شدد شباب بحرينيون على أهمية تجنيب البحرين مزالق تغليب الهوية الطائفية على الهوية الوطنية، معتبرين أن الإصلاح المؤسسي والتعليم وبرامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسة ذات الصدقية يمكنها أن تجمع البحرينيين نحو حل لهذه المشاكل.
جاء ذلك في مؤتمر نظمته مؤسسة «تشاتام هاوس» القريبة من وزارة الخارجية البريطانية أمس الأول الإثنين (18 يونيو/ حزيران 2012) ضم مجموعة من شباب البحرين يمثلون مختلف الاتجاهات المعارضة والمؤيدة للوضع القائم، تحدثوا في عدة جلسات حوارية تحت عنوان «البحرين: وجهات نظر الشباب حول المستقبل».
كما تطرق المجتمعون إلى المخاوف المحيطة بكل طرف في البحرين، وفيما إذا كان هناك وعي لدى النخب السياسية يدفعهم نحو تقديم تنازلات تمكنهم من تخطي العقبات التي تحول دون تحريك المياه نحو حل سياسي للأزمة.
الوسط - محرر الشئون المحلية
نظمت مؤسسة «تشاتام هاوس» القريبة من وزارة الخارجية البريطانية مؤتمراً أمس الإثنين (18 يونيو/ حزيران 2012) ضم مجموعة من شباب البحرين يمثلون مختلف الاتجاهات المعارضة والمؤيدة للوضع القائم، تحدثوا في عدة جلسات حوارية تحت عنوان «البحرين: وجهات نظر الشباب حول المستقبل».
واستعرض المجتمعون في «تشاتام هاوس» (في لندن) رؤيتهم للبحرين في العام 2020، وسيناريوهات المستقبل، وأي نوع من المستقبل يطمح له شباب البحرين، وكيف يمكن الوصول إلى طموح يشترك فيه الجميع. كما استعرض المجتمعون الاتجاهات والتحولات الاقتصادية والاجتماعية على المدى البعيد، والتركيبة السكانية وسيناريوهات المنطقة على نطاق أوسع، وخصائص كل ذلك ومؤثراته على التمثيل السياسي، والسلطة، وتكوين الشرطة، والاحتجاجات، وحقوق الإنسان، والحفاظ على الأمن والنظام العام، ودور الدين والسياسة والهوية الطائفية والوطنية، وماذا يحدث في الوظائف والخدمات، والدور الاقتصادي للدولة، وغيرها من الموضوعات ذات الصلة المباشرة بالمشكلات السياسية في البحرين.
وقد امتاز النقاش بالعقلانية، وتبادل الشباب الحاضرون من مختلف الاتجاهات وجهات النظر مع الاحتفاظ بالطباع البحرينية ودماثة الخلق، واعتبر نقاش الشباب من أفضل الحلقات المخصصة لموضوعات مهمة تجرى في جوٍّ من التعقل والتطلع إلى مستقبل أفضل.
وناقش الحضور التركيبة السكانية الحالية، وكيف أن 54 في المئة من السكان هم أساساً من العمال المهاجرين، وأكثرهم من العمالة الرخيصة المستوردة من جنوب آسيا، وهو وضع مستمر ومتصاعد منذ مطلع السبعينات من القرن الماضي، وتأثير التجنيس السياسي في الفترة الأخيرة على التركيبة السكانية ومدلولاتها على الهوية البحرينية في المستقبل.
وفيما أكد الحضور على أن مجتمع البحرين، بصفته معتمداً على التجارة منذ القدم، عرف تنوعاً من جميع الأعراق، لكن النفط أصبح هو المحرك الرئيسي لكل شيء تقريباً، وذلك بعكس الماضي عندما كانت التجارة هي المحرك الرئيسي، كما أن دول التعاون تعتمد قواها العاملة على العمالة الوافدة بنسة 75 في المئة، ولاسيما أن الخليجيين موظفون في الحكومة أساساً؛ ما حوّل الوضع إلى «دولة ريعية»، تعتمد على ريع النفط الذي يوزع بحسب معادلة سياسية. ولكن هذا الأنموذج ليس صالحاً للمستقبل، ولتحقيق الاستقرار فإن هناك حاجة إلى أنموذج يحقق المساواة اجتماعياً، ويعزز الهوية الوطنية، ويقوم على مبدأ التوافق بين فئات المجتمع، بدلاً من الانقسام والاستحواذ على المصالح التي تؤدي في النهاية إلى انتفاء القيم المجتمعية وانعدام الاستقرار.
كما تطرق المجتمعون إلى القلق والمخاوف المحيطة بكل طرف في البحرين، وفيما إذا كان هناك وعي لدى النخب السياسية يدفعهم نحو تقديم تنازلات تمكنهم من تخطي العقبات التي تحول دون تحريك المياه نحو حل سياسي للأزمة، إضافة إلى أن هناك متضررين من أي حل للأزمة، وهؤلاء لديهم القدرة على تخريب فرص الحل، ويسعون لمنع نجاح محاولات وتدابير بناء الثقة.
المناقشات تطرقت أيضاً إلى تجربة البحرين الديمقراطية في 1973 وكيف أنها انتهت في نصف الطريق، وثم إلى تجربة ميثاق العمل الوطني في 2001 والتي تعرضت إلى إحباطات في منتصف الطريق، وحالياً تتعرض توصيات لجنة تقصّي الحقائق إلى إخفاقات في منتصف الطريق؛ ما يعني أن هناك جذوراً تحتاج إلى معالجة لكي لا تتكرر هذه الإحباطات مع كل تجربة.
وتطرق المجتمعون إلى دور الدين والطائفة في السياسة البحرينية، وأن الوضع الإقليمي أصبح محفزاً لزيادة الفجوة الطائفية وتعميق مشكلات تؤدي إلى انعدام الثقة بين فئات المجتمع؛ ما يعني أن هناك حاجة إلى معالجة الموضوع بصورة أكثر شمولاً. وتطرق متحدثون إلى أن مشكلة جمعية الوفاق، بصفتها أكبر حزب سياسي معارض، أنها تعتمد على جمهور الشيعة بصورة أساسية ويتصدرها رجال دين، وهذا يعني أنه حتى لو كان خطابهم مدنياً وديمقراطياً، إلا أن تكوينهم يساعد في إلصاق التهم بهم. كما أن هناك دوامة تمنع تحريك الحلول العملية في الوقت الذي يزداد فيه صخب الشعارات.
وتطرق المتحدثون إلى أهمية تجنيب البحرين مزالق تغليب الهوية الطائفية على الهوية الوطنية، معتبرين أن الإصلاح المؤسسي والتعليم وبرامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسة ذات الصدقية يمكنها أن تجمع البحرينيين نحو حل لهذه المشاكل.
العدد 3574 - الثلثاء 19 يونيو 2012م الموافق 29 رجب 1433هـ