العدد 1422 - الجمعة 28 يوليو 2006م الموافق 02 رجب 1427هـ

آل الشيخ يدعو إلى تحالف نيابي حقوقي للطعن في دستورية «الإرهاب»

توقع حدوث تصادمات عند تطبيق القانون بسبب غلوه في تجريم النوايا

دعا المتحدث الرسمي باسم الكتلة الإسلامية النائب محمد آل الشيخ إلى تشكيل تحالف للطعن في دستورية قانون مكافحة الإرهاب، على أن يضم هذا التحالف مؤسسات المجتمع الحقوقية والهيئات القانونية الأهلية إلى جانب القوى النيابية الرافضة لهذا القانون.

وحث آل الشيخ من سيشارك في هذا التحالف النيابي الحقوقي على «جمع الوثائق المتعلقة بقانون مكافحة الإرهاب من أجل تقديم طلب الطعن في عدم دستورية هذا القانون»، وأشار إلى أن «الأرضية مهيأة ومتاحة بسبب عدم مناقشة مواد القانون في جلسة النواب التي بحثت مشروع القانون، وكان هذا الإجراء مخالفاً لنصوص اللائحة الداخلية ويتعارض مع الأعراف والتقاليد التي سار عليها المجلس في الأعوام الأربعة الماضية طالما أنه يخالف الأسس الأولية للتشريع، فالمشرع يجب أن تكون له رؤى ومبادئ يستند إليها من أجل الموافقة على أي مشروع، غير أن هذا الأمر كان غائباً في قانون مكافحة الإرهاب وهو ما يسهل عملية الطعن في دستوريته، وما جرى في المجلس كان نتيجة الخوف من النقاشات، لأننا كنا نستطيع تفنيد جميع العقوبات والمواد التي جاء بها المشروع، والدليل على ذلك اجتماع اللجنة الذي استمر 12 ساعة والذي فقد فيه القانون نصف قوته ولو تمت المناقشات في المجلس لسقط القانون كما حدث لقانون التجمعات الذي سحبته الحكومة في وقت لاحق. لذلك فإن الخشية من النقاشات دفعت المجلس إلى اتخاذ خطوات غير قانونية عبرنا عنها أمام الرأي العام وهو ما ستثبته الحوادث التالية أثناء الطعن في عدم دستوريته»، موضحاً أن «الكثير من النواب بعد انتهاء الجلسة أكدوا أنه ليس من صالح القانون أن يمرر من دون نقاش، وهو ما أكده نواب محافظون من مختلف الكتل على اعتبار أن عدم المناقشة يعد إضعافاً لصلاحيات المجلس، وهذه الأصوات نفسها وافقت على مشروع القانون». وأكد ضرورة أن «يكون هذا الملف على سلم أولويات أجندة مجلس النواب القادم».

ويأتي هذا التصريح من النائب آل الشيخ بعد مطالبة مقرر الأمم المتحدة الخاص بتعزيز وحماية حقوق الانسان والحريات الأساسية مارتن شينين (ومقره جنيف) السلطات البحرينية بتعديل قانون مكافحة الارهاب الذي صدر أخيراً ليتوافق مع القانون الدولي لحقوق الانسان. وقال شينين في رسالة بعثها الى المسئولين في المملكة انه «يعرب عن قلق» في الأوساط الحقوقية التابعة إلى الأمم المتحدة لأن القانون سينال من حقوق الانسان والحريات العامة في البحرين. وأضاف شينين في رسالته «إن القلق يزداد لأن مملكة البحرين أصبحت عضواً في مجلس حقوق الانسان التابع إلى الامم المتحدة»، بينما قانون مكافحة الارهاب الذي حمل عنوان «حماية المجتمع من الاعمال الارهابية» يضيق على الحقوق الاساسية، داعياً السلطتين التشريعية والتنفيذية الى «مراجعة القانون»، لان الدول الاعضاء في الامم المتحدة «ملزمة بحماية حقوق الانسان وتعزيزها، وهذا يتطلب منها اتخاذ تدابير فعالة لمكافحة الارهاب ولكن من دون الاضرار بالقانون الدولي لحقوق الانسان». وكشف شينين انه بعث برسالة الى البرلمان في مارس/ آذار الماضي، معرباً عن قلقه بشأن التعريف الفضفاض للارهاب، وان بعض الافعال لا تعتبر ارهابية، وهناك مواد تحاسب على النية، وهناك أعمال لا تتسبب في موت أحد أو إصابته، بالاضافة الى أن القانون يفرض قيوداً على حرية تكوين الجمعيات والتجمع، كما فسح القانون المجال لتجريم المظاهرات السلمية التي تعتبر حقاً من حقوق المجتمع المدني. وقال شينين ان الافراط في القيود المفروضة على حرية التعبير وارد من خلال القانون الذي تتسم مواده بالغموض والمطاطية، كما انه سيحرم الاشخاص من الحق في محاكمة عادلة من خلال توسيع صلاحيات النيابة العامة فيما يتعلق بالمراقبة والاعتقال من دون رخصة قضائية.

إلى ذلك، يرأى آل الشيخ (عضو لجنة الشئون الخارجية والدفاع والأمن الوطني بمجلس النواب) أن «قانون مكافحة الإرهاب يخالف الأعراف والتقاليد والأحكام المنصوص عليها في المعاهدات والاتفاقات الدولية ويتعارض مع الحقوق الأساسية المنصوص عليها في الدستور والميثاق، وأن وجهة نظرنا بعدم دستورية القانون كانت صحيحة والدليل على ذلك أن هيئات دولية مستقلة تنادي بالمطالب نفسها التي كنا نطالب بها وعرضناها على المجلس ووضعنا فيها مذكرات تفصيلية شارحة». منوهاً إلى أن «قانون مكافحة الإرهاب يمس جوهر الحق وينال من الحريات العامة ويجعل جميع المواطنين رهن الاعتقال ويتيح سلطات واسعة للنيابة العامة للقبض والاعتقال، والمتهم في هذا القانون ليست له ضمانات، كما أن الجرائم توجه إلى مرتكبيها حتى لو كانت بالظن أو بالنوايا، ومثل هذا التشريع الذي لا يتوافق مع حاجة المجتمع البحريني ولم يصدر من نقاشات لدى مؤسسات وجمعيات المجتمع المدني، سيكون عرضة للطعن في دستوريته أمام المحكمة الدستورية، وفي الوقت الذي كنا نأمل أن نتوصل إلى توافقات بشأن إصدار تشريع يحظى بقبول من جميع القوى الوطنية وجميع ألوان الطيف السياسي في المجلس إلا أن قوى محافظة في المجلس وقوى سياسية في الخارج تكالبت من أجل الإسراع في إصدار هذا التشريع من دون نقاش خشية من سقوطه سقوطاً مدوياً تحت قبة البرلمان، ما حدا بالشخصيات المعارضة الانسحاب من الجلسة تعبيرا عن موقفهم الوطني تجاه عدم إتاحة الفرصة للنقاش، وبالتالي تمرير هذا القانون عنوة وكأن السلطة التشريعية هي التي مررت القانون على رغم التدخلات والإملاءات التي فرضت على التركيبة المحافظة التي نعتبر أنها خذلت الشعب في هذا الأمر».

وأضاف آل الشيخ «حازت مملكة البحرين أخيراً رئاسة مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان وتمكنت من أن تكون المقر الإقليمي لمكافحة الإرهاب، وفي الوقت نفسه صدقت على اتفاق مكافحة الإرهاب الدولي، والعهد الدولي الخاص بالحقوق السياسية والمدنية والكثير من الاتفاقات الدولية التي تضع الحقوق الأساسية لبني البشرية في أحكام واجب اتباعها بالنسبة إلى الشرعية الدولية، وبتصديق البحرين على هذه الاتفاقات فإنها تقر بما جاء فيها من أحكام ومواد تعتبر حقوقاً أساسية للمواطن البحريني، وهي في المقابل مررت من خلال السلطة التشريعية ذات التركيبة النيابية المختلة والمحافظة والمسايرة للتوجه الرسمي وفقاً لما أفرزته الدوائر الانتخابية المطعون فيها أصلاً كونها لا تتماشى مع أبسط معايير ومبادئ العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص بين المواطنين، وقد تم تمرير جملة من التشريعات وعلى رأسها قانون مكافحة الإرهاب وقانون التجمعات والمسيرات وقانون حرمان المحكومين من الحقوق السياسية والمدنية مدى الحياة ضاربة في ذلك عرض الحائط بالمعاهدات والاتفاقات الدولية التي صدقت عليها، وبذلك يعتبر ذلك تخليا عن المسئوليات المناطة بمملكة البحرين تجاه الشرعية الدولية والمجتمع الدولي وهو ما حدا بهذه المنظمات أن تصدر تقارير وبيانات تؤكد ما ذهبنا إليه، وخصوصاً ما يتعلق بمشروع قانون مكافحة الإرهاب الذي لم يناقش أصلاً في السلطة التشريعية بغرفتيه».

وقال آل الشيخ: «عندما يريد أي باحث أو قانوني أن يراجع النقاشات التي دارت في السلطة التشريعية حول قانون مكافحة الإرهاب، فما الذي سيحصل عليه، لن يحصل إلا على تصويت بالموافقة من دون نقاش. وهذا ما تثبته المضابط لكلا المجلسين، فهذا الأمر فيه إخلال بمبدأ السيادة القانونية للدولة وفيه تسطيح للسلطة التشريعية التي يطلب منها تمرير التشريعات والقوانين من دون نقاش حقيقي يفضي إلى توافقات تؤكد حاجة المجتمع إلى مثل هذه التشريعات».

وذكر آل الشيخ «بمجرد صدور هذا القانون المرفوض شعبياً وسياسياً فإنه سيكون عرضة لعدم الالتزام به كونه لا يراعي المبادئ الأساسية المتعارف عليها في القوانين الدولية، وبالتالي ستنتج عن ذلك تصادمات ليست بسبب وجود جرائم إرهابية بل هي بسبب غلو القانون في مواده المجرمة للنوايا واستنادها إلى مبدأ الظنية في الجرم، لذلك نعتبر أن جميع ما سيئول إليه القانون وما يستتبعه من جرائم ما هي إلا مخالفات قانونية، الأصل فيها البطلان على اعتبار أن ما بني على باطل فهو باطل، وهذا عينه ما ذكرناه سواء في اجتماعات اللجان أو في المجلس أو في التصريحات الصحافية للصحف المحلية والخارجية وهو ما تذكره الهيئات العالمية اليوم، لذلك فإن الطعن في دستورية القانون بهدف إسقاطه هو أمر ملح، لأن البحرين لا تعيش فراغاً تشريعياً في هذا المجال فقانون العقوبات وقانون الإجراءات الجنائية يفيان بالغرض مع إدخال بعض التعديلات، فضلاً عن ذلك فإن التشريع يجب أن يستند إلى حاجة المجتمع، فالبحرين تعيش استقراراً وأمناً وبالتالي نحن بعيدون عن جميع الجرائم الإرهابية، كما أن الدول التي تعرضت لجرائم إرهابية لم تحذو حذو البحرين في هذا الجانب، ونعتقد أن هذا القانون غير دستوري، ونأمل ان يطعن في دستوريته من أجل الانتصار للحقوق والمكتسبات الوطنية للمواطنين في ظل مسيرة المشروع الإصلاحي الذي تعيشه البلاد وصولاً لديمقراطية حقيقية تكون فيها السلطة التشريعية تعبر عن إرادة الشعب الحقيقية»

العدد 1422 - الجمعة 28 يوليو 2006م الموافق 02 رجب 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً