تعمد البرامج الأكاديمية الإدارية إلى إيراد نظرية القرود الخمسة في التمثيل على تلك النماذج السيئة من المديرين والمسئولين الذين وصلوا إلى مناصبهم عن غير حق، وخصوصاً ممن لا يملكون أي بنية معرفية إدارية، أو أي حس تطويري، ولذلك فقط، تراهم يغطون أعراض عجزهم، وضحالة قدراتهم الإدارية عبر سياسات «التحقير» و«الاستعلاء» الفارغ، والاستخدام «المزاجي» للقانون.
فحوى النظرية: لو أننا جمعنا خمسة قرود في قفص محكم الإغلاق، ووضعنا في منتصف القفص سلماً في قمته كمية وافرة من فاكهة الموز، سنلاحظ بعد خروجنا مباشرة من القفص أن أحد القرود سيبادر إلى صعود السلم طمعاً في الحصول على الوليمة الماثلة أمامه.
علينا وبشكل مباشر عقب صعود القرد أولى درجات السلم معاقبة المجموعة كافة، وذلك بأن نسلط عليها مياهاً ساخنة بقوة، وعلينا أن نكرر هذه العملية في كل مرة يحاول أحد القرود فيها الصعود للسلم.
بعد مدة، سنجد أن القرود كمجموعة بدأت في معاقبة أي قرد يحاول الصعود على السلم بنفسها، إذ بدأت تدرك خطورة أن يصعد أحد ما عليه، لذلك سيكون مصير أي قرد «متطلع» لتجربة حظوظه في الظفر بالموز هو مواجهة عدوان أربعة قرود مجتمعة، لا ترحم.
بعد مدة، لو استبدلنا أحد القرود بقرد جديد، سيبادر القرد الذي لا يعلم شيئاً عن خراطيم المياه إلى الصعود على السلم، وسيلاقي عاقبة ذلك مباشرة، ولو استبدلنا أحد القرود الأربعة المتبقة بقرد جديد أيضاً فإن الأمر سيتكرر، بل قد يكون القرد الذي لا يدرك حقيقة «العقوبة» أول من سيشارك في ضرب طموحات القرد الجديد!
أخيراً لو استبدلنا القرود كافة، لجيل أو جيلين ستبقى الحال على ما هي عليه، ولن يتغير شيء، سيكون الحرمان من صعود السلم قانوناً منظماً لحياة المجموعة، حتى لو أننا قمنا بإزالة شتى خراطيم المياه المحيطة بالقفص، فإن شيئاً لن يتغير.
يشابه هذه القرود - بطريقة أو بأخرى - بعض الإداريين الكلاسيكيين ضعيفي الفهم، وقليلي المعرفة الإدارية. إذ تجمدت عقولهم منذ أمد بعيد على «نسق» «الكلاسيكية» و«البيروقراطية»، لمقاومة تطلعات أي فرد يسعى إلى «التطوير» و«الإبداع».
هؤلاء، يخافون، من التغيير، باسم «النظام» في ظاهر القول، ولتواضع قدراتهم الفنية والإدارية في الباطن المستتر عن الأعين، وذلك ما يسميه خبراء الإدارة بفن «إدارة المواقف»، فعبر التمسك بالنظم البيروقراطية والقانون تتوارى حقيقة العجز المعرفي. المديرون الذين يكثرون من استخدام «القانون» لا يعرفون من أسس القانون؟ ولماذا أسس؟ ولماذا يستمر؟ وإلى متى؟ وعليه، هم ليسوا أكثر تطوراً من أحد القرود الخمسة في النظرية
إقرأ أيضا لـ "عادل مرزوق"العدد 1492 - الجمعة 06 أكتوبر 2006م الموافق 13 رمضان 1427هـ