تشهد الأراضي الفلسطينية المحتلة أحداثا دموية تهدد إذا ما توسعت، بإغراق البلاد في حرب أهلية، سيكون من الصعب السيطرة عليها أو تطويقها.

فالصدامات التي وقعت خلال الأيام الماضية في غزة وخان يونس بين قوات الأمن التابعة للرئيس محمود عباس ونظيرتها التابعة لحكومة «حماس»، أدت إلى مقتل ستة أشخاص وإصابة خمسين آخرين.

وما زالت حدة التوتر في تصاعد مع استجابات محدودة للنداءات التي وجهها كل من عباس ورئيس الوزراء إسماعيل هنية إلى أنصارهما بضبط النفس ووقف أي اقتتال داخلي.

عباس يتحمل الجزء الأكبر من المسئولية عن تدهور الأوضاع، ووقوع الصدامات الدموية، لأننا لا نعتقد أن من الحكمة أن تتنازل «حماس» عن مبادئها لجهة الاعتراف بالاتفاقات الموقعة بين السلطة التي تقودها «فتح» والدولة العبرية لصالح تشكيل حكومة الوحدة الوطنية، وهو ما دعا إليه الرئيس.

فمسلسل التنازلات التي حصلت منذ العام ، لم يوصل الشعب الفلسطيني إلى أي من حقوقه التاريخية والثابتة، اللهم سوى السماح بعودة عدد من قياديي «فتح» ومنظمة التحرير وبعض الشخصيات إلى أرض الوطن الفلسطيني.

ونعزو المصادمات المسلحة بين أجهزة الأمن المتناحرة في قطاع غزة في أسوأ اقتتال داخلي، ليس إلى عدم صرف رواتب أو تعثر محادثات تشكيل حكومة وحدة وطنية، بل إلى مسلسل الحصار التجويعي الذي تفرضه «إسرائيل» على الشعب الفلسطيني. فما يحدث من اقتتال في غزة لا يتوقعه أحد، فهل من المعقول أن يقتل الفلسطيني أخاه مهما كانت الأسباب؟!، هذا ما تطمح إليه «إسرائيل» وأميركا من أجل إنجاح مشروعاتهما.

ينبغي على الإخوة الفلسطينيين التفكير سوية من أجل رفع الحصار وتجسيد الوحدة الوطنية للخروج من هذا المأزق، وهذا يمكن أن يتحقق بالعودة إلى الحوار، وبالسيطرة على الفلتان الأمني والفوضى. وتفعيل مؤسسات منظمة التحرير ونزع الصفة الحزبية عن الحكومة والسلطة على حد سواء، وتشكيل حكومة وحدة وطنية، وأن يأخذوا بالحسبان استغلال «إسرائيل» لحال الفلتان الأمني بتنفيذ تهديداتها بشن عمليات عسكرية موسعة في قطاع غزة بعد عيد الغفران اليهودي