظر بعد مرور عدة أعوام. بالطبع هناك الكثير ممن يريدون مساعدتنا وتقديم النصيحة عما يجب أن نفعل, لكن في نهاية الأمر يتوقف الاختيار علينا نحن فقط ولا غير. فكيف إذاً علينا أن نتعامل مع الخيارات المهمة التي تواجهنا في مراحل الحياة المختلفة؟

بقدر ما لدينا من خيارات لدينا أجوبة للتعامل معها. فلا توجد طريقة خاصة أو حركة خفية يمكنها فك رموز المستقبل والبرهان على ما يجب فعله واختياره. ونجد أنفسنا في حالة من الارتباك, وفجأة نفعل ما لم نتوقعه. وإذا لم يحالفنا الحظ, فقد نلوم أنفسنا عندما نكتشف بأننا فشلنا أو أسأنا الاختيار.

ومن السهل أن نفقد الإيمان بأنفسنا في هذه الحالة, وأن نلجأ وراء الستار والحشود, محاولين التخلص من الأزمة التي نحن فيها. لكن في الحقيقة هو ان العالم لا يبالي إن كنا وراء أو أمام الستار. لا يكترث ليس لأنه لا يعلم عن وضعنا, بل لأن عالم اليوم كله مصالح وأمور سياسية وغير مرئية. والدوافع التي تؤدي إلى القناعة الذاتية في الفرد ليست بالضرورة تؤدي إلى قناعة جامعة للمجتمع.

باختصار, لا تعتقد بأن العالم يفهمك دائماً, ولا تتوقع بأن يطرق جارك باب منزلك ليتفقد أحوالك ويسأل إن كنت تريد المساعدة. تذكر بأن أول شخص يمكنه مساعدتك هو أنت. لا غير. فقط أنت. وبعد ذلك انظر لمن هم أقرب إليك ويمكنك الثقة بهم.

ماذا إذاً إذا خسرت أو لم تفلح في الاختيار؟ هل ينتهي العالم وتظلم السماء وتبدأ المناحة؟ بالطبع لا, لأنك لم تطعن ولم تنزف ولم تقهر كما تظن. فقلبك مازال ينبض منبعثاً بالحياة, جاهزاً لأن يجعلك واقفاً مرة أخرى على قدميك لتجتاز ما يبدو مستحيلاً وأن تتجرأ مرة أخرى على الاختيار. فاختر, واتبع هواك ورغباتك, وليكن الله في عونك.

قد يكون هذا الكلام كدرس من المنظور الروحي أو من الكتب الكثيرة التي تصر بأنها ستغير مجرى حياتك وتفكيرك, لكن كل ما في الأمر هو أن هذا الكلام قليل, وما هو إلا بداية لكلام لا ينتهي. كلام يبدأ بداخلك وينتهي داخلك. كلام يمكنه أن يجتاز كل الظروف والعقبات التي تواجهها في هذا العالم

العدد 1494 - الأحد 08 أكتوبر 2006م الموافق 15 رمضان 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً