في الوقت الذي يكثر فيه الحديث عن المسائل الشرعية المتعلقة بالصيام في هذا الشهر الكريم شهر رمضان المبارك عبر جميع القنوات الإعلامية والمنافذ الإلكترونية، فإنه وفي هذه الأجواء المباركة وصلتني عبر بريدي الإلكتروني مجموعة من المسائل الفقهية المتعلقة بفقه الكمبيوتر، فهل فعلاً هناك فقه خاص بالكمبيوتر والإنترنت؟

استنساخ وتوزيع البرامج، القرصنة والهكرز، الدردشة بين الرجل والمرأة، تخريب المواقع وصناعة الفيروسات وكذلك نشر الفضائح عبر الإنترنت، مشاهدة الصور والأفلام الجنسية المثيرة أو بثها عبر الشبكة العنكبوتية، كل هذه الأمثلة ظواهر دخيلة على لغة التقنية وهي ظواهر إجرامية مستجدة مع التقدم التقني وتقرع أجراس الخطر لتنبه مجتمعاتنا عن حجم مخاطرها، فهي تستهدف الاعتداء على معطيات التكنولوجيا، وتمس الحياة الخاصة للأفراد وتهدد الأمن القومي والسيادة الوطنية وتشيع فقدان الثقة بالتقنية وتهدد من إبداع العقل البشري.

لذلك ومن البديهي أن يكون للشرع كلمته وللقانون موقفه في التعامل مع مثل هذه الظواهر الخطيرة وخلق آليات شرعية وقانونية للحماية من أخطارها من منطلق كون الشرع كائن حي يعكس ميوله واتجاهاته واحتياجات المجتمع ونزعاته لتنظيم حماية الحقوق الفردية والجماعية عبر قواعد التشريع في فروعه المختلفة، فعمد رجال الشرع إلى تحدي الآثار السلبية التي خلفتها التقنية العالية في استنباط الأحكام الفقهية المتعلقة بالحقل التقني وتوعية المستخدم بها، وذلك لضمان التعامل السليم مع أدوات العصر الرقمي، كما كان للقانون دوره في ولادة تشريعات الخصوصية الرقمية وتشريعات جرائم الكمبيوتر والملكية الفكرية للمصنفات الرقمية وتشريعات المعايير والمقاييس الالكترونية وتشريعات التجارة الالكترونية.

ويبقى على رغم كل هذه التشريعات التي من شأنها تأمين تعاط شرعي مع التقنية، فإن الدور الأكبر يقع على المستخدم في تقوية الوازع الديني له في هذا المجال، وذلك بالحفاظ على قيمه الإسلامية وتأصيل ثوابته الدينية عند استخدامه للكمبيوتر أو ولوجه لشبكة الإنترنت، كما أن لأئمة المساجد ورجال الشرع دورهم أيضاً في تكثيف المحاضرات المتعلقة بانتهاكات التقنية وأوجه الوقاية منها، وفي المنزل مراقبة الوالدين لأبنائهم تلعب دورها في حماية الأبناء من السير في الطريق المظلم للتقنية، ومن جانب آخر فإن كفاءة مبرمجي الكمبيوتر ومدى حرصهم على إنتاج مواد صالحة وقوية كبديل لأي مغريات سيئة كفيلة أن تضمن بيئة تقنية نظيفة