فجرت تونس مفاجأة من العيار الثقيل بحلولها في المركز الأول بين الدول العربية قاطبة في تقرير التنافسية للعام 2006 والذي صدر قبل أيام. يتمتع التقرير بصدقية مميزة وذلك نظرا لجهة الإصدار أي المنتدى الاقتصادي العالمي ومقره (دافوس) بسويسرا. وكان المنتدى الاقتصادي قد بدأ بإصدار التقرير السنوي منذ العام 2001.
كما أشرنا في مقال يوم أمس (الأحد) يستند تقرير التنافسية على ثلاثة متغيرات رئيسية وهي:
أولاً: بيئة الاقتصاد الكلي.
وثانياً: وضع المؤسسات العامة.
وثالثاً: الاستعداد التقني للبلد. يقيس المعيار الأول بيئة الاقتصاد الكلي أو الشامل ويركز على أمور حيوية مثل العجز أو الفائض في الموازنة ونسب التضخم والبطالة والنمو الاقتصادي. أما المتغير الثاني فيهتم بوضع المؤسسات العامة للتأكد من وجود شفافية في المعاملات الحكومية ومحاربة الفساد الإداري. كما أن المعيار الثالث يدرس الاستعداد التقني أو التكنولوجي من حيث انتشار وسائل الاتصالات مثل تقنية المعلومات والانترنت.
أداء متفاوت
حلت تونس في المرتبة الـ30 على الصعيد العالمي. ويعتبر هذا الترتيب الأفضل بين دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وقد نجحت تونس في جمع 4.71 من النقاط (من أصل 6 نقاط على المؤشر) الأمر الذي ساهم في التقدم 7 مراتب في غضون سنة واحدة. حقيقة القول هذه هي المرة الأولى التي حققت فيها تونس هذه النتيجة المتميزة. وتم تحقيق ذلك على خلفية حدوث تقدم على معيار انتشار التقنية في المعاملات (يذكر أن تونس كانت قد استضافت آخر قمة عالمية حول التقنية). كما تتبع تونس سياسة مالية محافظة بدل ضخ الأموال في مشروعات لا طائل لها.
وعلى هذا الأساس نجحت الجمهورية التونسية في إقصاء دولة الإمارات العربية المتحدة من مركز الصدارة بين الدول العربية. يشار إلى أن الإمارات حافظت على ترتيبها السابق (المرتبة 32) وعليه حلت في المرتبة الثانية عربياً لكن الأولى خليجياً.
بدورها نجحت دولة قطر في التقدم 8 مراتب في غضون سنة وعليه حلت في المرتبة رقم 38 على مستوى العالم. كما تقدمت دولة الكويت 5 مراتب إلى المرتبة رقم 44 دولياً. أيضاً تقدمت مملكة البحرين مرحلة واحدة إلى المرتبة 49 عالمياً. بالمقابل لم يتم تقييم كل من المملكة العربية والسعودية وسلطنة عمان.
وبخصوص أداء الدول العربية الأخرى, فقد تأخر الأردن 10 مراتب إلى المركز رقم 52 عالمياً بسبب البطء في تنفيذ برنامج الإصلاحات الاقتصادية. كما تأخرت مصر 11 مرتبة إلى المركز 63 عالمياً للسبب نفسه. بالمقابل تقدم المغرب 6 مراتب إلى المركز 70 عالمياً وذلك على خلفية تبني سياسات تهدف إلى استقطاب الاستثمارات الأجنبية.
توظيف الفوائض النفطية
من جهة أخرى, لاحظ التقرير بأن التقدم الذي طرأ على أداء عدد من الدول الخليجية الغنية بالموارد تحققت على خلفية ارتفاع أسعار النفط في الأسواق العالمية وبقائها مرتفعة. وعلى هذا الأساس تمكنت دول مجلس التعاون من تحسين أدائها في الميزان التجاري على وجه الخصوص, كما وفرت الوفرة النفطية الفرصة لتسجيل فائض في الموازنات العامة. وهذا بدوره يعني تحسن الأداء على معيار الاقتصاد الكلي.
بيد أنه أبدى التقرير قلقه من عدم نجاح الدول العربية الغنية بالثروات (والإشارة هنا إلى دول مجلس التعاون الخليجي) في توظيف الفوائض النفطية في تسجيل تقدم ملحوظ فيما يخص التنمية البشرية. ويرى التقرير أن التنمية المستدامة تأتي بواسطة تحقيق تقدم على صعيد التنمية البشرية. نتمنى أن يعي أصحاب القرار في دول المنطقة أهمية تأكيد التقرير على الاستفادة من الطفرة النفطية للاستثمار في مجال التنمية البشرية
إقرأ أيضا لـ "جاسم حسين"العدد 1487 - الأحد 01 أكتوبر 2006م الموافق 08 رمضان 1427هـ