يبدو أن إثيوبيا واريتريا مصرتان على تصفية حسابات نزاعهما الحدودي التقليدي على أرض الصومال. فهاهي أديس أبابا تتدخل عسكريا بإرسال قوات إلى الحكومة الصومالية المؤقتة في مدينة بيداوا، على رغم معارضة المحاكم الإسلامية في مقديشو، بحجة أن هذه الحكومة شرعية،إضافة إلى خشية حكومة ميليس زيناوي من انتقال النفوذ الإسلامي المتشدد إلى أراضيها. وفي المقابل يدعم النظام الاريتري المحاكم الإسلامية بحجة، وفقا للأخيرة، «رد الجميل لمساعدة سابقة» قدمها الصومال في عهد محمد سياد بري للثوار الاريتريين المناوئين لحكومة الرئيس الإثيوبي السابق منغستو هايلي ميريام.

وهكذا بعد أن توقفت المعارك العسكرية بين أديس أبابا واسمرا في المناطق الحدودية منذ سنوات وفشلهما في التوصل لتسوية نهائية عبر الأمم المتحدة، وجدت العاصمتان ضالتهما في الحصول على مكاسب من خلال الحرب الأهلية في الصومال الذي بات يتشبث بكل شاردة وواردة لكي ينجو من الأمواج العاتية التي عصفت به منذ ستة عشر عاما. وكانت النتيجة لهذا الصراع المعقد عدم تمكن طرفي النزاع الصوماليين (حكومة بيداوا والمحاكم الإسلامية) من مواصلة الجلوس على طاولة المفاوضات المقررة في العاصمة السودانية (الخرطوم). وتدهور الوضع أكثر في بيداوا بمقتل وزير الدستور المحبوب لدى شعبه على عبدالله ديرو لدى خروجه من مسجد. وتأزمت الأمور أكثر فأكثر بالخلاف البرلماني الصومالي بين نواب يريدون سحب الثقة عن رئيس الوزراء علي محمد جدي بحجة تشدده تجاه المحاكم الإسلامية التي تطوق مليشياتها بيداوا إذ مقر الحكومة المؤقتة وآخرين يريدون بقاءه لتقليل التوترات والعنف الذي ابتلي به هذا البلد. وفي خضم هذه الفوضى نزح آلاف اللاجئين الصوماليين إلى الدول المجاورة.

لذلك المطلوب الآن وقفة تضامنية من جانب الاتحاد الإفريقي الذي تنتمي إليه اريتريا وإثيوبيا،لإجبارهما على ترك الصومال وشأنه، فأية مساعدة مقدمة للشعب الصومالي أو حكومته يجب أن تأتي عبر المنظمة الإفريقية كما يتحتم على جامعة الدول العربية وإن كانت مشغولة من دون جدوى بالأزمة اللبنانية ألا تنسى مسئوليتها تجاه الوحدة الصومالية وخصوصا أن العوامل التي تجمع بين المحاكم الإسلامية وحكومة بيداوا أكثر من عوامل التفرقة إذا ما استبعدت المصالح الضيقة