العدد 1423 - السبت 29 يوليو 2006م الموافق 03 رجب 1427هـ

إنهم عربٌ أيضاً...!

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

من المؤسف حقاً أن يضطر لبنانيٌ عروبيٌ إسلاميٌ في مثل قامة نبيه بري، رئيس مجلس النواب اللبناني، إلى أن يقول: «نحن عربٌ أيضاً».

ومن المؤسف حقاً في هذا الزمن الطائفي القبيح، أن يضطر إلى تذكير العرب بأبسط المعلومات التاريخية، من أن أبناء جبل عامل إنما جاءوا من اليمن، بعد خراب سد مأرب وتفرّقهم أيدي سبأ، فاستوطنوا هذه البقعة من أرض لبنان الشقيق، ولم يأتوا مهاجرين من بولندا أو روسيا أو من قبائل الفايكنغ.

ومن المؤسف أيضاً أن يضطر نبيه بري إلى تذكير قومه العرب كيف كانت بيروت تُطلّق النوم وتنزل إلى الشوارع عندما تُعتقل مناضلة عربية مثل الجزائرية جميلة بوحيرد، بينما ينام العرب ملء جفونهم وبيروت تتقلّب على أصوات انفجار القنابل والصواريخ الإسرائيلية.

من المؤسف في هذا الزمن الطائفي الكريه، أن تُعاقَب بيروت الصغيرة الجميلة على نهجها المقاوم، وصمودها في وجه العدو الصهيوني، بينما ألقى كل العرب الكبار أسلحتهم ورفعوا الراية البيضاء وأعلنوا الاستسلام خياراً استراتيجياً وحيداً لا شريك له.

كان من الواضح ان بري، السياسي المخضرم الذي عجمت عوده الأحداث والمحن، كان منفعلاً، ومن حقّه أن ينفعل وهو يرى قومه يتفرجون على الاستباحة الجديدة لبلاده التي لم ير العرب بلاداً أجمل منها. يأتونها مستثمرين ومستجمين، حيث يحلو الرقص والشراب، أما إذا حلت الواقعة فما أسرعهم إلى النجاة بجلودهم والفرار!

من حق بري أن ينفعل، وهو يرى هذا الموقف العربي «غير المسئول»، وهو لا يكتفي بالتفرّج على المذبحة، بل ويتمنى سرعة الإجهاز على الضحية لئلا يطول سماع صوت أنينها!

على أن بري كان مؤلماً في صراحته، هذا إذا كان الجسد العربي الرسمي ما يزال يحس بالألم، ولم يتحوّل إلى جثة هامدة. ففي لقائه الأخير مع غسان بن جدو، كشف «سراً» من أسرار المقاومة ما كان ليكشفه لو لم تضطره مواقف «الأشقاء العرب» إلى كشفه، حين أشار إلى لقائه قبل يومين فقط من إعلان الانتصار على العدو الصهيوني، مع سيد المقاومة، حين سأله الأخير: أنت مسرور؟ فأجاب: «نعم، لكنني أخشى أن الجسد العربي لن يتحمل هذه الجرعة الزائدة من الانتصار»!

هذه الجرعة لم يتحمّلها العرب كما لم يتحملها الإسرائيليون، فلم تكن مفاجِئةً عودتُهما في يومٍ واحدٍ للأخذ بالثأر! كان بري صريحاً حد الموت، حدّ البصق في وجه النظام العربي المتخاذل كله، وحدّ الانتحار. قالها ومضى، ولكن ماذا سيقول من تلقوا البصقة في وجوههم؟ هل بقي ثمة إحساسٌ بالعار بعد اليوم؟

عن يوم الاندحار، «يوم الهروب الإسرائيلي الكبير»، عن تلك اللحظة التاريخية ذاتها، عن «يوم الحرج العربي الكبير»، كتب الشاعر أحمد مطر:

«يا جنوبي فلا تصغِ لهم

واكنس بنعليك هوى هذا الهوان

ليس فيهم أحدٌ يملك حقّ الامتنان».

وينتهي إلى النتيجة التي تنبأ بها بري وصارح بها نصر الله:

«هل يمتن عريانٌ لمن عرّاه

هل يزهو بنصرِ الحرِّ مهزومٌ جبان؟»

... وهو سؤالٌ سيبقى معلقاً مئةَ عامٍ في عنق النظام العربي الذي يجر وراءه خمسين عاماً من الهزائم والفضائح والهوان

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 1423 - السبت 29 يوليو 2006م الموافق 03 رجب 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً