العدد 1489 - الثلثاء 03 أكتوبر 2006م الموافق 10 رمضان 1427هـ

الحسرة في زمن الوفرة

هشام عبدالرحمن خليفة comments [at] alwasatnews.com

ألاف الأقدام المربعة, مئات العاملين, و عشرات الأجنحة. هذا كلام ينطبق على الكثير من مراكز التسوق الحديثة, من الهايبرماركت إلى غيرها التي تمزج بين سوق و مركز خدمات في آن واحد. فمع الطفرة الآقتصادية في السنوات الماضية, و زيادة التركيز على الآستثمارات العقارية, لا يوجد نقصان في البحرين و غيرها من دول المنطقة لأشهر و أبرز العلامات العالمية لمراكز البيع بالتجزئة. و الأمر مستمر, و تزداد المنافسة الحاسمة سنةً بعد سنة و يستفيد الجميع على شكل و آخر عبر التوظيف و الأسعار التنافسية. لكن بينما نحن نحظى بأفضل تجربة تسوق بحسب الشواهد الاقتصادية الحاسمة, هل نحن حقاً أفضل مما كنا عليه من قبل؟

هذا السؤال ليس مستثنى اقتصادياً و لا اجتماعياً و لا حتى سياسياً, بل هو سؤال يمزج بين كل هذه الأمور تحت منظور فردي, يهدف إلى فك رموز اللغز الذي يكمن لدى الكثير من المواطنين. هذا اللغز يتمتع ببساطة المظهر, سهل اللفظ: الدين.

القروض ليست مشكلة, بل طريقة استخدامها و ترويجها كأول و أخر فرصة للعيش مكرماً معززاً. بالطبع, كل شخص مسئول عن الاهتمام بمصاريفه و التحكم بقروضه, لكن لا يقتصر الاهتمام على المواطن فقط. فمنح القرض يتطلب مشاركة المصارف و الدولة في زرع ثقافة مالية لدى المواطنين. و لكن عندما ترى معظم المواطنين يشكون من الرواتب الضعيفة مما يجبرهم على اخذ القروض و بطاقات الائتمان, المشكلة هي أكثر من مجرد تثقيف. المشكلة هي في تركيبة اقتصادية غير متزنة في البلد. تركيبة تتطلب مصارحة شاملة من قبل المسئولين في الدولة و منفذي الخطط الاقتصادية.

في زمن الوفرة, هناك حسرة. ليست حسرتك فحسب, و لا حسرة المحلات الضخمة, بل حسرة المواطن الذي يجد نفسه يملك لكن لا يمتلك. مرحباً بكم في زمن وفير تزداد فيه القروض حتى و إن كانت الأسعار منخفضة. زمن تباع فيه الأتعاب قبل أن يتصبب عرق الجبين. فالكثير منا قد باع مستقبله, بادله من أجل الحاضر, من دون أن يدرك. لا نلام, فالعيش الآن أفضل من الموت في المستقبل, و إن لزم الأمر الاستلاف لضمان القوت, فليكن كذلك.

من يوجه إليهم السؤال هم الخبراء الذين يتبجحون بأن البلد غامر بالاستثمارات و الأموال و الرواتب العالية. لهؤلاء سؤالنا بسيط: متى كانت آخر مرة زرتم فيها محلات التسوق و سألتم مرتاديها عما إذا كانت مشترياتهم ملكهم أم لا؟

قد يكون الإقراض واقعا من الاقتصاد الحديث و المعاملات المصرفية المنتشرة, لكن لا يعني هذا بأن يكون المواطن مقيدا بها طيلة حياته إلى ما لا نهاية. كيف إذاً يتقاعد الشخص و يعيش في امن و سلام من دون خوف من احتمال خلع ملابسه و إعادتها إلى المتاجر في نهاية زمانه؟

العدد 1489 - الثلثاء 03 أكتوبر 2006م الموافق 10 رمضان 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً