العدد 1422 - الجمعة 28 يوليو 2006م الموافق 02 رجب 1427هـ

العكري: نخشى حدوث أزمة و«منع المحكومين» يستهدف معارضين

دعا للتحالف ومواجهة قانون مباشرة الحقوق السياسية والقوانين «التعسفية»...

دعا الناشط الحقوقي عبدالنبي العكري جميع قوى المجتمع المدني للتحالف من أجل التصدي إلى ما أسماه «رزمة القوانين التعسفية» التي مررها مجلس النواب في الآونة الأخيرة. وقال العكري في لقاء خاص بـ «الوسط»: «نخشى أن تحدث القوانين التي مررت أزمة في الشارع البحريني، لأنها تمس وبشكل مباشر الحريات وحقوق الإنسان». وأكد أن قانون مباشرة الحقوق السياسية يستهدف من بعض المعارضين الدخول إلى معترك الحياة السياسية، «وهو ما يتنافى تماماً مع المواثيق والأعراف الدولية»، موضحاً عدم الحاجة إلى وجود قوانين تحد من الحريات من دون أسباب مقنعة، وخصوصاً أن البحرين فازت أخيراً بمقعد في مجلس حقوق الإنسان، ومعنى ذلك أن المملكة ستكون موضع المساءلة.

يبدأ العكري حديثه عن القانون «مرر مجلس النواب الكثير من القوانين مثل قانون مكافحة الإرهاب وقانون التجمعات، وآخر الصرعات كانت قانون مباشرة الحقوق السياسية الذي لا يقل خطورة عن سابقيه. و إذا أردنا أن نفند القانون، فنحن نؤكد بأنه لا يوجد قانون مشابه لهذا القانون في أي مكان في العالم حسب علمي». ويواصل «إن القوانين التي تحرم من الحقوق السياسية، مثل حق الترشح، أو حق الانتخاب، أو تولي مناصب عامة في الدولة ذات طبيعة سياسية، أو حق رئاسة الجمعيات أو النقابات أو الأحزاب، فإن هذا الحرمان يكون جزءاً من الحكم الصادر، وكمثال على ذلك، في الأردن أتهم ليث شبيلات بإيصال أسلحة للمقاومة الفلسطينية وسجن ولكن لم يحل عليه حكم الحرمان من الحقوق السياسية، إذ تم انتخابه من زنزانة السجن... ما نريد أن نصل إليه هو أن الحرمان من الحقوق السياسية عادة يكون جزءاً من الحكم الصادر، والاهم من ذلك أنه عادة ما يكون مرتبطاً بجرائم خطيرة كتلك التي تهز كيان الدولة، مثل تزوير الانتخابات، أو تزوير سجلات الناخبين، أو خيانة الأمانة، ولا يدخل فيها منع المحكوم عليه بعقوبة الحبس لمدة تزيد عن 6 أشهر من الترشح لمجلس النواب مدة 10 سنوات، فضلاً عن منع المحكومين بعقوبة جناية حتى وإن صدر بشأنهم عفو خاص أو رد إليهم اعتبارهم من الترشح إلى الأبد، ولابد أن يطعن فيه في المحكمة الدستورية لأن الحكم غير دستوري».

تحالف قوى المجتمع المدني

وعن الدور الذي من المفترض أن تلعبه الجمعيات الحقوقية في البحرين، أشار العكري إلى أن قانون مباشرة الحقوق السياسية وغيره من القوانين تتعلق بالحقوق السياسية والمدنية وبالتالي فإن التعامل معها يأخذ مجالاً أوسع من المنظمات الحقوقية. وأكد أن «هذا الموضوع أكبر من الجمعيات الحقوقية، فوجودها محدود، وأرى أن هذه مسئولية كل قوى المجتمع المدني للتصدي إلى هذا القانون وجميع القوانين التي تحد من الحريات، وتنتهك حقوق المواطنين، وخصوصاً أن هذا القانون يتناقض مع العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية الذي قدمته الحكومة لمجلس النواب، ولكن كالعادة لن يصدقوا على البروتوكول الخاص بشكاوى الأفراد الذي يستطيع من خلاله المواطن الذي انتهكت حقوقه أن يقدم شكوى، وهذا الموضوع سيثار في عدة محافل عبر تقارير حقوق الإنسان في مجلس حقوق الإنسان، وربما محافل أخرى كاتحاد البرلمان الدولي».

وقال: «من رأيي أن تجتمع قوى المجتمع لمناقشة جميع القوانين التي صدرت، على اعتبار صدور ثلاثة قوانين خطيرة، مكافحة الإرهاب، والتجمعات، ومباشرة الحقوق السياسية، وجاءت أوامر بمنع الجمعيات السياسية من جمع التبرعات للبنان وفلسطين، وهذه القوانين نراها تطبق على المتظاهرين وآخر الغيث كان المسيرة التي خرجت دعما إلى لبنان». ويواصل «حتى الجمعيات التي توالي الحكومة لابد أن تلتفت إلى القوانين، لأنها ستدفع الثمن، فاليوم هي متفقة مع الحكومة ولكنها قد لا تكون متفقة مع الحكومة مستقبلاً، وقد يطالها القانون». ويؤكد العكري أن «هذه القوانين تستهدف إخضاع المجتمع والسيطرة عليه، وتفريغ الديمقراطية من محتواها الحقيقي وتحويلها إلى هياكل. ولكن للأسف فإن الجمعيات متفرقة وغير ملتفتة إلى خطورة الموضوع... وإذا لم يحدث تدخل سريع من جلالة الملك بشكل حازم فإن الحريات مصيرها التدهور من دون أدنى شك».

العفو ينفي أثر الحكم إلا في «منع المحكومين»

وعن من صدر بحقه عفو خاص ينوه العكري بأن «الحكومة عندما سألت فيما إذا كان القانون سيستثني المحكومين قبل صدوره لم تجب، ومن ثم فإنه من المتوقع أن يظل نافذاً على الجميع، فلا يوجد نص يوضح ماهية التطبيق في هذا الجانب، والغريب أنه يشمل حتى من صدر فيه عفو، وكما هو معلوم فإنه حين يصدر العفو ينتفي أثر الحكم وذلك معمول به في كل الدول، بينما نرى أن هذا القانون يصدر حكماً جديداً على من صدر بحقهم عفو». وقال: «في اعتقادي أن الدولة اليوم لا تعترف بالمخالفة السياسية، ودائماً تلبس الأحكام السياسية أحكاماً جنائية، وهنا تكمن خطورة الموضوع، وبالتالي فإن كل من حكم حكماً سياسياً سيستهدف بهذا القانون».

وأكد العكري أن «القانون مانع جامع، والمقصود منه كما هو واضح أن يلغى جزء من مفعول العفو، فحتى لو عفي المحكوم من السجن أو الغرامة أو غير ذلك، يبقى مفعول الحرمان من حقوقه السياسية ساريا».

المعارضون هم المستهدفون

ويرى العكري حسب اعتقاده أن المستهدف من قانون مباشرة الحقوق السياسية هو من تريد السلطة أن تحرمهم من حقوقهم السياسية أو وصولهم إلى البرلمان، أو إلى مراكز أخرى وهو ما لا ترغب فيه الدولة، ولا اتفق أنها تستهدف المخربين والمخدرات والمجرمين العتاة لأن هؤلاء لا تصدر بحقهم 6 شهور، بل تصدر بحقهم أحكاما ثقيلة وإذا ما سلمنا بذلك فإنه يمكن تعديل القانون بحيث يصدر في حق العتاة من المجرمين حرمانهم من حقوقهم السياسية فترة معينة، «ولكن بالتأكيد أن القانون يستهدف بعض المعارضين ممن لا ترغب الدولة في وصولهم إلى ممارسة حقوقهم النيابية أو إلى منابر القرار».

ويعتقد العكري أن الحكومة ستنجح فيما ذهبت إليه كما نجحت في كثير من القضايا... وعن كون ذلك ضربة للجمعيات السياسية، يبين العكري أن القانون يستهدف بعض المعارضين كما أشار، وهو بالتالي يحرم غالبية كوادر جمعيات التحالف الرباعي التي قاطعت انتخابات 2002 من المشاركة في الانتخابات المقبلة. وصرح بأنه «سيسجل في تاريخ البحرين أنها أول دولة تحرم مواطن حكم بجنحة من حقوقه السياسية. بل وسيسجل في موسعة غينيس للأرقام القياسية سبق البحرين في هذا الموضوع».

تناقض كبير مع المشروع الإصلاحي

يقول العكري: «في اعتقادي أن كل القوانين التي تتعلق بالحقوق السياسية والمدنية و التي صدرت بعد التوقيع على الميثاق، باستثناء تلك التي تتعلق بالأمور الإدارية، تتعارض كلية مع المشروع الإصلاحي... هناك قوى متنازعة في هذا الموضوع، وقالت أكثر من جهة أن المشروع الإصلاحي بحاجة إلى أجهزة تتوافق مع المشروع معه، ولكن نرى أن المشروع يضرب بقوة عبر صدور قوانين تتعارض مع سقف الحريات الذي دشنه جلالة الملك، وتتعارض مع مساعي البحرين لتكون إحدى الدول الرائدة في مجال حقوق الإنسان». ويكمل «كما أن القوانين التي صدرت تتناقض مع القوانين الدولية ، وخصوصاً أننا نعاني من نقص الحريات وضمانات حقوق الإنسان. فقانون مكافحة الإرهاب لم يصل إلى الأمم المتحدة، ولكن نرى أن المقرر الخاص بمكافحة الإرهاب ودعم حقوق الإنسان وحرياته الأساسية مارتن شينين، يلح على السلطتين التنفيذية والتشريعية لحكومة البحرين لإعادة النظر في قانون مكافحة الإرهاب والذي جرى إقراره من الغرفتين، والسماح بإعادة مناقشته وإضافة تعديلات فيه، بسبب القلق من أن يكون لتنفيذ هذا القانون انعكاسات سلبية على حقوق الإنسان».

تصريحات النواب... لا تعليق

وفضل العكري عدم الدخول في تعليقات على تصريحات النواب، وخصوصاً ما يتعلق بوصول المجرمين إلى البرلمان.

وختم العكري حديثه قائلاً: «إن ما يجري هذا قصر نظر من الحكومة، ومن دون أدنى شك، فإن ذلك سيؤدي إلى الحط من مكانة البحرين في مجال حقوق الإنسان، وسيقوض ما عملت عليه الدولة في المشروع الإصلاحي خلال السنتين الأوليتين ورفع اسم البحرين في المحافل الدولية. كما و لا يفيد أن تكون يد الدولة ثقيلة على المجتمع، تقرر كل شيء لأن ذلك سيولد فجوة بين الشعب والحكومة، فالشعب حسب الدستور هو مصدر السلطات».


زينل: نأمل تعديل «مباشرةالحقوق السياسية» عبر المجلس المقبل

صرح عضو مجلس النواب يوسف زينل لـ «الوسط» أن «قانون مباشرة الحقوق السياسية، والخاص بمنع المحكومين بجناية من الترشح للأبد، لم يكن بهذه الصيغة، فالقانون الحالي الذي يجرد المحكوم عليه من حقوقه السياسية يعتبر قانوناً مجحفاً»، آملاً أن يتم تعديل هذا القانون من خلال المجلس النيابي المقبل.

وأوضح زينل أن «المشروع حين وصل إلى المجلس لم يكن يميز بين الترشح والانتخاب، وبين الجرائم العمدية وغير العمدية، وبين الجنح والجنايات، إلا أن اللجنة التشريعية والقانونية بمجلس النواب بدأت في التمييز بينهم، فأصبح من حق المحكوم عليه الانتخاب، وإن مازال مجرداً من حقه في الترشح»، مرجعاً السبب إلى بعض النواب أصحاب الآراء المتشددة. واعتقد زينل أن «من حق الأشخاص إذا أعيد رد الاعتبار إليهم مباشرة حقوقهم السياسية كافة، بما فيها حق الترشح، لكن الغالبية في المجلس رأت خلاف ذلك، ما حدا بنا إلى احترام رأيهم، وإن حاولنا طرح بعض الاقتراحات التي من شأنها أن تضفي تعديلات على هذا القانون، إلا أنها لم تلق الصدى المطلوب».

وفيما يتعلق برأي النواب المتشددين قال زينل: «أتفهم وجهة نظرهم التي اختلف فيها معهم، لذلك لا أوجه أي عتب لهم، وإن كنت أتمنى لو منع المحكومون لمدة سنة لا المحكومين لمدة ستة أشهر من الترشح، ولمدة خمس أو سبع سنوات بدلاً من الـ 10 سنوات». واعتبر زينل أن مسألة الدائمية المرتبطة بهذا القانون، هي أكثر فقرات هذا القانون إثارة للجدل، فمن غير المعقول أن يمنع المحكوم بعقوبة جنائية حتى وإن صدر بحقه عفو خاص عن العقوبة أو رد إليه اعتباره، من الترشح إلى الأبد، مضفياً صفة القسوة على هذه الفقرة. وبشأن الآراء التي ترى تضارب هذا القانون مع توجهات جلالة الملك الإصلاحية لم ير زينل في هذا القانون ما يتعارض مع المشروع الإصلاحي، بل عد زينل هذا القانون «أفضل من القانون الحالي، فعلى الأقل أصبحنا نميز بين الترشح والانتخاب، وبين الجرائم العمدية وغير العمدية منها». وأشار زينل إلى أن «لكل دولة توجهاتها واعتباراتها، ففي حين نرى بعض الدول تتشدد في هذا الجانب، نرى البعض الآخر منها لا تضفي الكثير من التعقيدات عليها، كل هذا يرجع إلى تراكم الخبرة لدى الدول من عدمها، وتطور المجتمع، بالإضافة إلى المسائل الأخلاقية وفقاً لهذا المجتمع»

العدد 1422 - الجمعة 28 يوليو 2006م الموافق 02 رجب 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً