العدد 3566 - الإثنين 11 يونيو 2012م الموافق 21 رجب 1433هـ

ثقافة الاختلاف

محمد عباس mohd.abbas [at] alwasatnews.com

رياضة

فن إدارة الاختلافات وتقبل مختلف الآراء يحتاج إلى الكثير من الحكمة والصبر وتدريب النفس على هذه الثقافة منذ الصغر لكي لا نتخلف كثيرا عن باقي الأمم، لأن الاستمرار بالمنهج نفسه القائم على الرأي الواحد والتفكير الواحد والنظرة الواحدة يجر إلى الكثير من الصراعات التي نحن في غنى عنها.

ثقافة الاختلاف والقدرة على تحمل مختلف الآراء نراها بشكل غريب في الرياضة العالمية، وذلك من خلال التعامل الراقي بين اللاعبين والمدربين والمناكفات التي تحدث بينهم وتزيد المسابقات اشتعالا من دون أن تصل إلى مرحلة الصراع والقتال.

ما جذبني في المرحلة الأخيرة هو الصراع القائم بين اللاعبين والمدربين سواء على شبكات التواصل الاجتماعي أو من خلال المؤتمرات الصحافية، وما يصرح به كل طرف من كلمات قوية دون أن تؤدي إلى الانقطاع أو الصراع الدائم.

الصراع والاختلاف يبقى في مجاله وكل طرف يحترم الآخر، والمتابع لما يكتبه اللاعبون أو ما يصرحون به يكتشف مقدار الثقافة التي تربوا عليها والقائمة على تعدد الآراء.

الصراع المشتعل بين الناديين الغريمين برشلونة وريال مدريد مثلا انتقل إلى المنتخب الوطني الاسباني من خلال تصريحات لاعبي الطرفين دون أن يؤثر ذلك على تواصلهم أو مشاركتهم في منتخب واحد وتحقيقهم أفضل النتائج.

اللاعب والمدرب لديه القدرة على التعبير عن رأيه بأريحية وتوجيه الانتقاد لمنافسيه بل الانتقاص منهم كذلك ما يؤدي إلى اشتعال المنافسة وزيادة حماس الجماهير بشكل ايجابي يطغى على الأداء في الملعب دون أن يؤدي إلى الخروج عن الروح الرياضية سواء من اللاعبين أو الجماهير باستثناء بعض الحالات الشاذة.

لو قلبنا الصورة وانتقلنا لعالمنا العربي لوجدنا الأمور مختلفة تماما، فنحن حتى الآن غير قادرين على إدارة الاختلافات أو الايمان بثقافة الاختلاف، وبتجربة بسيطة يمكن اكتشاف مدى التهور الذي يمكن أن يحدث لو تم شحن الجماهير واللاعبين قبل أي مباراة مصيرية.

مثل هذا الشحن يؤدي إلى أحداث مماثلة لما حصل في مواجهة الجزائر ومصر في تصفيات كأس العالم 2010 عندما تحولت الرياضة إلى صراع أقرب إلى الحرب ولم يبق سوى دخول الدبابات على خط المواجهة بعد الشحن الاعلامي الرهيب.

محليا لا يختلف الوضع كثيرا وما زلنا أقرب إلى الصراع منا إلى إدارة الاختلاف، فثقافتنا وبيئتنا التي نشأنا عليها تحكمنا بتحويل الاختلافات إلى صراعات دائمة ومستعصية، ومن دون أن توجد ثقافة صحيحة قائمة على فن إدارة الاختلافات وتقبل الآراء فإننا سنظل نقاد إلى معارك وهمية بدل الاستمتاع بقيمة الرياضة المعنوية.

إقرأ أيضا لـ "محمد عباس"

العدد 3566 - الإثنين 11 يونيو 2012م الموافق 21 رجب 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً