عادة ما يخضع المرء لما حوله من ظروف و هموم ومسئوليات, ولا يرى سوى ما عليه القيام به في هذا اليوم, هذه الساعة, هذه اللحظة... قف للحظة! نعم, كما أنت, توقف عما تقوم به. لا عليك من تلك الأوراق المبعثرة على مكتبك أو تنبيه البريد الإلكتروني.
ألا نستحق أن نأخذ بضع دقائق لنسأل أنفسنا بعض الأسئلة البسيطة؟ ليس لتبرير ما نقوم به, بل لإيجاد ما هو الذي حقاً نريده. أسئلة مثل «هل هناك أمر فقد أهميته بسبب انشغالي بأمور أخرى؟«, «متى كانت آخر مرة تعلمت شيئاً جديداً؟«, «هل صارحت نفسي عما أريد القيام به؟» إلخ. فهذه قد تكون أسئلة عادية, لكن بإمكانها أن تزيل الغشاء الذي تضعه أمامك على عينيك.
الوقت كما يقال يمر بلمح البصر. فجأة نجد أنفسنا في حال لا يمكن الفرار منها. ننظر إلى المرآة و نرى بأن الوقت قد فات, وها قد أصبحنا ما كنا نخشاه. ففي زحمة الحياة نسينا أنفسنا وفقدنا وعينا إذا صح التعبير, ووجدنا أيامنا كأيام غيرنا من الناس. نعمل, نأكل, نتذمر, ننام, إلخ. فأين تقع الحياة في كل هذا؟
لكل شخص قناعته و عقيدته و فهمه الخاص للحياة. ولا يمكن لأحد أن يملي على الآخر ما يجب أن يقوم به من دون سبب أو مبرر وجيه. وفي هذا نجد صلب موضوعنا, و هو إن إذا لم نبق واعين, قد نرى بأن حياتنا هي ملك الآخرين أو ملك ظروف الماديات التي تحيط بنا. وإنه لشيء مؤسف أن ينسى الشخص نفسه في مسيرة حياته. فعندما يحدث هذا, نصبح في نقطة ضعف ومتقبلين لآراء الآخرين وحتى تهديداتهم إلينا وما يجب أن نقوم به.
قد يفسر هذا الكلام و كأنه أناني, مهتم بالفرد بدلاً من الغير والمجتمع. لكن كيف على الفرد أن يساعد الآخرين حقاً إذا هو نفسه يحتاج لمن يساعده؟ وما من أفضل شخص ليساعده غيره هو بنفسه؟ فلا يكلف الله نفساً فوق طاقتها, وبهذا نجد بأننا كلنا يمكننا أن نتحمل أكثر مما نظن, ونعمل على إصلاح أمورنا بما فيها تلك الشخصية والتي ترتبط بأنفسنا. وعندما نقوم بذلك, نحسن من وضعنا مما يجعلنا أكثر تأهيلاً لمساعدة الآخرين.
فلا نقول إن التضحية شيء يجب استبعاده, بل على العكس, ضح وثابر واعمل على مساعدة الآخرين ما دام ذلك ما هو أنت تريده, وما يعطي لحياتك معنى و مغزى. لكن في الوقت نفسه صارح نفسك, فمن أكره الأشياء هو أن يجامل المرء ذاته, ويخدع نفسه. فلا تنسى أن تسأل نفسك ها أنا ذا, أم ها أنا ذا؟
العدد 1487 - الأحد 01 أكتوبر 2006م الموافق 08 رمضان 1427هـ