يقول أفلاطون: «القانون فوق أثينا».
لا تزيد دلالة »دولة القانون« في البحرين عن كونها شعاراً سياسياً، وليس كما تذهب مفاهيم حقوق الإنسان، التي تعتبر دولة القانون تمثيلاً مباشراً لنظرية »دستورية محورها تبين الانتقال أو التحول في الحكم من المشخص إلى المجرد«.
وظيفة دولة القانون أن »تقيم التوازن بين ضرورات السلطة وضمانات الحقوق والحريات العامة«. خوف الوقوع في »الاستبداد« في وصول طبيعي لـ «الفوضى».
بحرينياً، ونحن أمام منعطف انتخابات مفصلية في تاريخ البحرين الحديث تأتي أهم ملامح دولة القانون في تفعيل الرقابة على الانتخابات، وبالشكل الذي ترتضيه مؤسسات المجتمع المدني. أي مشهد آخر، سيفضي بلاشك إلى جدل سياسي لن يكون الخامس والعشرون من نوفمبر/ تشرين الثاني سوى توقيت بدايته، أما نهايته فسيناريوهاتها مفتوحة.
في مضامين العقد الاجتماعي أن أفراد المجتمع رضوا عبر »التخلي عن جزء من حقوقهم وحرياتهم لصالح كيان جمعي هو (الدولة) متجسد بالسلطة بهدف تحقيق ضمان أفضل لهذه الحقوق والحريات (...) ولذلك يجب على الدولة أن تحكم بأقل قدر من أدوات السلطة«. وعليه، لا يمكن أن تفرض الدولة على مجتمعها نظم رقابة على الانتخابات لا تتوافق مع ضمانات الحقوق والحريات التي يتطلع لها أبناء هذا الوطن.
لابد أن نقر بان جمعيات »حقوق الإنسان« باتت »مخترقة« من قبل المؤسسات عدة التي صنعتها لوبيات لا تريد للعملية الانتخابية أن تمر بسلام، هذا الاختراق الذي بات مكشوفاً على مستوى المؤسسات وشخوصها لابد ألا يكون ضمن باقة سلطة الرقابة على الانتخابات، فالشارع السياسي بات قلقاً تجاهها، ومدركا تمام الإدراك انها لن تضمن تلك الحريات والحقوق التي من واجب الدولة ان تلتزم بها.
البحرين لن تصل لمفهوم »الحكم الجيد« أو »الرشيد« أو »السديد«. إلا إذا حققت تلك التشكيلة المؤسساتية في السلطات الأربع دولة القانون والرقابة التي يتطلع لها الجمهور، تظهر هنا الرقابة على الانتخابات القادمة لا بوصفها عملية رقابة على آلية انتخابية في معناها الضيق، بل تتسع لتكون ذات أبعاد اكثر شمولية وحقوقية مما هي عليه في الظاهر.
مصطلح »دولة القانون«، الذي »ظهر في نهايات القرن التاسع عشر في ألمانيا في زمن تكوين الوحدة (القومية) الألمانية (...) كان الهدف منها يتجه أساساً لتدعيم مركزية الدولة، إضافة لعقلنتها وحسن سيرها. ولم يكتس مفهوم دولة القانون بعده الليبرالي إلا فيما بعد«.
لذلك فقط، على الدولة أن تعتبر أن تفعيلها لنظم الرقابة الحقيقية ودولة القانون هو بمثابة التقويض لها، يجب على الدولة ألا تخاف من أبنائها، على الدولة أن تدرك أن تدعيم وتفعيل حقوقها مواطنيها هو تدعين لنظامها السياسي أياً كانت توجهاته وماهيته الايديولوجية.
السلطة القضائية، التي تقف مهمات عملها عند صيانة وحماية الحقوق والحريات، هي المعتد الرئيسي والمركزي في تحقيق »دولة القانون«. نزاهة هذا القضاء وعدالته وحياديته مقومات لا يمكن أن تتعرض للانهيار أو التسقيط. وعليه، لابد أن نحقق خلال الفترة القادمة إعادة اعتبار لهذه المؤسسة الضامنة لحقوق الإنسان، نزاهة هذه المؤسسة واستقلاليتها تقف عند حد فاصل في انتخاباتنا القادمة، وعليه، نحن أمام مفترق طريقين، طريق دولة »القانون« الضمانة لحرية الإنسان البحريني، أو دولة الطريق الثاني. وفي ذلك شأن آخر
إقرأ أيضا لـ "عادل مرزوق"العدد 1493 - السبت 07 أكتوبر 2006م الموافق 14 رمضان 1427هـ