شارك مئات السودانيين في مظاهرات مناهضة للحكومة في الخرطوم اليوم السبت (23 يونيو/حزيران 2012) لتشتعل الاحتجاجات على قرارات خفض الدعم على الوقود وغيره من إنفاق الدولة للأسبوع الثاني بالرغم من إجراءات الأمن الصارمة.
وقالت وسائل الإعلام الرسمية إن الشرطة السودانية أصدرت أوامر لقواتها بإنهاء الاحتجاجات المناهضة للحكومة على الفور بعد أن انتشرت الاحتجاجات في أنحاء العاصمة الخرطوم يوم الجمعة ولم تعد قاصرة على الطلبة النشطاء الذين شكلوا قلبها وشاركوا فيها في البداية. ويشعر النشطاء بالغضب من مجموعة من إجراءات التقشف المقررة التي استهدفت معالجة عجز في الميزانية قدره 2.4 مليار دولار ويحاولون استغلال الاستياء العام من أزمة اقتصادية تتفاقم لإشعال انتفاضة على غرار انتفاضات "الربيع العربي" للاطاحة بحكم الرئيس عمر حسن البشير. وترد قوات الأمن باستخدام الغاز المسيل للدموع والهراوات لتفريق المظاهرات في أحياء مختلفة من العاصمة الخرطوم لكنها لم تتجاوز عدة مئات في أي وقت.
واليوم السبت كانت رائحة الغاز المسيل للدموع لا تزال عالقة في الجو ولا يزال الدخان يتصاعد من الإطارات المحترقة وسط وجود أمني مكثف في حي الديم بالخرطوم الذي شهد أيضا احتجاجات يوم الجمعة. وشاهد مراسل لرويترز ما يتراوح بين 300 و400 متظاهر لكن كان من الصعب الحصول على تقدير دقيق لأن المحتجين تفرقوا في مجموعات صغيرة في شوارع مختلفة. ولم تخرج الاحتجاجات عن نمط الاحتجاج في حي السجانة حيث سارت مجموعات صغيرة من المتظاهرين في شوارع جانبية وسدت الطرق وأشعلت النار في إطارات السيارات ورددوا هتافات "الحرية.. الحرية" و"الشعب يريد إسقاط النظام." وفي المنطقة الثالثة في وسط الخرطوم رشق نحو 200 متظاهر الشرطة بالحجارة وأطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع لتفريقهم. ويقول زعماء من المعارضة ونشطاء شبان إنهم يعانون مما يشكو منه محتجون في انتفاضات الربيع العربي مثل البطالة والفساد ودعوا إلى تنظيم مزيد من المظاهرات من أجل قدر أكبر من الديمقراطية وإجراءات للسيطرة على ارتفاع الأسعار. وقلل مسؤولون حكوميون من شأن الاحتجاجات وقالوا إنهم سيمضون قدما في خفض الإنفاق الذي يقولون إنه مطلوب لإصلاح الاقتصاد المعتل. وتفادى السودان موجة احتجاجات الربيع العربي التي اجتاحت مصر وليبيا المجاورتين العام الماضي لكن خطوات اتخذتها الحكومة لخفض الانفاق لسد عجز في الموازنة وشملت خفض دعم الوقود أشعلت موجة من المظاهرات. وتستهدف هذه الإجراءات التكيف مع أزمة اقتصادية لها جذور في انفصال جنوب السودان قبل عام. واستحوذت الدولة الجديدة على نحو ثلاثة ارباع انتاج البلاد قبل التقسيم من النفط الذي كان مصدرا رئيسيا لإيرادات الدولة وللصادرات والعملة الصعبة. وأدى ذلك إلى عجز في الموازنة قدره حوالي 2.4 مليار دولار مما أدى إلى إضعاف العملة وارتفاع التضخم لأسعار الغذاء والسلع التي يتم استيراد الكثير منها. وفي علامة على أن السلطات تعتزم تكثيف حملتهم الأمنية قال المركز السوداني للخدمات الصحفية في بيان أرسل إلى الهواتف المحمولة "تأمر الشرطة قواتها أن تنهي على الفور المظاهرات وحوادث الشغب وفقا للقانون." وقلما تعلق الشرطة على الاحتجاجات التي تمضي دون أن يشار إليها في وسائل الإعلام. ولكن الشرطة قالت يوم الجمعة إنها فرقت مظاهرات "محدودة" لم يتجاوز عدد المشاركين فيها 150 شخصا. وأشار سياسيون من المعارضة ونشطاء إلى عدة اعتقالات وقعت اليوم السبت. وقال رئيس الهيئة السودانية للدفاع عن الحقوق والحريات إن من بين المعتقلين ساطع الحاج مقرر الهيئة. وقال فاروق أبو عيسى رئيس قوى التوافق الوطني إن التكتل الذي يضم أحزابا معارضة رئيسية رصد إلى الآن اعتقال نحو 15 شخصا من أفراد المعارضة من بينهم بعض الشخصيات الكبيرة. وقال نشطاء أن الاحتجاجات اندلعت في أربعة أحياء على الأقل في الخرطوم اليوم السبت ولكن لم يتسن على الفور التحقق من صحة التقارير من مصادر مستقلة. وكان من المفترض أن يتوصل السودان وجنوب السودان إلى اتفاق سيدفع بموجبه جنوب السودان الذي ليس له أي منافذ بحرية رسوم صادرات النفط الخام عن طريق خطوط أنابيب ومنشآت أخرى تمر عبر أراضي السودان لكنهما لم يتمكنا من التوصل لاتفاق إلى الآن. وأوقف جنوب السودان انتاج النفط في يناير كانون الثاني الماضي بعد أن بدأت الخرطوم في أخذ بعض النفط. ولم تسفر محادثات في أديس أبابا يتوسط فيها الاتحاد الأفريقي عن اتفاق.