دأب مركز بوري الثقافي والرياضي منذ أن تأسس العام ، على تبني الكثير من الأنشطة الثقافية والرياضية، حصد خلالها الكثير من البطولات، ويعد من أول الأندية التي مارست نشاط المسرح إذ تميز بإنتاج الكثير من الأعمال المسرحية طوال مسيرته لعل أولها كان في العام بعنوان «قضية أسرة»، وكان آخرها وليس بآخرها في العام الماضي «مسرحية الملا عطية الجمري» التي جسدت حياة المرحوم الملا الجمري كما لو كان يعيش بيننا ضمن مهرجان خصص لهذا الغرض، فقد عودنا على تسليط الضوء والاحتفاء بالشخصيات الوطنية الكبيرة تخليدا لهم، ولانجازاتهم المشرقة، فقد أخذ على عاتقه هذا الهم والمسئولية؛ حتى تمكن من تبوء المكانة العالية في الوسط الثقافي من بين المراكز الثقافية الأخرى في البحرين.

ولعل تبني المركز الاعداد والتنظيم لمسابقة المرحوم الحاج حسن العالي لمدة ثلاث سنوات على التوالي أكبر دليل على تميزه وإبداعه واهتمامه بالجانب الثقافي وإحيائه، كما أن اختيارهم للشخصية المتوجة للمسابقة ذاتها كان موفقاً إلى حد بعيد فقد كان رحمة الله عليه صاحب عطاءات لا تنضب وكان ولايزال راعياً للمتفوقين والموهوبين من أبناء البحرين كما كان الحضن الدافئ للمعوزين والمحتاجين منهم، فقد كان مثلاً رائعاً في التلاحم والتكافل الاجتماعي، كما كان رمزا اجتماعيا لإدارة الذات والاعتماد على النفس وتحمل المسئولية في سن مبكرة وأحد ركائز أعمال البر والإحسان في العمل الاجتماعي التطوعي في البحرين بل كان رائدهم ليس على مستوى القرية التي يعيش فيها وإنما امتد ليشمل غالبية قرى البحرين، في وقت كان يتسم بالصعب لصعوبة الحياة آنذاك، وعلى رغم أنه نشأ في أسرة فقيرة جدا فإنه أصبح من أكبر الأغنياء والأثرياء في البلد من كدحه وتعبه طوال فترة صباه وشبابه إلى أن توفي في العام تاركا وراءه أبناءه الذين حملوا اسمه وأموالاً تدار في الأعمال الخيرية.

فيا يأتي تعريف بالمسابقة وبأهدافها وجوائزها التشجيعية القيمة، بخصوص الأهداف العامة للمسابقة كما جاءت به اللجنة المنظمة للمسابقة، تخليداً لذكرى رجل العطاء الحاج حسن العالي، وتعريفه للأجيال القادمة وبأدواره الخيرية الكثيرة في المجتمع، إلى جانب رفع وتنشيط المعلومات الثقافية للمشاركين في المسابقة في شتى علوم المعرفة، وتأصيل روح التواصل والتلاحم بين أطياف المجتمع البحريني تجسيداً للوحدة الوطني.

فالمسابقة الأولى كانت في العام تحت شعار «مسيرة خير وعطاء» وبمشاركة فريقاً يمثلون الأندية والمراكز الشبابية والصناديق الخيرية والجمعيات والصحافة المحلية وأحرز صندوق عالي المركز الأول، والثانية كانت في العام تحت شعار «التواصل والتلاحم» شاركت فيها فرقة وفاز فيها نادي توبلي بالمركز الأول، وهذا العام تحت شعار «إشراقات مضيئة» وبمشاركة فرقة من الطائفتين الكريمتين، من سبتمبر/ أيلول حتى أكتوبر/ تشرين الأول، ثمان جولات في الدور الأول وست جولات في الدور الثاني ومجموعة واحدة في الدور النهائي تتكون من أربع فرق مشاركة.

وتضمنت المسابقة سبع أبواب متميزة: إسلاميات وتتضمن معلومات مختلفة عن القرآن الكريم، اقتصادات وركزت على أهم المشروعات التنموية المستقبلية المختلفة في البحرين والتعريف بأهميتها والمؤسسات التجارية والجمعيات الخيرية للمواطنين والمقيمين، بانوراميات ومن خلالها تسلط الضوء على الحركة المسرحية والدرامية والصحافية والفنية في دول مجلس التعاون الخليجي والعالم، اختراعات ويعنى بمتابعة ما وصل إليه العلم الحديث من اختراعات وابتكارات علمية وتكنولوجية وطبية، مبرات وتهدف إلى تعريف جمهور المسابقة بإبراز أوجه أعمال البر والخير المختلفة التي قدمها تجار البحر كالمشروعات العقارية والصناعية والاستثمارية والمصرفية والسياحية، قانونيات ويهدف إلى خلق ثقافة قانونية لفروع القوانين البحرينية والعالمية المختلفة، وأخيراً ثقافات وتتضمن معلومات حديثة وقديمة في شتى علوم المعرفة.

تمنح الجوائز للمراكز الأربعة الأولى، كما تسحب خمس جوائز للجمهور، بالشكل الآتي المركز الأول كأس المسابقة مع دينار، المركز الثاني دينار، الثالث دينار، الرابع دينار، برعاية عدة جهات ومؤسسات وهيئات حكومية وبرعاية إعلامية من قبل ثلاث صحف محلية.

يذكر أن أسئلة المسابقة خرجت عن الشكل التقليدي وأنها غير مقتبسة أو مكررة بل هي في الغالب نتاج من بحور الكتب في شتى علوم المعرفة الذي لا يصل إليها أي شخص سوى الباحث والمتابع لجميع وسائل الإعلام المختلفة شارك في صوغها مجموعة من المتخصصين كل في مجاله، كما أن المغزى الحقيقي لا يكمن في السؤال ذاته الذي يطرح على الفرق المشاركة وإنما التركيز على مقدمة السؤال الذي يعرض مباشرة على الجمهور من خلال شاشة العرض، كما أن المسابقة بكل أبجديتها توظف التقنية والتكنولوجية الحديثة من خلال استخدام الحاسوب وشاشات العرض والإجابات الإلكترونية، ما يعزز طابع الشفافية والنزاهة إلى جانب السرعة في احتساب الفرق الفائزة ونتائج المسابقة وبالتالي قرارات حاسمة سريعة في مصير الفرق المشاركة، إلى جانب عنصر التشويق والإيثار المستمر، الجميل أيضاً في التنظيم إلى المسابقة هو وجود فرق العمل المشاركة في عملية تقييم المسابقة من خلال استمارة مخصصة لهذا الغرض تتضمن الكثير من المحاور والنقاط التي تحتاج إلى تقييم بغرض تطويرها ومعالجتها في السنوات المقبلة شارك في العملية التقييمية نخبة من الإعلاميين والكتاب من الطائفتين الكريمتين، كما أن الجديد في المسابقة لهذا العام هو مشاركة النساء في المسابقة إذ إن المرأة جزء لا يتجزأ من الحراك التنموي في المجتمع وإيمان من اللجنة المنظمة بأهمية مشاركة المرأة معهم في كل الفعاليات التي تعد وتنظم فلا يمكن للمرأة أن تظل أكثر ما ظلت في السنوات السابقة في الظل تترقب وتلاحظ فقط ما يجري حولها، أن تظل الجندي المجهول، إذ خصص اليوم الأخير من المهرجان إلى نساء المنطقة ومشاركتهن من خلال ثمان فرق في كل فرقة ثلاث عناصر نسائية وبثلاث جولات، إلى جانب يوم مخصص إلى شباب القرية، كما أن هناك مسابقات ميدانية إلى كبار السن في القرية إلى جانب مسابقة الصحف اليومية ومسابقة الجمهور، واضح جدا أن القائمين على المسابقة لم يغيبوا أية فئة من فئات المجتمع بل جاءت لتخاطبهم جميعاً كلاً بحسب إمكاناته وبالأسلوب التي يناسبه.

بعد هذا العرض الموجز لمسابقة المرحوم الحاج حسن العالي المستمرة بإذن الله تعالى باستمرار جهود وعطاء مركز بوري الثقافي الرياضي وبمشاركة الفرق المشاركة في المسابقة لتتويج الجهود بالنجاح يستحقون منا الاحترام والتقدير على عطاءاتهم الرامية إلى رعاية أصحاب المواهب والقدرات والأخذ بأيديهم وتشجيعهم إلى مزيد من البذل والعطاء ولاسيما إننا نعيش الآن عصر التفجر المعرفي، ولن نستطيع أن نلبي حاجات العصر إلا من خلال البحث والاطلاع و الأخذ بأسباب الثقافة ويعد مشروع المسابقة حركة استباقية ولفتة كريمة ينبغي لها أن تستنسخ وتكرر لصالح الأجيال القادمة ورجالات الوطن الذين لا ينبغي لنا أن ننساهم حتى بعد موتهم وفنائهم