العدد 1492 - الجمعة 06 أكتوبر 2006م الموافق 13 رمضان 1427هـ

قضاة مستقلون... قضاء مستقل!

محمد العثمان Mohd.Alothman [at] alwasatnews.com

أي قرار فيه تكميم لأفواه الناس، واغتيال لحرية التعبير، وسجن للكلمة؛ هو قرار لا يعوَّل عليه... آلاف القرارات صدرت في الدول المتخلفة كلها تنال وتطول وتغتال وتبتغي سجن الكلمة؛ لكنها لم تفلح! آلاف القرارات صدرت باسم الشعب وباسم المصلحة العامة وباسم... وباسم... وفي النهاية، لا يرى الشعب أية مصلحة عامة! كل ما في الأمر هو: حماية أخطبوط الفساد، والطغمة الفاسدة من المحاسبة الشعبية ورقابة الصحافة!

تبدأ الانتفاضات في الغالب من الطبقات الدنيا في المجتمع، أي الطبقات المسحوقة اجتماعياً والتي تعاني البؤس والتشرد، وتعيش على فضلات الطبقة الغارقة في «الترف» و«الدلال الاقتصادي».

انتفاضتان في عالمنا العربي، تناقضان ناموس الانتفاضات في تاريخ البشرية، هما: انتفاضة قضاة «مصر»، وانتفاضة قضاة «لبنان». الأخيرة لم تأخذ حيزاً إعلامياً مثلما هي الأولى (انتفاضة قضاة مصر) مع أن الأخبار التي أتت من صوب «لبنان» تنبئ عن استعداد () قاضياً لـ «تسجيل موقف تاريخي في مواجهة التدخلات السياسية في التعيينات القضائية، وما يتبعها من أجهزة تتطلب حياد واستقلال مرفق القضاء».

الأزمتان القضائيتان الناشبتان في مصر ولبنان تتقاطعان على قاسم مشترك وهو التدخل السياسي في شئون القضاء، بدءاً في الأولى من «التعيينات القضائية» وفي الثانية بـ «المراقبة القضائية النزيهة للانتخابات».

التعيينات القضائية هي أس المصيبة وداء الجهاز القضائي المزمن، وأثره الخطير على استقلال مرفق القضاء. استقلال القضاء يقوم على ركنين أساسيين، هما النزاهة والحياد. وطالما بقي القضاء غير مستقل في أعرق البلاد العربية من ناحية التشريع (مصر ولبنان) فمن باب أولى ومن وجاهة الرأي ورجاحته، أن تكون باقي البلدان العربية لا تقل في أزماتها القضائية عن شأن هاتين الدولتين!

السؤال: لماذا يتم التركيز من قبل القوى الدولية والامبريالية على بقاء «مصر» و«لبنان»، خارج دائرة النهوض، وجعلهما عاجزتين عن امتطاء حصان التقدم؟!

ليس خافياً الأثر الثقافي والسياسي لـ «لبنان» على الوطن العربي، كما أن للمشرع المصري الفضل الأول على مختلف التشريعات العربية... وبالتالي؛ فإن استقلال القضاء (التعيينات في «لبنان» ومراقبة الانتخابات في «مصر») سيعني النزاهة والحيدة، وذلك ما سيكون له أثر بالغ على بقية الأقطار العربية، وسيساهم بالضرورة في بناء نظام قضائي يحافظ على الحد الأدنى من الديمقراطية والحرية والمساواة المتغنى بها في الإعلام الرسمي العربي... وهذا ما لا تريده الإدارة الأميركية الحالية!

إذاً، القضاء في الدول العربية لن ينهض أو تقوم له قائمة ويتمتع بالاستقلال؛ طالما ظلت الأسباب قائمة تنخر في جسد هذا المرفق المهم، الذي من المفترض أن لا سلطان عليه!

«عطني إذنك»

من أسف الحال أن تجرى التعيينات في الجهاز القضائي بطريقة لا تخلو من عيوب، بعضها ظاهر (كاسترضاء أميركا)، وآخر مستتر! وما يندى له الجبين أن تكون ثقافة «القاضي» أو «القاضية» صفراً أصفر حتى في أبجديات الذوق الوطني واللياقة الكلامية، كما بدا ذلك بشكل فاقع في إحدى قنوات «التلفزة» العربية... فلا استقلال لمرفق القضاء، وحيدته ونزاهته، وسط الانتقاء في التعيينات

إقرأ أيضا لـ "محمد العثمان"

العدد 1492 - الجمعة 06 أكتوبر 2006م الموافق 13 رمضان 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً