العدد 1423 - السبت 29 يوليو 2006م الموافق 03 رجب 1427هـ

خيارات صعبة تواجه حزب الله

علي الشريفي Ali.Alsherify [at] alwasatnews.com

-

على رغم كل التفاؤل الذي تحاول واشنطن وتل أبيب أن تصطبغ به تحركاتهما السياسية والميدانية، فإن التشاؤم مازال سيد الموقف في الصراع بين حزب الله و«إسرائيل».

التجارب السابقة وقراءة الحوادث المعاصرة وتسلسل الحروب التي خاضتها «إسرائيل» في المنطقة والمنطق الذي تتعامل به واشنطن مع الحوادث في الشرق الأوسط تؤكد أن حزب الله حتى وإن تمكن مرحلياً من تحقيق نصر في المعارك البرية فإن «إسرائيل» ومن خلفها أميركا لابد أن يحاولا بكل الوسائل تحقيق انتصار في هذه الحرب، حتى وإن اضطرهما الأمر إلى تدمير لبنان أرضاً وشعباً.

صحيح أن الانسحاب الإسرائيلي من بنت جبيل ومارون الراس هو نوع من أنواع الاندحار، لكنه في الوقت نفسه يعد انسحاباً تكتيكياً يهدف إلى التحضير لهجوم آخر تستعد له القوات الجوية التي فشلت في تحقيق تفوقها خلال المعارك البرية التي يلتحم فيها الطرفان كما حصل في بنت جبيل، وهي بعد هذا الانسحاب (التكتيكي) قد تعد القيادة الإسرائيلية لهجوم من نوع آخر سيدمر الكثير من قرى الجنوب اللبناني.

إن تسلسل حوادث المعارك، ومحاولة واشنطن إظهار اهتمام مصطنع بإنهاء الأزمة، وفشل مؤتمر روما كله يجمع على أن أميركا تحاول أن تمنح القوات الإسرائيلية وقتاً كافياً لتغيير خطتها الفاشلة في اختراق منطقة بنت جبيل بخطة بديلة تبدأ بقصف جوي قد تستخدم به «القنابل الذكية» لتدمير الملاجئ والأنفاق ومراكز قيادة حزب الله في الجنوب، يعقبه هجوم بري تكون فيه الساحة خالية لدخول القوات الإسرائيلية للمناطق المراد احتلالها، وحينها فقط يمكن أن تتحرك واشنطن بشكل حقيقي غير مصطنع لإيقاف القتال «المشروط» بين الجانبين. ووفق هذه الرؤية العسكرية التي بدأت ملامحها في الظهور، فإن الجيش الإسرائيلي سيحاول تنفيذ الخطة خلال الأيام القليلة المقبلة.

فما الذي يمكن لحزب الله القيام به لإفشال هذه الخطة الأميركية - الإسرائيلية؟

عملياً، لن يكون أمام حزب الله سوى خيارات قليلة لإفشال هذه العملية المقبلة المبنية على خطة اتبعتها القوات الأميركية في احتلال العراق في أبريل/ نيسان العام 2003، وربما من بين الخيارات القليلة الصعبة التي يمكن أن ينفذها حزب الله هو الانسحاب السريع للحفاظ على ما يتبقى من القوة العسكرية، أو القيام بعمليات تعرضية قد تفيد الحزب في قلب موازين الرأي العام الإسرائيلي، الذي يبدو أن إيهود أولمرت حريص جداً على عدم مخالفته، وهذه العملية يمكن أن تتشعب لمحاولات جريئة ونوعية لأسر عدد من الجنود الإسرائيليين. أما الخيار الثالث فهو الانتقال من الدفاع إلى الهجوم والاستمرار في شن هجمات فاعلة وسريعة في عمق الخطوط العسكرية الإسرائيلية، الأمر الذي سيضمن تحييد التفوق الجوي في مثل هذه الأنواع من المعارك البرية.

قد تكون هذه الخيارات (عدا مسألة الانسحاب طبعاً) نوعاً من أنواع الانتحار العسكري، لكنها في كل الأحوال تبقى أفضل من خيار انتظار القصف الإسرائيلي الجوي الهائل، الذي يبدو أنه سيكون مختلفاً هذه المرة عن المرات السابقة، ولاسيما أن أميركا دخلت الآن عسكرياً مع قنابلها «الذكية» ضمن الخندق الإسرائيلي الذي فشل في أول معركة حقيقية مع حزب الله

إقرأ أيضا لـ "علي الشريفي"

العدد 1423 - السبت 29 يوليو 2006م الموافق 03 رجب 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً