تمسك أعضاء الكادر الطبي الـ 20 ببراءتهم من التهم التي وجهت إليهم والتي صدرت على إثرها أحكام بالإدانة بحق 9 منهم في جلسة محكمة الاستئناف يوم الخميس الماضي، وأكدوا أن الأحكام التي صدرت كانت لمعاقبتهم على معالجتهم للمصابين إبان الأحداث التي شهدتها البحرين خلال العام الماضي.

جاء ذلك خلال مؤتمر صحافي أمس السبت (16 يونيو/ حزيران 2012) في مقر الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان في العدلية، تحدث فيه عدد من أعضاء الكادر الطبي، إلى جانب عدد من أعضاء هيئة الدفاع عن الكادر، الذين تحدثوا عن صدمتهم جراء أحكام الإدانة التي صدرت عن المحكمة بحق 9 من الأطباء.

وأصدرت محكمة الاستئناف العليا الخميس الماضي حكمها في قضية الـ 20 كادراً طبياً، إذ أدانت 9 منهم بالسجن بين شهر و5 سنوات، وبرأت 9 آخرين، فيما يظل اثنان من المتهمين هاربين. وخلال المؤتمر الصحافي تم تلاوة بيان خاص بالكوادر الطبية، الذين أكدوا فيه تمسكهم ببراءتهم، وطالبوا بدعم مختلف الجهات لقضيتهم، والوقوف مع الكوادر الطبية من أجل إلغاء أحكام السجن والتحقيق في التجاوزات والتعذيب الذي تعرضوا له وإرجاع حقوقهم المنتهكة. واستذكر الكادر الطبي في البيان ما تعرضوا له من «اعتقال وتغييب عن العالم الخارجي وعن أهاليهم، بعد أن اختطف أغلبهم من قبل مدنيين عبر مهاجمة المنازل في الليل، أو من المستشفى كما حصل للطبيب علي العكري، كما تعرضوا لتعذيب ممنهج فضحه تقرير اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق في فقرته 1230».

وأوضح الكادر الطبي أن «المحكمة أسقطت التهمتين الرئيسيتين وهما حيازة أسلحة واحتلال مجمع السلمانية الطبي، بعد أن أصبحت هاتان التهمتان مما لا يصدقهما أحد، وتيقن الجميع أنهما تهمتان ملفقتان لمعاقبة أفراد الكادر الطبي الذي لم يتخلَ عن واجبه وأخلاقياته المهنية والإنسانية في معالجة المصابين وقت الصعاب».

وأشار الكادر الطبي في بيانه إلى أنهم ضحايا موقفهم الإنساني والمهني في علاج المصابين.

العكري: لم نميّز في علاج المصابين

إلى ذلك قال استشاري جراحة العظام علي العكري (المحكوم بالسجن 5 سنوات): «لست في موقع الدفاع عن نفسي، وخصوصاً أن الحقيقة ظهرت للجميع وثبت ظلامة الطاقم الطبي، وبراءته من التهم الموجهة إليه، والتي لم تعد قائمة، ونأمل أن يصدر حكم البراءة في محكمة التمييز».

وأضاف العكري وهو يبكي أن «التهمة المتعلقة بالتمييز في علاج المصابين غير صحيحة وكل الأدلة تفند ذلك، فالأطباء عملوا خلال الأحداث بكل جد وعالجوا الجميع بلا استثناء، ولم يميزوا في العلاج بين أي من المصابين، أما تهمة بغض طائفة من الناس فلا مكان لها من الواقع، لأن الأطباء يحبون الطائفتين بلا استثناء، وهذه التهمة هي ما كانت تؤذيني».

الدمستاني: مازلت أعاني من آثار التعذيب

من جانبه، أفاد أمين سر جمعية التمريض البحرينية إبراهيم الدمستاني (المحكوم بالسجن 3 سنوات) بأن «الكادر الطبي كان يمارس دوره خلال الأحداث بشكل إنساني بعيداً عن السياسي، وعلى رغم ذلك تم الاعتداء على الطواقم الطبية».

وذكر أنه لايزال يشكو من آثار التعذيب الذي تعرض له خلال فترة الاعتقال في العام الماضي، وأشار إلى «تكرر طلبي بعرضي على الطبيب المختص ولم أعرض حتى الآن، ومن المستغرب أنه بعد سقوط التهم، أن النيابة العامة لم تحرك ساكناً إزاء من تورط في تعذيب الكادر الطبي».

ضيف: الاتهامات الموجهة لي ملفقة

وتحدث خلال المؤتمر الصحافي استشاري جراحة الفك والأسنان غسان ضيف (المحكوم بالحبس سنة)، واصفاً الاتهامات الموجهة له بـ «الملفقة».وقال: «يحزنني فيما نسب لي من تهم، إنني احتجزت شخصاً حميته بنفسي وكنت في سيارة الإسعاف وجلبته من دوار اللؤلؤة ونقلته إلى المستشفى، وبأمر من أحد المسئولين في المستشفى طلبت من المتظاهرين إخلاء المكان، وعلى رغم ذلك تم قلب الحقائق، ونقلته إلى قسم الأشعة بمرافقة عدد من الأطباء، الذين تخلوا حينها عن ممارسة دورهم وشهدوا ضدي في المحكمة، على رغم أني قمت بمعالجة هذا المريض، وجلبنا أكثر من 5 أطباء استشاريين وشهدوا لصالحي، غير أن المحكمة أخذت بشهادة طبيب لم يكن متواجداً أثناء معالجة المريض».

الملا: خيبة أمل إزاء الأحكام

إلى ذلك، قال عضو هيئة الدفاع عن الكادر الطبي المحامي حميد الملا: أن الجهات الرسمية كان بإمكانها الخروج من المأزق الذي وقعت فيه في محاكمة الأطباء، بأن تصدر حكماً بالبراءة، وخصوصاً أن المنظمات الدولية تحدثت عن وجود خلل في محاكمة الأطباء، كما أن الشهود الذين استمعت لهم المحكمة كانوا من الموظفين القياديين في مجمع السلمانية الطبي، وشهادتهم كفيلة ببراءة الكادر الطبي.

السيد: محاكمة الأطباء

أوقعت الجهات الرسمية في مأزق

واستعرضت عضو هيئة الدفاع عن الكادر الطبي المحامية جليلة السيد أبرز الجوانب القانونية المتعلقة بهذه القضية، وقالت: «إن الجهات الرسمية وقعت في مأزق عندما قررت اعتقال الأطباء، ووقعت في مأزق آخر عندما لفقت الاتهامات ومن بينها حيازة الأسلحة، كما وقعت في مأزق جديد عندما استمرت في محاكمتهم، ومازالت الجهات الرسمية حتى هذه اللحظة تعمق المشكلة». وأضافت أن «الدولة تسعى للخروج من هذا المأزق المتعلق بمحاكمة الأطباء، وكان من بين ذلك نقل محاكمتهم من محكمة السلامة الوطنية إلى القضاء العادي».

وتحدثت السيد خلال المؤتمر الصحافي عن تناقضات في التصريحات الصادرة عن الجهات الرسمية فيما يخص قضية الأطباء، وأشارت إلى أن «النيابة العامة وزعت في إحدى جلسات المحكمة بياناً باللغة الإنجليزية بخصوص الحكم الذي سيصدر على الكادر الطبي بأنه سيدين مجموعة منهم وسيبرأ آخرين، وعلى إثر ذلك رفعنا مذكرة للمحكمة بخصوص هذا البيان، والذي يعتبر تدخلاً وإملاء واضحاً لنتيجة المحاكمة، والتمسنا من المحكمة أن تصدر الأمر للنيابة العامة للتوقف عن إصدار أي تصريحات صحافية أو بيانات، ومع ذلك لم تصدر المحكمة أي قرار». وطالبت السيد بأن تتخذ الجهات الرسمية خطوات جادة لمحاسبة المتورطين في تعذيب الكادر الطبي.

الشملاوي: لابد من محاسبة معذبي الأطباء

واتفق المحامي عبدالله الشملاوي مع ما ذهبت إليه المحامية جليلة السيد بضرورة محاسبة المتورطين بتعذيب الكادر الطبي، وقال: «مع ثبوت البراءة بحق تسعة من الأطباء، فمن المفترض أن تأخذ النيابة العامة دورها في التحقيق في شكاوى تعذيب الأطباء».

وتحدث الشملاوي عن التناقض الذي شاب جوانب هذه القضية، وذكر أن «النيابة العامة صرحت بعد تحويل القضية من محكمة السلامة الوطنية بأنه ستكون هناك إجراءات جديدة، غير أنها في الوقت ذاته أكدت تمسكها بما ورد عن محكمة السلامة الوطنية». ووصف الشملاوي محاكمة الكادر الطبي بأنها محاولة لـ «اغتيال الدليل».

العرادي: الأدلة تفند اتهامات الكادر الطبي

وأكد المحامي جليل العرادي أن الأدلة جميعها تؤكد براءة الكادر الطبي مما نسب إليه من اتهامات، وخصوصاً شريط الفيديو الذي عرض في قاعة المحكمة. وأشار إلى أن هيئة الدفاع مازالت متمسكة ببراءة جميع أعضاء الكادر الطبي، وأن التهم الموجهة لهم لا أساس لها من الصحة، وتم تفنيدها من خلال الأدلة والمستندات التي قدمت إلى المحكمة.