العدد 1488 - الإثنين 02 أكتوبر 2006م الموافق 09 رمضان 1427هـ

حركة «الرجل الواحد»

محمد العثمان Mohd.Alothman [at] alwasatnews.com

في تعريفه لـ «الحزب السياسي» يذهب محمد منذر (الجبهة والحزب السياسي) إلى أني حزب سياسي، يجب عليه أن يتمتع بوحدة الايديولوجيا، عبر إرادة معبرة واحدة، لبرنامج سياسي واحد وبنظام داخلي واحد، كما يشير الباحث أيضاً إلى رأي «eyeanyeS»، والذي يذهب إلى أن الأحزاب الوطنية «تجمع منتسبيها، من جميع أفراد الشعب من دون تمييز طائفي، وتأخذ نزعتها منحنى ايديولوجياً لا طائفياً تكاد تتشابه فيه مع الأحزاب الأوروبية. وذلك بحضورها في مختلف الدوائر الانتخابية وبترشيح مرشحيها للانتخابات النيابية من كل الطوائف».

ويضيف المؤلف: «أما الأحزاب الطائفية فهي تنظم دفاعاتها على أساس طائفي وليس على أساس ايديولوجي (...)، وهناك أحزاب ضمن الطائفة فهي الأحزاب التي تتصارع على عدد المقاعد المحددة للطائفة في القانون الانتخابي». وإن كانت المحاصصة غير واردة كنص قانوني فإنها حاضرة كعرف انتخابي لدى الدولة في البحرين. ولعل أبرز الجمعيات التي تعمل ضمن الطائفة في الواقع السياسي البحريني هي: الوفاق الإسلامية، العمل الإسلامي (أمل)، المنبر الإسلامي، الأصالة وجمعية الشورى الإسلامية.

نسلط الضوء على حركة العدالة الوطنية، لذلك، علينا الاطلاع على الخلفيات التي سبقت تشكيل الحركة. وهل هي كما يذهب بعض المراقبين للحراك السياسي هي حركة «الرجل الواحد»، وهو المحامي عبدالله هاشم.

الدعوة لتأسيس حركة العدالة الوطنية جاءت في مناخ سياسي معين، ومن أرضية جيوسياسية معينة تحمل في باطنها الكثير من المتناقضات.

الرجل الواحد... قليل من الضوء

الدور المحوري في نشأة «عدالة» هو للمحامي عبدالله هاشم، صاحب الجدل السياسي والعبارة المشهورة بشأن حمل «السلندرات» احتجاجاً على صدور دستور . المحامي كان سابقاً منضوياً تحت لواء الجبهة الشعبية، ولكنه قدم استقالته منها بعد احتجازه لعدة ساعات في الثمانينات، ومع ذلك ظل قريباً من «الجبهة»، ممارساً دوره الشعبي على أساس أن العمل الجبهوي غير مناسب لتلك الفترة.

كان لهاشم دور بارز في التسعينات ابان بداية الحوادث السياسية آنذاك. ومع ما حمله المحامي من امتداد تنظيمي سابق (فكراً وممارسة)، ظل متصدراً مع آخرين المعركة من أجل المطالبة بتفعيل الدستور وانتخاب برلمان في قبال السلطة، ومسانداً للحركة المطلبية الدستورية الشعبية، وكعضو فاعل في العريضة النخبوية.

بعد تأسيس الجمعيات السياسية في البحرين، لجأ المحامي إلى تأسيس «التجمع الوطني الديمقراطي»، وكان من المؤمل أن يجمع أطرافاً سنية وشيعية، إلا أن «التجمع» شهد عدة انقسامات أبرزها استقالة الشيخ الجدحفصي وآخرين من المحسوبين على التيار الشيعي، ومن ثم تبعتها استقالات عدة كان لها أول ولم يكن لها آخر، وصولاً إلى ساحات المحاكم لحسم الموقف بشأن شرعية عضويته وآخرين في «التجمع».

لجأ المحامي على إثر ذلك التصدع - وفي خضم وجود شريحة كبيرة من المنتمين إلى التيار السني العام - إلى استقطاب تلك الشريحة غير المنضوية في الجمعيات الإسلامية السنية (الأصالة والمنبر الإسلامي والشورى). لجأ مع آخرين مستقلين إلى تشكيل جميعة المحرق الأهلية وكانت له اليد الطولى فيها، قدمت الجمعية نفسها كخيار بديل عن الجمعيات السياسية السنية (الأصالة والمنبر والشورى)، وقدمت نفسها أيضاً كخيار مقابل/مضاد لـ «لوفاق»، والتي ضمت أفراداً من الطائفة الشيعية، وكما كان يقال «ما المانع أن نضم عناصر من الطائفة السنية للجمعية»، إلا أن المناطقية رافقت، والخدمية حددت نطاق عمل الجمعية. ظلت المؤسسة الجديدة محصورة في المحرق، وقامت على أهداف معلنة كجمعية خدمية تهتم بالعمل الاجتماعي.

بعد أن وقفت الجمعية على قدمها، كان لعناصر أخرى مؤثرة في الجمعية رأي فيما يخص الاستقلالية عن «إملاءات» المحامي ووصاياه، وذلك نظراً إلى وجود كفاءات عدة في الجمعية، ولهم نظرة سياسية واجتماعية تختلف عن المحامي.

الخروج على هاشم

أدى ذلك إلى التصريح للصحافة وفي المجالس الأهلية بأن «الجمعية لا تدار من قبل المحامي بل لها مجلس إدارة قائم عليها ويصدر القرارات». المحامي منذ البداية أدرك أن هناك مساحة عريضة غير مغطاة من قبل الجمعيات الإسلامية السنية أو الوطنية، وعلى ذلك قام بتأسيس حركة العدالة الوطنية كحركة بديلة عن الجمعيات السياسية السنية والوطنية، فالأولى كانت محصورة في أعضائها من التنظيمات الخيرية، والثانية لم يجد المحامي موطئ قدم له فيها، نظراً إلى عودة زعمائها من الخارج.

في حركة العدالة الوطنية تجد المنتمي للطرق الصوفية، وهناك العضو بجمعية الشورى، وهناك المنتمي للمنبر الوطني الإسلامي (إخوان مسلمون)، وآخرين منتمين إلى السلفية الجهادية (مع التحفظ على اللفظ، فالسلفية الجهادية لا تعترف أصلاً بالشرعية لأنظمة الحكم القائمة على الدساتير العلمانية، فضلاً عن المشاركة في انتخابات نيابية)، وليبراليين وغيرهم. البعض الآخر تمتد جذورهم الفكرية إلى اليسار.

إذاً، ما هو الجامع لكل هؤلاء؟ لعلنا نجيب بأن «عدالة» هي حركة جامعة لأطياف مختلفة يجمعهم انتماؤهم المذهبي، إلا أن هناك فروقات كبيرة بينهم. منها ما يتصل بالفكر أو الممارسة أو الاثنين معا.

هذه الخلافات تصل إلى حد التنافر الفكري (النظري) الذي سيولد بلا شك انشقاقات عملية (إجرائية) بين المنتمين إلى عدالة؛ إلا إذا كانت عدالة قائمة أساساً على انها تحالف انتخابي بين مجموعة من الأفراد فإنها ستستمر على هذا النهج، بغض النظر عن الأفكار المختلفة التي يحملها المنتمون إليها، هذا الرأي ثمة من يعول عليه.

خطر آخر يحيط بالحركة جراء انضمام أفراد كانوا منتمين إلى جمعيات سياسية أخرى، وجد هؤلاء في «عدالة» فرصة للبروز إلى الواجهة، إذ حرمتهم جمعياتهم الأم من أي دور ريادي في العمل السياسي، إنه طموح البروز في الواجهة. أمام هذه الأخطار المتربصة بعدالة هل ستتجاوز المؤسسة مشكلاتها أم تهتك بأوصالها الأيام؟

الخروج أيضا على «القائمة»

بحسب المعلن عنه حتى الآن: «عدالة... لن تخوض الانتخابات بقائمة»، ولكن ذلك يجرنا إلى تساؤل عن الاستعجال في نشأتها إبان فترة الانتخابات، وعن الغاية من إرباك قادتها بعملية التأسيس وانشغالهم طيلة عام - كما ذكر البعض- بالتحضير ومناقشة التأسيس والإشهار.

ألم يكن من الأجدى الانشغال بعمل ذي مردود على العملية الانتخابية عوض إضاعة الوقت وبذل الجهد المضني في عملية التأسيس المرتبكة؟!

قد يكون لعدالة الكثير من الأنصار، في مناطق المحرق تحديداً، ولكن هذا لا يكفي، فهؤلاء الأفراد بحاجة إلى قوة تنظيمية حقيقية، تحتاج هذه الولاءات إلى عملية (مأسسة). تحتاج إلى فرق عمل تقوم بدفع هذه الولاءات ناحية مرشح واحد، برنامج واحد، ايديولوجيا واحدة، كما ذكرت في بداية المقال. إلى الآن، آلية «عدالة» النظرية غير واضحة المعالم في هذا الاتجاه، أي اتجاه ما نسميه لعبة «الحشد» و«التأييد» في المفهوم السياسي.

قد تكون حظوظ عدالة الانتخابية غير معلومة، إلا أن عبدالله هاشم يدرك أن معركته ليست من السهولة بمكان في ظل منافسته لرفقاء الدرب من الجبهة الشعبية والتي تتجه خياراتها لترشيح المحامي سامي سيادي. الظاهر لنا أن التنظيمات السياسية (الوسط العربي الإسلامي، المنبر التقدمي، التجمع القومي، الوفاق والعمل الإسلامي) أقرب إلى ترشيح سيادي كعضو في التحالف الرباعي وقريب من «الوسط» و«التقدمي» من هاشم.

محازبو سيادي يملكون حظوظاً كبيرة في الدائرة خصوصا إذا ما أخذنا في الاعتبار منافستهم القوية على المقعد البلدي في الانتخابات السابقة. هذا من جهة. ومن جهة اخرى، ندرك أن رجل الأعمال عثمان شريف سيكون نداً قوياً للمحامي، من دون تهميش للغريمة أنيسة فخرو، فلها من الكعكة نصيب محفوظ إذا ما ترشحت للانتخابات.

هناك أيضاً، الكاتب ناصر الفضالة المدعوم من الإخوان المسلمين، والسلفي عدنان البدر ومساندة السلفيين له. إذاً، يظهر قطب الرحى في «عدالة» في موقع خطر. وهو خطر من كل الجهات والتوجهات (التجار، الليبراليين، الإخوان، السلفيين، الوطنيين) ماذا تبقى إذاً؟!

الحظوظ الأخرى... أخطار أخرى

حظوظ أعضاء «عدالة» في باقي الدوائر ليست بأقل خطورة وتعقيداً مما يواجه هاشم في دائرته. فمحيي الدين خان، لم تكن له مساهمات على الصعيدين السياسي والاجتماعي في السنوات الأربع الماضية، ويقف في مواجهة السعيدي ذي التوجه السلفي والمدعوم من جهات رسمية، والذي يحظى بدعم طائفة كبيرة من الذين حصلوا على الجنسية البحرينية أخيراً، والذين سيدعمونه نظراً إلى مواقفه التي تبرر وجودهم وشرعية تجنيسهم.

أما المنافس الآخر لعضو «عدالة» فهي الناشطة النسائية في العمل الخيري والسياسي مريم الرويعي ذات الامتداد القبلي في الرفاع. ناهيك عن أن خان صرح بأنه لن يكون مدعوماً من السلفيين، ويؤكد ذلك تصريح رئيس كتلة السلف غانم البوعينين بأن الأصالة لن تدعم أعضاء «السلفية الجهادية» في إشارة واضحة إلى خان.

في البسيتين، يواجه عضو عدالة عيسى سيار الخطورة نفسها تقريباً إن لم يكن المشهد أكثر سوءاً، فهو ينافس شيخ السلفية في البحرين، صاحب الشخصية الكاريزماتية عادل المعاودة، وجمعية الأخير هي صاحبة المقعد النيابي في الانتخابات الماضية، كما أن لـ «الأصالة» امتداداً جماهيرياً من خلال الصندوق الخيري ومركز الرميصاء النسائي. إضافة إلى مواجهة يحيى علي المدعوم من نادي البسيتين والمنطقة القديمة. ومن جهة أخرى، من المتوقع أن يحظى عبدالقادر أحمد بدعم «الإخوان المسلمين» و«الوسط العربي الإسلامي» وربما «التيارات الوطنية» (المنبر التقدمي، العمل الوطني الديمقراطي) وكذلك من بعض التجار في المنطقة، إذ المرشح ينتمي إلى الطبقة التجارية. والتنظيمان (الإخوان والوسط) استطاعا تحقيق نتيجة متقدمة للمرشح خليفة المنصور، في الانتخابات الماضية قبال السلفي عيسى المطوع الذي فاز بفارق ضئيل.

في المحرق، محمد عبدالله علي جاسم فخرو، وهو عضو مؤسس في عدالة ورفيق درب لهاشم منذ تأسيس «التجمع» وقبله. يواجه قريبه النيابي عضو الم

إقرأ أيضا لـ "محمد العثمان"

العدد 1488 - الإثنين 02 أكتوبر 2006م الموافق 09 رمضان 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً