تعتبر عبارة انهيار مفاوضات جولة الدوحة ثقيلة على القلب بكل معنى الكلمة. بدورنا نرغب في قول إن المفاوضات تمر بظروف غير عادية. والمعروف أن جولة الدوحة انطلقت في نهاية العام 2001 من العاصمة القطرية (بعد فترة قصيرة من أحداث الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول) ومنها أخذت اسمها. بيد أن المفاوضات كانت تجري في الغالب في مدينة جنيف السويسرية. كما أن الجولة السابقة كانت تعرف بجولة (أروغواي) نسبة إلى مكان انطلاق المفاوضات.
فقد ترك خبر فشل محاولات المجموعة السداسية بتاريخ 24 يوليو/ تموز الجاري وقعاً سيئاً على مسامع المتابعين للجولة. وتضم المجموعة السداسية كلاًّ من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي (25 دولة) واليابان واستراليا والبرازيل والهند. وإثر ذلك تم الإعلان عن تعليق مفاوضات جولة الدوحة لأجل غير مسمى. وذهب بعض المتشائمين إلى الزعم بأن العالم بحاجة إلى شهور وربما سنوات لإعادة إحياء المفاوضات مرة أخرى.
الزراعة هي السبب
وقد تركزت الخلافات بين الدول الأعضاء (تضم منظمة التجارة العالمية 149) دولة وذلك بعد انضمام السعودية في نهاية العام 2005 عن مسألة القطاع الزراعي. فمن جهة ضغطت غالبية دول المجموعة السداسية على الولايات المتحدة للحد من الدعم المقدم للقطاع الزراعي نظراً لتأثير ذلك على قانون العرض والطلب. فقد قدمت الحكومة الأميركية دعما قدره 20 مليار دولار للمزارعين في العام 2005 الأمر الذي ساهم في زيادة الإنتاج من المحاصيل وبالتالي الضغط على الأسعار للأسفل في الأسواق العالمية. وفي أحاديث جانبية لنا مع بعض المزارعين قبل عدة أيام في ولاية (أيوا) في الوسط الغربي الأميريكي تبين لنا أن المزارعين بالفعل يعتمدون على الدعم الحكومي.
من جهة أخرى، ضغطت الولايات المتحدة على حق الوصول للأسواق الأخرى في الاتحاد الأوروبي فضلاً عن بعض الدول النامية الرئيسية. المعروف بأن بعض الدول النامية الكبيرة من أمثال البرازيل والهند تضع تعريفات أو ضرائب عالية نسبياً على الواردات الأميركية من المحاصيل الزراعية تصل لحد 75 في المئة. ومرد ذلك الحفاظ على مصالح مزارعيها من السلع الأميركية المدعومة أصلا.
وكان لافتا إصرار الجانب الأميركي على مواقفه في هذه الجولة وعدم استعداده للتنازل. فقد كانت الأطراف تتوقع أن تقدم أميركا بعض التنازلات لسبب جوهري وهو كون الاقتصاد الأميركي الأكبر في العالم (أكثر من 12 ألف مليار دولار).
يبقى هناك أمل من إعادة المفاوضات إلى جادة الصواب على خلفية بعض التطورات والتصريحات الأخيرة. فقد سافرت الممثلة التجارية الأميركية (سوزان شواب) إلى مدينة (ريو دي جنيورو) البرازيلية حديثاً لإجراء أحاديث مباشرة مع المسئولين البرازيليين عن كيفية حل معضلة القطاع الزراعي ضمن مفاوضات الدوحة. كما صدرت تصريحات إيجابية من زعيم منظمة التجارة العالمية (باسكال لامي) مفادها أنه سيبذل جهودا شخصية في سبيل إعادة الروح للمحادثات الجماعية. أخيرا وليس آخرا، دعا وزير التجارة الأسترالي (مارك فيلي) نظرائه من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إلى اجتماعات في شهر سبتمبر لغرض بعث الحياة إلى المفاوضات المتعثرة
إقرأ أيضا لـ "جاسم حسين"العدد 1423 - السبت 29 يوليو 2006م الموافق 03 رجب 1427هـ