قانون مكافحة الإرهاب... قانون التجمعات، والآن إلى قانون مباشرة الحقوق السياسية. وتيرة سريعة شهدها المجلس النيابي الذي لم نلحظ خلال أدواره المنعقدة الماضية، أن مرر حزمة من قوانين مختلف على جوهرها ومقصدها، وكأن الدولة تنتظر لينتهي المجلس الحالي من تمرير آخر القوانين التي يبدو أنه كان مخططا لها أن تمرر في فترة قياسية، وكان محتما لها أن تسجل في عمر المجلس الحالي.
الحقوقيون والمراقبون يرون أن تمرير قانوني مكافحة الإرهاب وقانون التجمعات فرضهما واقع الحوادث المتسارعة في الشرق الأوسط وصولا إلى الحرب على لبنان، ويبدو أن الولايات المتحدة أرادت أن تضع للمنطقة خريطة محددة وفرضت على الدول بعض الاملاءات، ومن هنا ولد قانون مكافحة الإرهاب، ولعل الأخبار المتواترة التي ظهرت أخيراً تشير إلى أن الولايات المتحدة جعلت قانون مكافحة الإرهاب ضريبة للإفراج عن المعتقلين البحرينيين في غوانتنامو، والعهدة على الرواة.
وكي لا نخرج عن سلسلة الحلقات، جاء قانون التجمعات ضرورةً لتدعيم القانون الأم (مكافحة الإرهاب)، لتشل بذلك جميع قوى المجتمع المدني، وتظل الجماهير في البحرين حبيسة في حيز ضيق تحدده السلطة، وتمليه بحسب ما تقتضيه المصلحة الوطنية، ولا ندري ما المقصود تحديداً بالمصلحة الوطنية هنا...؟
الآن، وفي لمح البصر، نحن أمام واقع آخر، فما إن مر القانونيان المذكوران حتى مر قانون آخر لا يقل خطورة عن سابقيه، أو لعله أشد وطأة بحسب ما يراه البعض، على اعتبار أنه يمس جوهر الحقوق السياسية والمدنية، وتظهر خطورته من منع المحكوم عليه بعقوبة الحبس لمدة تزيد على 6 أشهر من الترشح لمجلس النواب مدة 10 سنوات، ناهيك عن منع المحكومين بعقوبة جناية حتى وإن صدر بشأنهم عفو خاص أو رد إليهم اعتبارهم من الترشح إلى الأبد!
ولعل تصريحات بعض النواب الذين أكدوا في أكثر من محفل أن الحكومة تمارس القسر على المجلس فيها الكثير من التفسيرات لتمرير القانون، ولسنا بحاجة إلى ذكر التوليفة الحكومية في المجلس النيابي التي كانت لها اليد الطولى في تمرير ما يمكن أن نسميه مشروعات الحكومة من الداخل.
على أية حال، فإن غالبية كوادر جمعيات التحالف الرباعي التي قاطعت انتخابات 2002 من المشاركة في الانتخابات المقبلة هي المستهدفة تحديداً من القانون وهو ما يؤكده الواقع، وهذا سيضع الجمعيات في حيرة ما بعدها حيرة وخصوصا أنها أعدت العدة والعتاد لدخول معترك البرلمان، لكن قانون مباشرة الحقوق السياسية، ربما يجعلها تعيد التفكير في قوائمها الانتخابية التي تضم أسماء تنطبق عليها العقوبات التي يفرضها القانون.
إذاً، فالنواب الذين مرروا القانون لا يريدون مجرمين محكومين بينهم في المجلس، ولا ندري عن أي مجرمين يتحدثون، هل يتحدثون عن مافيا مخدرات، أم عن سجناء رأي، أم عن مبعدين صدر بحقهم حكم السجن غيابيا؟ إذاً، لنحرم المحكومين من الوصول إلى البرلمان، لنحمي مصالح الآمنين
إقرأ أيضا لـ "عبدالله الملا"العدد 1422 - الجمعة 28 يوليو 2006م الموافق 02 رجب 1427هـ