في إحدى افتتاحيات صحيفة «الغارديان» البريطانية التي نشرت حديثا، اعتبرت أنه من المشجع حقاً اتفاق أجهزة الاستخبارات الأميركية على اعتبار الحرب في العراق أسهمت في تفريخ جيل جديد من الجهاديين المتعصبين التي بدورها زادت من تهديد الإرهاب في العالم». والسبب في إشادة الصحيفة بالتقرير هو أنها اعتبرت أن «أجهزة المخابرات الغربية تمر بمرحلة نقاهة بعد الضربات الموجعة التي تلقتها بعد أن خضع عملها في الفترة الأخيرة تحت رحمة سياسيين لا ضمير لهم».
«ليس فقط أن الاستنتاج الأميركي الأخير بشأن دور حرب العراق في تفريخ الإرهاب يحمل الحقيقة في محتواه» والكلام للصحيفة، لكن الملايين من الأشخاص العاديين في بريطانيا وأوروبا والولايات المتحدة وغيرها توصلوا إلى الاستنتاج ذاته غير المبشر بالخير من خلال سيل المعلومات والتحليلات والاخبار اليومية المتاحة للجميع.
من هنا يأتي مسلسل «المارقون» للمخرج السوري نجدت أنزور الذي تبثه حصريا قناة «ال بي سي» اللبنانية، ويتكلم عن عشر قصص تتناول موضوع الإرهاب من أوسع أبوابه مستمدة من واقع القصص الخبرية التي طرأت على ملف الإرهاب، وصولاً إلى لصق التهمة بالعرب والمسلمين باعتبار أنهم وراء إثارة القلاقل في عواصم العالم، التي من خلالها تنقلت عدسة كاميرا انزور من دمشق والرياض إلى الدار البيضاء ولندن وغيرها في محاولة لاستعراض الصورة الصحيحة للعرب والمسلمين، كما هي في حقيقتها لا كما يصورها الإعلام الغربي ويروج لها على مستوى العالم، إذ يهدف العمل إلى فصل تهمة الإرهاب عن العرب والمسلمين.
لكن وعلى رغم الاستنتاج الذي طرحته «الغارديان» إلى ما يحاول انزور في «المارقون» من تصحيح صورة العرب فإن قضية الإرهاب تبقى محل جدل عالمي، وخصوصاً في ظل دعم الإدارة الأميركية لدكتاتورية أنظمة المنطقة التي تهرول على راحتها هنا وهناك من دون محاسبة، عدا أنها تحمي مصالح سياسة الإدارة الأميركية التي بسبب سياستها دفعت إلى تنامي روح العداء للغرب، وتنامي أساليب الإرهاب التي بدأت تدفع ثمنها.
إن كان المخرج انزور الذي تعرض لسيل من التهديدات والانتقادات على مسلسله الرمضاني السابق «حور العين» الذي تحدث عن عملية إرهابية في مجمع سكني يقطنه عرب وأجانب في مدينة الرياض، فإن مسلسله «المارقون» الذي ينوي توزيعه على المحطات الأجنبية الأخرى من دون مقابل، يريد أن ينقل رسائل مختلفة وملامح مختلفة لشكل العرب ومدى سلبية موضوع الإرهاب على حياتهم، وذلك بصورة صادقة من واقع العربي المشرقي أو المغربي أو المهاجر للغرب، أو الذي قرر خوض غمار معركة الجهاد، كما وجدناها حتى الآن في «بين الجبهتين» و«يقتلون الياسمين» وغيرها من الثلاثيات القصصية التي تستعرض في المسلسل.
«المارقون» ما هو إلا رسائل من الشارع العربي للعالم تنقل عبر وسيط انزور بعد أن فشلت الأنظمة في تحقيق ذلك، بينما بدأت الصحافة في الغرب تقر أن حروب المنطقة لم تقضي على آفة الإرهاب بل بالعكس، أسهمت في توليد المزيد والمزيد من الإرهابيين والمعادين للغرب... والسبب بات معروفاً لدى الجميع
إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"العدد 1486 - السبت 30 سبتمبر 2006م الموافق 07 رمضان 1427هـ