التوجيه الملكي الذي صدر أمس والقاضي بفصل إدارة الانتخابات عن الجهاز المركزي للمعلومات يعتبر خطوة مهمة أخرى على طريق تصحيح عدد من القضايا التي تسببت في القلق لدى فئات المجتمع خلال الأسابيع الماضية. وتأتي هذه الخطوة بعد إلغاء التصويت الإلكتروني والإنترنت (في نقل الأصوات) وتعيين إدارة تنفيذية جديدة. وكان التوجيه الملكي واضحاً في مغزاه، وأوضح أن الجهاز المركزي سيتحول من قيادة المهمات المتعلقة بالانتخابات إلى تقديم خدمات تقتصر على تقديم المعلومات والبيانات فقط. والتوجيه الملكي دخل على خط التنفيذ على رغم أنه يحتاج في العادة الى قانون، وأشار التصريح الصادر أمس عن وزير الديوان الملكي إلى أن التعديلات الجديدة ستعرض على السلطة التشريعية بعد الانتخابات المقبلة لاستكمال الاجراءات الاعتيادية لانفاذها.
كما التقى جلالته مساء أمس عدداً من علماء الدين المؤثرين في الساحة، ومن دون شك فإن اللقاء له علاقة بما انتشر حديثاً من تقارير تتحدث عن خطط لإقصاء فئة من المجتمع. ويوم أمس أيضاً أعلن المجلس الإسلامي العلمائي دعوته الواضحة بشأن الحث على المشاركة في الانتخابات المقبلة، وهو الموقف الأقوى الذي يتخذه المجلس منذ تكوينه. فالمجلس يرأسه الشيخ عيسى قاسم، الأب الروحي لتيار «الوفاق» كان قد فضل الصمت في العام واتجه التيار العريض الذي كان يمثل العصب الأساسي لانتفاضة التسعينات نحو المقاطعة. بيان المجلس أشار إلى أن قراره أخذه عن علم واطلاع على خلفيات الأمور، وأنه على رغم كل الأزمات والاحتقانات السياسية والأمنية، وعلى رغم كل الاحباطات فإن خيار المشاركة في الانتخابات هو الخيار الأقدر على مواجهة هذا الواقع بكل تعقيداته.
مما لاشك فيه أن ما يحصل أمام أعيننا إنما يعكس إيجابية الدخول في الأجواء الانتخابية، فالديمقراطية شيء، والانتخابات شيء مختلف تماماً. الانتخابات تولد ثقافة البحث عن «التسوية»، وهي «تسوية مع الواقع» من جانب، كما أنها «تسوية بين فئات المجتمع»، و«تسوية بين رموز المجتمع وقيادة الدولة».
ثقافة التسوية هي ثقافة التصالح والمصالحة، وهي ثقافة مرنة ترفض التزمت الايديولوجي بمختلف أشكاله، وتحث على إيجاد الحلول في منتصف الطريق، في المنطقة المشتركة، بهدف توسيع تلك المنطقة لكي تشمل كل فئات المجتمع الذين بإمكانهم التعايش سلمياً والتعاون على الخير فيما بينهم من أجل مصلحة بلادهم وأهلهم ومستقبلهم. تحية لجلالة الملك على الخطوات التصحيحية، وتحية لكل من يتعاون من أجل البحرين
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 1494 - الأحد 08 أكتوبر 2006م الموافق 15 رمضان 1427هـ