لست من اتباع مدرسة «الحنين الى الماضي»، تلك المدرسة التي ترى أن الماضي (دائماً) أفضل من الحاضر، وبالتالي يعبر أصحاب هذه المدرسة عن الحسرة والندامة على انتهاء الماضي... ولكني أعتقد بأن انتخابات العام أفضل من انتخابات و من ناحية الإدارة والشفافية.

كان الوالد الشيخ عبدالأمير الجمري، شافاه الله، أحد مرشحي الدائرة التي تضم عدة قرى (البديع والدراز وبني جمرة وما حولها)، وفي يوم الانتخابات استخدمت الجهة المسئولة عن الانتخابات مدرسة البديع الابتدائية للبنين. المترشحون لتلك الدائرة كان لهم الحق بأن يعينوا شخصين لمراقبة سير العملية الانتخابية. كان أهالي الدائرة يصطفون في الطابور، يسلمون على بعضهم بعضاً، ومن ثم يذهبون إلى مكان خاص للادلاء بالأصوات. وبعد ذلك يتم جرد الأصوات واحتسابها بحضور المراقبين الخاصين بالمترشحين، ويخرج الجميع مقتنعاً بأن إرادة الناخب البحريني قد تحققت فعلاً.

حينها كان الوالد يذهب إلى نوادي القرى ويطرح آراءه، ويجتمع بهم في منازلهم، ويأتون إليه، والكل يعرف بعضهم الآخر ولم تكن هناك حساسيات وحزازات طائفية، وقد ذهبت شخصياً مع والدي الى نادي البديع، إذ التقى بأهالي البديع واستعرض معهم برنامجه الانتخابي وتلقى أسئلتهم وكان اللقاء من أجمل ما يكون... كما هي البحرين جميلة دائماً بأهلها.

أما اليوم، فلم نعد نعرف ماذا يدور، ولماذا يصر الجهاز المركزي للمعلومات (في عصر الكمبيوتر) أن يمنع المترشح من التعرف على منطقته، وعلى من يعيش فيها... ولم يقبل الجهاز بالاقلاع عن فكرة التصويت الإلكتروني التي كانت ستستخدم بأسلوب غير مرض لأكثرية الناخبين إلا بعد أن عظمت مصائبنا من فضحية «بندر غيت». وحتى الآن لا نعرف من أين جاءت الزيادة الكبيرة لعدد الناخبين (أكثر من ألفاً!)، وكيف أن مدينة حمد ازدادت كثافتها السكانية بحيث أن الأرقام التي ذكرها الجهاز تحتاج إلى أكثر من ألفي منزل لملئها... ونحن نعلم انه لم توجد خلال السنوات الماضية مشروعات إسكانية بآلاف المنازل.

ثم أن الجهاز أعطى الحق للناخب بأن يذهب إلى مراكز عامة خارج الدائرة، وهذه ستكون خارج المراقبة، ولا يعلم الا الله ما سيجري فيها. ومع انتشار الوثائق التي تضمنتها فضيحة «بندر غيت» فإن هذه المراكز العامة ستقلقنا كثيراً، لأننا لم نعد نعرف ماذا يجري بالضبط