في وتيرة متسارعة للحوادث على الساحة السياسية، تعلن حكومة البحرين عن إلغاء التصويت الإلكتروني... هذا الحادث المهم جدا على مستوى الحياة السياسية له أبعاد كثيرة ستلقي بظلالها على الانتخابات المقبلة، وكان تصريح الشيخ علي سلمان وتأكيده أن جلالة الملك تدخل شخصيا لإنهاء الملف ووضع حدا للتكهنات، دليلاً كبيراً على رجوع الثقة التي خلخلها ملف التصويت الإلكتروني وتقرير صلاح البندر.
دعونا من الخوض في تقرير صلاح البندر الذي أشبعه الكتاب كتابة وتحليلا، ولنكتفي بما يدور ويجول في عقول الساسة بشأن إلغاء التصويت الإلكتروني. فلا ينكر أي أحد أن إلغاء التصويت الإلكتروني لم يكن مفاجئا للجميع، بمن فيهم التحالف الرباعي، الذي لم يكن متفائلا كثيرا من غلق الملف، وخصوصا بعد لقائهم الأخير جلالة الملك، وإعلان الجهاز المركزي للمعلومات اعتماد التصويت الإلكتروني في اليوم التالي من اللقاء.
ولعل أغرب التصريحات، ما جاء على لسان النائب السعيدي الذي بدا حزينا جدا من إلغاء التصويت الإلكتروني، ولا ندري ما السبب من وراء هذا الحزن، ولا يوجد من يختلف على أهمية تسوية الأجواء وتلطيفها بين الحكومة والمعارضة لكي تعطى عملية الانتخابات أبعادها الديمقراطية، وإعادة الثقة بين الجميع ودرء الفتنة بأقصى درجة ممكنة، وكان حريا بالسعيدي أن يفرح من هذا الإجراء وخصوصا أنه جاء على يد جلالة الملك الذي يعلم علم اليقين ضرورة ضبط الأجواء وإعادة المياه إلى مجاريها قدر المستطاع، وهي خطوة جريئة أشاد بها رؤساء الجمعيات السياسية.
ومهما يكن من أمر، فإن إلغاء التصويت الإلكتروني من شأنه أن يخفف من وطأة ما تركه تقرير البندر الذي خلط الحابل بالنابل، ويبدو أن توقيت الإلغاء سيكون له كبير الأثر لدى المعارضة التي حرصت على سير العملية الانتخابية بعيدا عن الشبهات.
وتتمنى المعارضة في هذه الفترة، أن تمر الأمور بسلام من دون أن تتعرض إلى أية مفاجآت غير محسوبة في حساباتها، وستسعى جاهدة إلى العمل على إيصال أكبر قدر ممكن من ممثليها إلى قبة البرلمان لتحقق ما ترنو إليه وهو النسبية النسبية أو الساحقة إن أمكن، على رغم أنها تعلم علم اليقين أن ذلك صعب المنال، بل إن بعض رموزها متيقنون أنهم لن يتمكنوا من تحقيق أي جديد، وخصوصا أن الحكومة حصنت نفسها في داخل البرلمان وخارجه.
إذاً، فنحن أمام انتخابات بلا إلكترونيات، صحيح أن لدينا مجنسين لا نعلم من أين ينسلون، ولكن المعارضة ستتحمل تبعات ما يجري وستدخل بقوة لأنها أخذت على عاتقها شعار «خذ وطالب» فقد ذهب الزمان التي تراقب فيه ما يحدث من خلف أسوار صناعة القرار... صحيح أن لدى المعارضة طموحات مشروعة، ولكن يرى كثيرون أن وجود المعارضة وبقية الأطياف من المحسوبين على الحكومة والمستقلين في مصنع القرار أمر في غاية الروعة، ومن شأنه أن يأخذ البحرين إلى بر الأمان وإعادة النصاب إلى مكانه طال الزمن أو قصر
إقرأ أيضا لـ "عبدالله الملا"العدد 1488 - الإثنين 02 أكتوبر 2006م الموافق 09 رمضان 1427هـ