العدد 1492 - الجمعة 06 أكتوبر 2006م الموافق 13 رمضان 1427هـ

الوصايا العشر لـ «بحيرة» آمنة!

محمد صادق الحسيني comments [at] alwasatnews.com

أن تكون «معتدلاً» و«بناء» اليوم هو أن تقبل «الآخر» المختلف عنك في النظرة والتفكير والمنهج والنظام، كما هو ولا تسعى إلى تغييره بالقوة أو بالتهديد بها مهما كان الثمن!

هذا ما أبلغه وزراء الخارجية الستة من مجلس التعاون الخليجي للسيدة كوندوليزا رايس في اجتماعهم الأخير معها في القاهرة كما ورد إلى أسماعتا بالتواتر ونحن تقيم ندوة حوار جدٍ إيجابية في عاصمة التوازن والتعادل العمانية (مسقط) الأسبوع الماضي عن «العلاقة العربية - الإيرانية - التكامل والتباين بين السياسة والاقتصاد».

وحسناً فعل الوزراء المعنيون إذا ما صدقت الأنباء المنقولة عنهم، كما نتمنى أن يكون وزيرا خارجية مصر والأردن قد أبلغا رايس الموقف نفسه!

وحدهم «المتطرفون» و«الهدامون» هم الذين يصرون على اعتماد منهج التلويح بالقوة بل واستخدامها في الغالب في إطار منهج «الضربة الاستباقية»، ويظنون أنهم قادرون على فرض قناعاتهم ومناهجهم الفكرية على الآخرين من خلال منطق القوة واعتماد سياسة السيف المسلط على الرقاب وسيلة لثني خصومهم عن المضي فيما يعتبرونه حقاً من حقوهم المشروعة أو التسليم بشروط المستقوي بالنظام الاحادي الاستقطاب والنزعة في العلاقات الدولية!

قلت حسناً فعل وزراء مجلس التعاون وحسناً قالوا عندما رفضوا «الانضواء» في أي حلف إقليمي أو دولي يراد له إعادة إنتاج حروب عبثية جديدة أو مزيد من دورات العنف التي لا تنتهي أو اشاعة مشروع للفتن الطائفية أو المذهبية أو العرقية المتنقلة، ذلك لأن «ناس» هذه الدول أي عموم جمهورها لم يعد يقبل أن يتحول من جديد إلى دافع ضرائب لمكنة حروب مجنونة جديدة، أو وقود رخيص لتحقيق مآرب أصحاب المصالح الكبرى من دول المتروبول من تجار الحروب والمروجين للصناعات الحربية العظمى على حساب التنمية البشرية المحلية!

لم يعد العمانيون الذين اجتمعنا معهم في الندوة المباركة تلك وحدهم وان لايزالون في الطليعة، ممن «يتحفظون كل التحفظ» على النداءات الواصلة إليهم من بعيد ومن وراء البحار وهي تطالبهم «بشد الرحال» إلى حلف «مقدس» يراد له اشاعة «ثقافة» اقتتال الإخوة تحت ذرائع شتى من مكافحة «الإرهاب» إلى استئصال «الأصولية» إلى محاربة «المتطرفين» و«الراديكاليين»!

إن كل سكان هذه «البحيرة» الخليجية المتشاطئين بحب وسلام واحترام متبادل للتنوع والتعدد في إطار الوحدة صار لسان حالهم يقول ما يأتي: (وهي توصيات تلك الندوة المباركة):

- إن مصيرنا واحد مهما كانت قراءتنا لهذا المصير متفاوتة، فنحن نركب سفينة واحدة إما أن ننجو جميعاً أو نغرق جميعاً!

- إنه لا حل لمشكلاتنا واختلافاتنا مهما بدت عصية على الحل، يأتي من الخارج أو يطفو على السطح هكذا بقدرة قادر ما لم نقدم بأنفسنا على اجتراح الحلول!

- إذا أردنا التعاون البناء فلابد أن نأخذ المعلومة الصحيحة عن بعضنا بعضاً من مصادرها المباشرة ومن ثم توزيعها توزيعاً عادلاً على ضفتي «البحيرة» التي تجمعنا.

- إنه من الممكن جداً أن نتعاون في حدود الحد الأدنى مهما كانت اختلافاتنا «كبيرة» ونستطيع أن نتجاوز كل المعوقات إذ اما توافرت الإرادة السياسية الواعية لقياداتنا مدعومة بنخبنا الواعية والرشيدة.

- إنه حرام علينا جميعاً من بعد كل الذي عانينا منه بسبب الحروب العبثية والمجنونة التي فرضت علينا خلال العقود الأخيرة أن نلجأ للعنف وسيلة لحل الاختلافات أو الخلافات أو الملفات العالقة تحت أية ذريعة كانت (ميثاق تحريهم دم المسلم على المسلم ودم العربي على العربي والجار على الجار).

- إنه من المحرم استعمال أي طرف من الأطراف قوته الذاتية أو المستوردة أو المكتسبة كبيراً كان أم صغيراً، منفرداً كان أم منضماً إلى تجمع إقليمي أو دولي، استعمال هذه القوة لأن يحول بلده إلى مقر أو ممر للاضرار أو الضغط على أي طرف جار آخر أو العمل للاطاحة به أو الاستقواء عليه لفرض نسخة من نظامه أو منهج حكمه.

- أن يقبل كل طرف الطرف الآخر كما هو بحسناته وسيئاته «بعجره وبجره» محترماً خصوصياته وخصوصيات علاقاته وتحالفاته الإقليمية والدولية مادام لا سيتخدمها ضد جاره أو شقيقه أو صديقه.

- أن يبقى الحوار هو الفيصل الدائم لمعالجة كل جديد وان تبقى طاولة المفاوضات هي الميدان الوحيد الذي نتبارى فيه في الآراء والأفكار والاختلاق في الرأي وأن يكون «سلاحنا» الدائم هو التشاور والمصارحة والمكاشفة بخصوص كل جديد يطرأ علينا أو نتوصل إليه.

- أن نعمل جاهدين متآخين وان كنا مختلفين في الرأي أو في الطرق للوصول إلى ما نريد، بشأن قضايا الأمة الأساسية التي تجمعنا في كل من فلسطين ولبنان والعراق في إطار «لجنة حكماء» من أهل الحل والعقد يتم اختيارها لتكون في اجتماع تشاوري دائم لأجل «إعادة العراق» إلى أهله وفضائه ودائرته الحضارية التي يستحق موحداً متحداً غير منقوص السيادة أو الاستقلال والحرية كما يحب ويريد غالبية أهله المغلوب على أمرهم، ومن أجل إيجاد «تسوية» توافقية للبنان الممتحن والمبتلى هذه الأيام ببوادر «فتنة» التدويل والاستقواء عليه من خارج سياقاته الطبيعية ومن أجل فلسطين عزيزة قوية واحدة متحدة ترفض الاذعان والاحتلاال وخطر الحروب وفتنة الاقتتال الداخلي!

- أن نقدم وبشجاعة وثقة وعلم ويقين للانتقال عملياً بالعلاقة الراهنة بين ضفتي «البحيرة» الخليجية التي تضمنا كبحيرة مغلقة ملكاً لأهلها كما يقول القانون الدولي بحسب ما جاء في تقرير لجنة أولوف يالمة في العام ، من عالم مليء بالتوتر والتشنج والاستقطاب السياسي والأمني الكاذب والتلوث البيئي الكارثي المحدق وأوهام الخطر المزعوم القادم من الضفة الشمالية! إلى علاقة وديعة وهادئة وواعدة تقوم على اتفاقات للتجارة الحرة والتكامل الاقتصادي التي نحن أهل الدار والعائلة الخليجية الواحدة نستأهلها أكثر من الآخرين القادمين من بعيد، وان تجعل إعادة بناء الإنسان العربي والمسلم الهدف الأول نصب اعيننا، لأنه الرأس مال الأهم الذي ينفعنا حكاماً وشعوباً في العاجل من الخطط والآجل منها، فهو خليفة الله في الأرض وهو كما يقول المثل الصيني:

إن كنت تريد تنمية لسنة واحدة فازرع رزاً!

وإن كنت تريد تنمية لعشر سنين فازرع شجراً!

وإن كنت تريد تنمية لقرن من الزمان فازرع إنساناً!

إنه الإنسان العربي والمسلم الذي أحوج ما يكون إلى مثل هذه الزراعة الخصبة والجديرة بأن تشكل «احلافنا» الأخوية والحميمة من حولها، ذلك أن هذه الزراعة والتنمية الخلاقة والمبدعة هي الكفيلة بالقضاء على العنف والتطرف والعصبيات والإرهاب والقتل والدمار من جذوره، وليست «الحروب الاستباقية» التي يراد فرضها علينا فرضاً لغاية في نفس «يعقوب» وليس لموسى أو عيسى أو محمد أي دخل أو فائدة فيها!

رئيس منتدى الحوار العربي الايراني

إقرأ أيضا لـ "محمد صادق الحسيني"

العدد 1492 - الجمعة 06 أكتوبر 2006م الموافق 13 رمضان 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً