العدد 1488 - الإثنين 02 أكتوبر 2006م الموافق 09 رمضان 1427هـ

شواهد التجنيس بأم العين والحكومة ماضية في الإنكار

فريدة غلام إسماعيل comments [at] alwasatnews.com

وفق الأرقام الرسمية بلغ عدد الناخبين في العام ( ناخباً)، وارتفع عددهم في العام وفق ما ورد في الموقع الالكتروني الرسمي للانتخابات إلى ( ناخباً)، وإذا أجرينا عملية طرح بسيطة يتبين لنا أن الزيادة في أعداد الناخبين خلال السنوات الأربع بين الانتخابين بلغت ( ناخباً). الا أن هذا لا يتوافق ومعدلات الزيادة الطبيعية للسكان أو بلوغ بعض الأفراد السن القانونية للانتخاب خلال الأربع سنوات الأخيرة . ووفق بعض المعادلات لاحتساب الزيادة الطبيعية في الكتلة الانتخابية باحتساب نسبة النمو السكاني المعتادة وهي ( , في المئة)، وبتعديل مدخلات العام لتشمل شريحة الشباب فوق العشرين، كما هو الحال الآن، وكما أشارت إلى ذلك نتائج بعض الدراسات الإحصائية فان الزيادة الطبيعية والمنطقية في كتلة الناخبين تتراوح بين ( ناخباً) و( ناخباً) أي ما يقارب نصف الرقم الرسمي وهو ( ناخب). إذاً كيف نفسر تلك الزيادة غير الطبيعية. طبعاً ليس السبب هو الزيادة في معدل الخصوبة لدى المرأة البحرينية لأنه أمر صعب الاستيعاب ويصطدم مع قوانين الطبيعة إذ لا يمكن أن يتضاعف معدل الخصوبة هذا على مدى السنوات الأربع السابقة هكذا من دون سابق إنذار بل هو معدل التجنيس السياسي السري الذي يصل إلى معدلات سنوية تقل قليلا عن سبعة آلاف مجنس.

المهم في الأمر ومن دون الحاجة إلى أرقام مفحمة فإن التجنيس قد بات واقعاً ملموساً يشاهده المواطنون في كل مكان بأم العين، ويتهامسون ويتناقلون الحكايات المؤلمة وأحياناً النكات المضحكة المبكية عنه بلا حول ولا قوة.

ليس كرهاً في المتجنسين فهؤلاء قد لا يدركون الغرض من وراء تجنيسهم، وقد لا يعلمون أنهم سيستخدمون تروساً بشرية في ماكنة تشتغل بوقود مشبوه وعقلية انقلابية تكره المواطن، وقد يكون العرض الملح والمغري من قبل السلطات المانحة للجنسية لبعضهم أو غالبيتهم بمثابة الفرصة الذهبية التي لا تأتي في العمر أكثر من مرة. وطبعاً لن يكون من الذكاء بالنسبة إلى أي مجنس في خانة ذوي الصعوبات، رفض الجنسية المنحة ورفض تأسيس حياة مريحة أو مريحة جدا، مقابل حياة صعبة أو بائسة ربما كانوا يعيشونها، كما هو حال العرب إخوتنا الذين يحصلون على الجنسية في الدول الغربية التي استعمرتهم في غابر الزمان. المسئولية هنا تقع على كاهل من يقوم بهذا التخطيط الأسود فيما يمكن أن يوصف بالانقلاب على المواطنين، هؤلاء هم من يجب أن يحاسبوا على ما يقومون به من هدر لثروات أجيال المستقبل، فهل راعوا القواعد القانونية والدستورية السليمة والخالية من الشبهات كما يدّعون، فهذه لا يعترض عليها أحد وفي مقدمتهم المدافعون عن حقوق الإنسان مسترشدين، وبحق، بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان ومضامين الشرعة الدولية لحقوق الإنسان. إن سلوك وأفعال المسئولين السرية في التجنيس السياسي عندنا لا تتوافق مع الرؤى النبيلة للمدافعين عن حقوق الإنسان، ولا أعتقد أن أحدا منهم يرضى أن تنتهك حقوق مقابل حقوق بل والأخطر أن ينتهك مستقبل أطفال مقابل تأسيس احتياط سياسي للسلطة من مواطنين تحت الطلب.

لقد أصبح الضغط ملحوظاً في المدارس الحكومية وفي المرافق والمستشفيات الصحية، وأضحى الناس يتحدثون عن الاحتكاكات الاجتماعية اليومية وعن حالات العصبوية لعدد من هذه المجموعات المجنسة في صعوبة بالغة من قبلهم للاندماج في النسيج الاجتماعي وحرص زائد على تجميع ما يمكن تجميعه من خيرات. فالبعض جاء بزوجتين أو ثلاث أو أربع وبأطفال كثر تدفقوا على المدارس ومواقع الإسكان في الوقت الذي ينتظر فيه المواطن دوره على قوائم الانتظار لمدد تتراوح بين العشرة والعشرين عاما. وان سلمنا بأن السلطة رأت أفضلية استبدال الكادر البحريني (الكسول) و(غير الفاعل) بالكادر العربي والأجنبي الموالي، فلماذا الاستعجال وإعطاءه هذا الكادر غير المجرب حق التصويت الفوري، في حين ينتظر المجنس في دول خليجية مجاورة فترة عشر سنوات قبل أن يصوت، وبالقانون أيضا.

إن القوى الواضعة للقوانين لدينا تعي جيدا أن الجنسية رابطة قانونية سياسية تربط شخصاً ما بدولة، وأن لها تأثيرات اجتماعية شتى ضمن اهتمامات ومفردات علم الاجتماع القانوني، وتعلم أنها تعزز الولاء السياسي للحكومة وتعزز فكرة الرعية مقابل مبدأ المواطنة المناهضة للتمييز والمحترمة لحكم القانون. وبلغة الأرقام الرسمية فان البحرين قامت في الفترة من إلى مايو/ أيار بتجنيس () شخصاً من بينهم () عربيّاً، ويشمل العدد الإجمالي للمتجنسين «الشخص المتجنس وزوجته وأبناءه وأبناء أبنائه وزوجاتهم فضلا عن الزوجات العربيات المتزوجات من بحرينيين بالولادة»، إلا إن أرقاماً أخرى تشير إلى ان العدد الحقيقي يصل إلى (مئة وستة وأربعين ألفا) ما يصنع ديموغرافية جديدة ويغير فعليا قواعد اللعبة الانتخابية ويشتري الولاء السياسي للحكومة، فضلا عن الانعكاسات السلبية للتجنيس على المجتمع من حيث الهوية الوطنية والتداعيات الاقتصادية والاجتماعية وتضخم موازنات الدولة في قطاعات التعليم والصحة والإسكان وغيرها.

فلنبحث جميعاً عن الحقيقة فيما يخاط حولنا من انتهاكات مستمرة وسافرة لحقوقنا، كل بأسلوبه، وما ضاع حق وراءه مطالب

إقرأ أيضا لـ "فريدة غلام إسماعيل"

العدد 1488 - الإثنين 02 أكتوبر 2006م الموافق 09 رمضان 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً