العدد 1491 - الخميس 05 أكتوبر 2006م الموافق 12 رمضان 1427هـ

المسلمون... الحلفاء الأبرز في مكافحة الإرهاب

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

في الصيف الماضي، وبعد الاعتداءات التي حصلت في نفق المترو في لندن، كتب توماس فريدمان، في صحيفة «نيويورك تايمز»، في مقال يعبر عن رأيه: «كونها تبرز عند المسلمين، تحتاج المشكلة إذاً إلى حل من المسلمين». انتشر نداؤه، على الفور، في مختلف شبكات الوسائل الإعلامية العالمية. دعا القادة المسلمون للاجتماع والتصريح بالردود. فاكتفى الكثير من القادة بالقول «إن الإسلام الحقيقي» لا يدعم أعمال عنف وجبن كهذه. يدرك الكثير من الناس أن نداء فريدمان لم يكن موجهاً فعلياً إلى جمهور المسلمين بقدر ما هو موجه إلى جمهور الغربيين المحبط نتيجة ما شهده من رضا المسلمين عما يدعى بالجهاد.

إن آراء كهذه، قد أغفلت الواقع السائد بأن مجتمعات المسلمين، وليس الغربيين، هي التي تأثرت سلبياً بالتطرف الإسلامي، كما أنها عجزت عن إدراك الجهود العظيمة التي بذلها المسلمون لمكافحة تلك المخاطر.

في حين لم تقع المجتمعات الغربية ضحية الجهاد الإسلامي إلا أخيراً، فإن عائلات ومدارس ومناطق وثقافات المسلمين هي التي كانت تواجه التحديات اليومية الخطيرة في الحد من معتقدات الفكر الجهادي الإسلامي المغرية. في ظل سياسات الحرب الباردة حيث كانت تشكل مجتمعات المسلمين كما في الصومال وأفغانستان وفلسطين، أدوات تسعى إلى ابطال المفهوم الذي يتوعد منح السلطة بأسلوب مضل، شكلت كل من الكرامة والثواب الأزلي، لعشرات السنين، العمل الشجاع والدؤوب لرجال الدين المسلمين والغالبية الساحقة من مؤيديهم. بإدراك تلك الجهود، قد يجد العالم الغربي حلفاء له في محاربة هذا النوع من الجهاد.

وتشكل الخطوة الأولى من هذا النسق، إدراك أن مجتمعات المسلمين قد كافحت التطرف عموماً ضمن تقاليدها لمئات السنين، وبذلت تلك الجهود لغاية أساسية بإنشاء بنية اجتماعية مؤمنة بالله، محافظة على الواجب الأخلاقي «بتطبيق الخير والقضاء على الشر»، وأفلح المسلمون في بدايات الإسلام بالتغلب على المذاهب المتطرفة، على غرار الخوارج، الذين هددوا رسالة النبي محمد (ص) برمتها من خلال تعصبهم الخارج عن السيطرة. في تلك الظروف، حارب المسلمون الصادقون الأشرار بأياديهم وأقلامهم، ويظهر الكثير من شرائح العالم الإسلامي اليوم استعداداً للقيام بالأمر ذاته: إن تلك الناحية من ديانة المسلمين مصحوبة بالتزام غربي مناسب، سيشكلان تهديداً كبيراً للتطرف الإسلامي.

في الأماكن المنغلقة كما في بعض الدول العربية، حيث تطلق السلطات الدينية إحدى أكثر التفسيرات الضيقة والمحدودة للإسلام، تم الالتزام بواجب وقف أعمال العنف المتطرفة بدرجة ملحوظة من النجاح. في العام ، قامت تلك الدولة مدعومة من قبل علماء الإسلام البارزين فيها، بإصدار عفو عام لمدة شهر عن الإرهابيين في حال سلموا أنفسهم وإلا حكم عليهم بالإعدام. وأدت المحاولة إلى تسليم بعض كبار المسئولين التابعين لأسامة بن لادن أنفسهم للسلطة خلال أيام. إن الأمر الذي جعل العفو العام ممكنا هو دور الوسيط الذي لعبه الشيخ الحولي، من كبار العلماء الدينيين السابقين في إحدى أبرز الجامعات الدينية في البلد. والغريب أن هذا الشخص سبق له أن سجن لمدة خمس سنوات بسبب آرائه المخالفة لوجود الجيش الأميركي في المنطقة. وقدر المجاهدون المتطرفون الحولي واعتبروه عالماً موثوقاً أظهرت عباراته أهمية الفترة المقبلة.

يجب استخدام الذين يعتبرون من أبرز دعاة الشريعة الإسلامية - الأئمة، والمعلمين، والشيوخ والعلماء - في الصراع الفكري ضد الإرهاب، إذ إن أصواتهم تحديداً هي وحدها التي قد تبلغ المرتدين عن الدين.

كما أن إنشاء مجلس وطني للمسلمين في فرنسا يهدف إلى إدخال الشريعة الإسلامية ضمن قانون يشكل بدوره مرجعاً للمواطنين الفرنسيين المسلمين، قد يكون مثالاً آخر على ذلك. تشدد هذه القضايا على أنه يتوفر لعالم المسلمين سبل مؤسساتية، دينية وذات سلطة قانونية بغالبيتها، للقضاء على التطرف. وعلى جميع الأطراف المعنية بتفادي المزيد من العنف أن تأخذ تلك السبل في الاعتبار. إذا أدركوا أن لدى المسلمين في جميع أنحاء العالم التزامات أخلاقية قوية وصادقة تجاه القضاء على جميع أشكال الفساد، والأعمال السيئة، والتطرف، قد يجد القادة والمفكرون الغربيون شركاء ناجحين في أماكن لم يعتقدوا أبداً أنهم قد يستفيدون منها.

«باحث سياسي، والمقال ينشر بالتعاون مع خدمة كومون غراوند

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 1491 - الخميس 05 أكتوبر 2006م الموافق 12 رمضان 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً