عشت النكسة المصرية الأولى يافعاً، وقتها كانت قلوب العرب جميعاً تتجه إلى مصر تنتظر تحقيق النصر الموعود على العدو الصهيوني. لم يأتِ هذا النصر الذي كنت أحلم به مع كل شباب بلدي، بل مع كل الشباب العربي قاطبة.
في «النكسة الأولى» خسر العرب المعركة وبطريقة مهينة، وخسروا أجزاء كبيرة من أوطانهم، وتعرض الكثير منهم لانتكاسات هائلة في أفكارهم وعقائدهم ونفسياتهم، فقد صوّر الإعلام المصري لهم أن النصر أصبح قاب قوسين أو أدنى منهم، وأن اليهود سيصبحون طعاماً للأسماك! فكانت الهزيمة القاسية مدمّرة لكل أحلامهم.
وأعيش حالياً «النكسة المصرية الثانية»، وإن كانت بصورة مغايرة عن سابقتها في الشكل، لكنها في رأيي لا تختلف كثيراً عنها في مضمونها ونتائجها.
بذل الشعب المصري كثيراً لكي يحصل على حريته وكرامته التي فقد منها الكثير نتيجة الحكم المستبد الذي عانى منه سنوات طوال، واستطاع هذا الشعب أن يسقط رئيس الدولة، ثم واصل محاولاته لإسقاط النظام لكن هذه المحاولات لم يكتب لها النجاح حتى كتابة هذا المقال!
كنت ومازلت أتابع تطورات ما يحدث في مصر، وقطعاً كل العالم كان يتابع هذا الحدث، وبطبيعة الحال فكلٌ له رؤيته حوله. شخصياً أعرف أن إسقاط النظام القديم سيكون له تأثير إيجابي كبير ليس على مصر وحدها بل على العالم العربي كله. وأعرف أيضاً أن الإخفاق سينعكس سلباً على مصر وعلى العرب جميعاً.
فرحنا بما تحقق، وتطلعنا إلى أن تكون النهايات السعيدة قد اقترب أوانها، ولكن أحداث الأيام الماضية أصابت الكثيرين بإحباط شديد، فالحدث كان صادماً بكل المقاييس.
الأحداث كانت تسير بسرعة، والمخطّطون كانوا يسابقون الزمن لكي تتحقق كل أطماعهم فيعود نظامهم كما كان. وزير العدل يصدر قراراً ليس فيه من العدل شيء! يعطي العسكر صلاحيات القبض على المدنيين فيعيد استنساخ قانون الإرهاب، وكأنه بهذا القانون كان يمهّد لما سيحصل في اليوم التالي.
المحكمة الدستورية العليا تجعل من حق أحمد شفيق الاستمرار في المنافسة على الرئاسة، ولكي تمهّد له الطريق ليصبح رئيساً تلغي مجلس الشعب فتعود كل الصلاحيات للمجلس العسكري الحاكم ليتمكن من فعل ما يشاء ومتى ما يشاء، فالطريق ممهد وبأحكام قضائية يجب احترامها كما يقولون!
المجلس العسكري ومن معه لعبوها بذكاء شديد، لتعود كل خيوط اللعبة إلى أيديهم وقبل الانتخابات الرئاسية بيومين لكي لا يتمكن أي فريق من عمل شيء له قيمة.
الإخوان – لجهل بعضهم – بلعوا الطعم، وكنت أعتقد أنهم سيسحبون مرشحهم لكي لا يعطوا شرعية لشفيق، لكنهم لم يفعلوا معتمدين على الحراك الشعبي كما قال مرشحهم. ولست أدري هل كانوا يجهلون إصرار العسكر ومن معهم على ترشيح واحد منهم من أن كل الدلائل تؤكد ذلك؟
الأحزاب الأخرى، وشباب الثورة، تفرقت آراؤهم، فالصدمة كانت هائلة ولم يعد هناك وقت كافٍ لتوحيد المواقف. والآن وقد تجمعت كل السلطات في أيدي العسكر، بالإضافة إلى أنهم سيشرفون على وضع الدستور القادم، والعسكر كما هو معروف، لا يطيقون الإسلاميين، وهناك ضغوط عليهم لإبعادهم، فهل نتوقع انتخابات حرة ونزيهة في مثل هذه الظروف كما يقول العسكر؟
أعتقد أن مصر تعيش نكسةً ثانيةً قد لا تقل عن نكستها الأولى، فعودة النظام القديم سيجعل حلم المصريين بالحرية والتقدم بعيد المنال كما سيجعل ربيع الشعوب العربية شاحباً لا طعم له.
ومع ألمي لكل ما أراه فإني أرجو أن يتكاتف المصريون لكي ينجحوا ثورتهم أثناء الانتخابات أو بعد انتهائها، فإن نجحوا في ذلك فإنهم سيعيدون للعرب فرحتهم.
إقرأ أيضا لـ "محمد علي الهرفي"العدد 3573 - الإثنين 18 يونيو 2012م الموافق 28 رجب 1433هـ
المال السياسي
المال السياسي يلعب دور ا مهما وخاصة الامريكي في بلد فقير مثل مصر حيث يقوم الامريكان بدفع اموال من الدولارات من اجل خلق المشاكل لكي يتسني لة اعاقة اي تقدم وقيام نظام ثوري حتي يحيك المؤمرات علي الامة العربية والاسلامية ويمنع الوحدة العربية من اجل خاطر اسرائيل