أكد تقرير حوكمة الشركات في دول مجلس التعاون الخليجي من منظور المستثمر والصادر من قبل معهد التمويل الدولي ومعهد حوكمة الشركات (حوكمة)، أن دول مجلس التعاون مهتمة أكثر من أي وقت مضى بتطبيق مبادئ حوكمة المؤسسات. كما أشرنا في مقال يوم أمس (الأحد) يستند مفهوم الحوكمة حول تطبيق أمور حيوية مثل الإفصاح بشكل كامل ولا لبس فيه عن حقيقة الأوضاع المالية والإدارية للمؤسسات. كما أن هناك أموراً جديدة شقت طريقها إلى مبادئ الحوكمة مثل ضرورة وجود أعضاء مستقلين يمثلون المجتمع وليس حملة الأسهم في مجلس الشركات. أيضا هناك توجه عالمي لإلزام أعضاء مجالس الإدارة بأعمال محددة في إطار لجان مختصة بأمور مثل التعويضات.
تطورات متنوعة
لاحظ التقرير أن أربعة أسباب تقف وراء نمو عملية تطوير حوكمة الشركات في دول المنطقة. السبب الأول هو استفادة السلطات المسئولة في أسواق المال من حركة تصحيحات الأسعار لتحديث بعض القوانين. وقد حدث تراجع ملحوظ لمؤشرات غالبية بورصات دول مجلس التعاون في الآونة الأخيرة الأمر الذي وفر الأرضية المناسبة لتطبيق المزيد من مبادئ الحوكمة.
كما أن ظاهرة الإصدارات الأولية العامة تمنح فرصاً للمسئولين لتطوير مسودات القوانين الجديدة المزمع تطبيقها. ولاحظ التقرير أن بورصة أبوظبي أصدرت فعلاً قانوناً لحوكمة الشركات لكنه لم يدخل حيز التنفيذ حتى الآن. كما أعدت باقي بورصات دول المجلس مسودة قوانين لحوكمة الشركات إذ من المنتظر تطبيقها في العام 2007. يشار إلى أن بورصة مسقط تتميز بكونها الوحيدة بين دول مجلس التعاون التي بدأت بتنفيذ قوانين الحوكمة منذ العام 2003.
إضافة إلى ذلك، نبه التقرير إلى أن النشاط المتزايد للشركات الخليجية في الأسواق الدولية يساهم في تطبيق المعايير العالمية لأسباب تنافسية بحتة. المعروف أن المؤسسات الخليجية تقوم بعلميات شراء للموجودات في الخارج بشكل مستمر. بحسب تقرير منسوب لشركة بلوم برج قامت مؤسسات تابعة لدول مجلس التعاون بعمليات شراء عالمية قيمتها نحو 26 مليار دولار في التسعة الأشهر الأولى من العام الجاري.
بازل 1 و2
كما أن هناك سبباً ثالثاً يفسر حركة تطوير معايير الحوكمة ألا وهو إلزام المصارف المركزية للمؤسسات المالية العاملة في المنطقة بتطبيق متطلبات (بازل 1) و(بازل 2). تهدف هذه المتطلبات في نهاية المطاف إلى تعزيز الملاءة المالية للمصارف الأمر الذي يخدم أصحاب العلاقة بما في ذلك المودعين.
ويعود السبب الأخير إلى خطوات فتح أسواق المال الخليجية أمام المستثمرين الأجانب. يمتاز المستثمر الدولي بارتفاع سقف توقعاته للمعلومات والشروط الواجب توافرها قبل دخوله السوق. المؤكد أن فتح الأسواق يساعد على استقطاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة والتي بدورها تخدم الدورة الاقتصادية في اقتصادات دول المنطقة. من ضمن التوصيات أكد التقرير ضرورة توحيد قواعد إعداد التقارير المالية وعلى الخصوص السنوية منها في الشركات الخليجية لها ما يبررها. فوجود هذه الخاصية توفر مجالاً رحباً للمستثمرين في المنطقة لإجراء دراسات مقارنة قبل اتخاذ قرارات الشراء وفي ذلك تعزيز لمبدأ الشفافية.
ختاماً المطلوب من السلطات في دول مجلس التعاون انتهاز هذه الفرصة التاريخية لتطوير قوانين الحوكمة. مرد الفرصة هو شيوع ظاهرة الاستثمار في الأسهم بدليل تكرار الإصدارات الأولية العامة بين الحين والآخر. حقيقة القول إن هناك حاجة ماسة إلى غرس ثقافة توفير المعلومات للأطراف ذات العلاقة بما في ذلك الجهات الرسمية والمزودون والمستثمرون. لا شك في أنه ليس من الصواب أن تتأخر دول مجلس التعاون الخليجي عن الأسواق الناشئة الأخرى في العالم في تطبيق قوانين حوكمة الشركات إذ إننا نعيش في زمن العولمة
إقرأ أيضا لـ "جاسم حسين"العدد 1494 - الأحد 08 أكتوبر 2006م الموافق 15 رمضان 1427هـ