العدد 1488 - الإثنين 02 أكتوبر 2006م الموافق 09 رمضان 1427هـ

النرجسة المسمومة

عدالة الخامس من مارس

عادل مرزوق Adel.Marzooq [at] alwasatnews.com

-

تناول الخيميائي بيده كتاباً، كان قد أحضره أحد أفراد القافلة، لم يكن للكتاب غلاف، ولكنه استطاع على رغم ذلك التعرف على اسم الكاتب «أوسكار وايلد» وهو يقلب صفحاته، وقع نظره على قصة كانت تتحدث عن «نرجس» لا شك أن الخيميائي يعرف أسطورة «نرجس» هذا الشاب الوسيم الذي يذهب كل يوم ليتأمل بهاءه المتميز على صفحة ماء البحيرة. كان متباهياً للغاية بصورته، لدرجة أنه سقط ذات يوم في البحيرة، وغرق فيها، في المكان الذي سقط فيه، نبتت وردة سميت باسمه: «وردة النرجس».

مطلع رواية «الخيميائي»

في الخامس من مارس/ آذار خرج عبدالله هاشم ورفاقه بمقولات كبرى، توطئتها سرد تاريخي «محبوك» لحركات التحرر الوطني، كل الأمور تبدو واضحة، ما خلا أن لا شيء يشي بالتحرر، السرد يوازي الظهور بحركة تحرر وطني، يسأل احدهم، ما التحرر الذي يفرزه العام في البحرين؟، ولا يخلو السؤال من بعض «التجني».

يقول المتحررون/المحررون/المنقذون «نعد أنفسنا في حركة العدالة الوطنية امتدادا لهذا التاريخ العريق للكفاح الوطني الذي سطره أجدادنا وآباؤنا من أبناء هذا الوطن العزيز منذ بدايات القرن الماضي»، الكليانيات تلعب لعبتها، ولا يستطيع أحد ما أن يطعن في طهرانية «النص»، والذي تم صوغ بعناية، وهي ملاحظة تستحق الوقوف.

الأدبيات السياسية للحركة الجديدة تمثل تجمع المخلصين الذين سيحملون لواء المطالب الوطنية والشعبية في البلاد، هذه العبارات على الأقل تؤكد ذلك «فقد تنادى مجموعة من مواطني هذا البلد المخلصين، وتعاهدوا على تأسيس حركة سياسية شعبية مدنية تحمل لواء المطالب الوطنية والشعبية في جميع الميادين، وفقاً لمبادئها وأهدافها التي تنظمها وثيقة إعلان تأسيسها».

تقول الهاشميون الجدد «هي حركة سياسية شعبية مدنية، تسعى إلى تحقيق العدالة في جميع ميادين الحياة؛ وتدافع عن وحدة الوطن أرضا وشعبا، وعن استقلاله وسيادته وانتمائه العربي الإسلامي». وتضيف في توصيف ماهيتها «عدالة، هي تحرك سياسي مدني يصل ماضي الحركة الوطنية البحرينية بحاضِرها المُتَحفِّز لأخذ دوره الريادي»، هي «امتداد» أم «التصاق» من يدري؟، شخوص الماضي القريب في التسعينات هنا، المشهد السياسي اليوم يحملهم كافة، لما تزل أعينهم تبصر الضوء، فلم كان منهم هذا التنازل التاريخي عن أكثر أدوارهم رواجاً (أدوار البطولة المعتادة/ التحرر/الدفاع عن وحدة الوطن/ المطالبة بالحقوق).

أم أن إنحرافاً ما، جرى هنا او هناك، فأتى من يتصل بالأهداف التي لم تعد تجد من يحملها على عاتقيه، ليتجلى «يوسف» العصر وإخوته حاملين لواء الحرية الذي رمته رموز التسعينات لتلتقطه حركة العدالة الوطنية على حين غفلة!.

«عدالة» هي «تحرك اجتماعي يمثل فئات الشعب المختلفة، ويسعى به إلى ما يحقِق آماله في العدالة الاجتماعية، وإلغاء التمييز في منح الحقوق وترتيب الالتزامات». على مستوى النص، والنص لعبة، من يستطيع أن لا يقبل بهذه الإطلاقات من الوهلة الأولى، لكنه (التطبيق) يفضح/يقوض/ يخلق زوايا مضادة مما كان يشي به النص الانموذج، فليس التمثل بصور (بن لادن) في العراق، ما ينتظره البحرينيون من (عدالة اجتماعية) تسعى (عدالة) عبدالله هاشم لإنجازها اليوم».

ثمة من يرى أن الحركة ليست سوى حلم فردي يلتف بأمينها العام، إذ يسميها العثمان حركة «الرجل الواحد»، والذي بات يبحث عن مكان ما يحط رحاله فيه، فلم تكن سوى السلفية السنية الحاضنة المثلى لهذا البقاء الذي بات مهدداً قلقاً لا يستقر على حال في أي تجمع سياسي.

من زاوية أخرى، مما تخاف هذه الحركة ومن تحاول أن تسترضي حين تكتب في اهم مدوناتها «تُعدُّ هوية الشعب البحريني العربية الإسلامية، والذود عن حياض الوطن واستقلاله ضد أي اعتداء خارجي أو تحرك شعوبي يعمل على إخراج البحرين من محيطها العربي الإسلامي، خطوطا حمراء لا يجوز العبث والمساس بها»... هل ثمة ما يشي بالعدالة وفق هذه العبارات التي تحمل كما مجازياً مرتفعاً من اتهامات التخوين.

ولماذا تتخذ الحركة خطاباً موارباً في أهم القضايا السياسية المفصلية اليوم في البحرين، ترى «عدالة» أن «دستور يُمثّل حقبة تاريخية مهمة من تاريخ الحركة الدستورية البحرينية، وأن دستور هو حقبة لازمة «دستوريا لإحداث حراك في الوعي العام يتجاوز تراكم القيم والثقافات ذات الطابع الطائفي؛ الأمر الذي يقتضي ممارسة متدرجة للحياة الدستورية تتوج بسن دستور عقدي؛ لإرساء دعائم قوية لحياة دستورية وطنية». لا مع ولا ضد، لكن شيء بينهما يضمن للحركة ديناميكية الحركة، الحركة التي لا تعرف تمييز عدالة أحكامها، لن تستطيع يوماً ما ان تهدي البحرين عدالتها.

وفق هذه التراتبيات لما يسعى البعض إلى استصغار متعمد للمنضمين للحركة في شخصية امينها العام عبدالله هاشم، ومن يستطيع أن ينكر تاريخية هذا الرجل ونضاله، ولما تقرأ الحركة من خلال عبدالله هاشم فقط، ولما يختزل عبدالله هاشم تحديداً الصورة السياسية للحركة، وإن كان هذا الزعم صادقاً فلم استطاع عبدالله هاشم نفسه أن يقلب الطاولة على مناويئه وعلى كل التوقعات التي ذهبت إلى انه قام بتأسيس حركته طمعا في الوصول للمجلس النيابي، ها هو يدخل سباق الترشح للمجلس النيابي بعيداً عن أضواء الحركة، يدخل المعركة مستقلاً يقف وراء تاريخه!.

اليس استهداف عبدالله هاشم بات موضة لدى البعض، حسابات تاريخية يخوضها الرجل مع أصدقاء الأمس أعداء اليوم، فلم تحمل حركة العدالة الوطنية ترسبات هذه الحسابات معها فداءً لعبدالله هاشم المستهدف.

أيضاً، لم لا يهدأ هذا الرجل عن الدخول في عراكاته السياسة التي كادت ان تصل إلى عراكات الأيدي مع فاضل عباس في مشهد من مشاهد السياسة الهاشمية الجديدة، الامر يحتاج إلى بعض الآراء المتخالفة حتى لا نقع في خانة من يتعمدون استهداف عبدالله هاشم جرياً مع مقتضيات الموضة

إقرأ أيضا لـ "عادل مرزوق"

العدد 1488 - الإثنين 02 أكتوبر 2006م الموافق 09 رمضان 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً