ربما تجب الإشادة بمواقف مؤسسات المجتمع المدني في البحرين من العدوان الإسرائيلي على لبنان، فمنذ بدايته والبحرين تعيش حال استنفار «مدني»؛ حملات تبرع، مسيرات حاشدة، وتعايش يومي لمتابعة الأخبار وما يجري للبنانيين. هذه الممارسات وغيرها، تشرح بوضوح مواقف البحرينيين على اختلافهم من هذا العدوان، فقد اتحدت الجمعيات السياسية، والأهلية، والمهنية، على استنكار هذا العدوان.
هذه المواقف، هي «أضعف الإيمان» في وضعنا الحالي، فحال البحرينيين كحال جميع شعوب الدول العربية، التي «تغلي» من الحزن والغضب، وهي عاجزة عن أي فعل يغير ما يحصل، بحيث لم تجد غير كلمة ترفعها وترددها شجباً واستنكاراً.
ولعل «أضعف الإيمان» هذا ضروري، حتى لو لم يكن له أي تأثير في النهاية، فعندما يسمع اللبنانيون بأن إخوة لهم في جميع أنحاء الدول العربية ينتفضون لهم، ويشعرون بهم، فإن هذا الأمر قد يشعرهم على الأقل بأنهم أحياء، وأن لموتهم قيمة وثمناً، وصدى.
في مسيرة خصصت للنساء، خرجت نساء المنامة عصر الجمعة الماضي يطفن أحياء العاصمة منددات بالعدوان الإسرائيلي، داعمات للمقاومة اللبنانية، ومتفائلات بأن تصل أصواتهن إلى لبنان وفلسطين. بكل عفوية خرجت النساء، بعضهن كبيرات في السن، بعضهن فتيات في ريعان الشباب، وبينهن كثير من الأطفال، يرددون جميعاً شعارات تندد بأسلوب القتل الإسرائيلي المتعمد الذي يدفع ثمنه الأطفال والنساء في لبنان وفلسطين.
لقد خرجت تلك النسوة، منتقدات الظلم بكل أنواعه، منددات به، مقتنعات بأن ما يحصل في لبنان وفلسطين هو ظلم ما بعده ظلم، وأن من واجبهن الوقوف إلى جانب المظلوم، في وجه الظالم.
عشرات النسوة خرجن في تلك المسيرة، التي غابت عنها الجمعيات النسائية، على رغم تأكيد اللجنة المنظمة دعوتها لتلك الجمعيات، التي لم تتخذ أي خطوة لتنظيم مسيرة مشابهة، تضم نساء البحرين ليعلن رأيهن على الملأ برفضهن هذا العدوان... بعد.
نتطلع إلى تنظيم مسيرة نسائية حاشدة، تخرج فيها نساء البحرين جنباً إلى جنب، منددات بالعدوان، أسوة بمواقف الجمعيات السياسية والمهنية، فللمرأة حضور فاعل، وتأثير كبير، لا يقل، إن لم يتفوق على مواقف الرجل. ولا يخفى ما لتنظيم مسيرات نسائية متخصصة من تأثير على الرأي العام العالمي، عندما يجد النساء والأطفال قد اجتمعن بحشود كبيرة منددات بالحرب.
نتطلع أن تتخذ الجمعيات النسائية هذا الموقف الموحد، في شأن سياسي عربي هو الأهم هذه الأيام، لتؤكد للمجتمع أنها قادرة على تنظيم هذا النوع من الأنشطة، وأنها فاعلة ومؤثرة أكثر في الشارع العام، وأن مواقفها حاضرة دوماً، وقوية.
لنشجع حملات التبرع، ومسيرات الشجب والاستنكار، فعلى رغم أنها قد لا تغير واقع اللبنانيين كثيراً، فإنها تبقى في النهاية «أضعف الإيمان»
إقرأ أيضا لـ "ندى الوادي"العدد 1423 - السبت 29 يوليو 2006م الموافق 03 رجب 1427هـ