فيما يتفق الجميع على أن دمج هيئتي التأمينات الاجتماعية وصندوق التقاعد في هيئة واحدة تحت مسمى «الهيئة العامة للتأمين الاجتماعي» سيؤدي إلى زيادة الامتيازات التي يحصل عليها المشتركون في الهيئتين ويرفع من القدرة الاستثمارية لهما إذ سيصل مجموع موجداتهما ما يقرب من 2,5 مليار دينار وما سيصاحب ذلك من تقليل المصاريف الإدارية، تبقى مسألة تمثل العمال في هذه الهيئة الجديدة محل جدل حتى قبل إقرار الدمج الذي يجب أن يناقش في مجلس النواب المقبل قبل إقراره.
يقول وزير العمل مجيد العلوي: «إن دمج الهيئتين سيكون في البداية عبر توحيد الإدارتين في إدارة واحدة وتوحيد جهود الاستثمار وهذا سيعطيها قوة هائلة إذ إن الحديث يتركز في 2,5 مليار دينار ومن خلال توحيد الإدارة والاستثمار فإن ذلك سيسهل عملية دمج الهيئتين».
دمج الهيئتين يقلل المصاريف الإدارية
ويؤكد الوزير العلوي أن دمج الهيئتين سيعطي المشتركين أوضاعاً أفضل كما سيقلل من المصاريف الإدارية كما سيقوي القدرة الاستثمارية وذلك ما سيؤدي في نهاية المطاف إلى توحيد الاشتراكات والمزايا.
ويضيف، على رغم أنه سيتم توحيد الادارة والاستثمار فإن الصناديق ستبقى مفصولة، ففي الهيئة العامة لصندوق التقاعد هناك صندوق خاص بالتقاعد المدني وصندوق خاص بالتقاعد العسكري ولدينا في التأمينات الاجتماعية محفظة خاصة بالعجز والشيخوخة ومحفظة خاصة باصابات العمل ويضاف في المستقبل محافظ خاصة بالتأمين ضد التعطل ولكن هذه المحافظ ستكون جميعها تحت مظلة الهيئة العامة للتأمين الاجتماعي». وينفي الوزير ما تردد بشأن إقالة الخبير الاكتواري ابراهيم مهنا ويقول: «إن كل ما في الأمر أن مجلس الإدارة في اجتماعه الاخير طلب رأي خبير اكتواري آخر للاستئناس بآرائه. ولم يتم اقالة الخبير السابق ابدا».
ومن جهته، يرى النائب عبدالنبي سلمان أن دمج الهيئتين يعتبر خطوة أولى نحو توحيد المزايا، ويقول: «سبق وان أعلنت الحكومة ان دمج الهيئتين سيتم خلال خمس سنوات واعتقد أن الخطوة التي اتخذها مجلس الوزراء حديثا كانت خطوة متقدمة جدا».
ويضيف «بالنسبة لقوانين الهيئتين اعتقد أن هناك اختلافاً في تشكيل مجلس إدارة كل هيئة على حدة ولكن ذلك أمر سهل في حال الاتفاق على الدمج إذ سيكون هناك مجلس إدارة موحد وبحسب ما تم الإعلان عنه كتصور أولي سيكون الأعضاء في حدود 15 عضواً يتوزعون بين ممثلي الحكومة والقطاع الخاص والنقابات ومؤسسات المجتمع المدني».
دمج الهيئتين فكرة تبلورت عبر ثلاث سنوات
ويذكر سلمان أيضاً أن موضوع دمج الهيئتين أتى بعد تقرير لجنة التحقيق التي تم تشكيلها في مجلس النواب للتحقيق في وضع الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية والهيئة العامة لصندوق التقاعد وبناء على توصيات لجنة التحقيق بأهمية دمج الهيئتين وبعد ذلك كانت هناك مطالبات كثيرة من داخل مجلس النواب والمجتمع لأهمية دمج الهيئتين وتوحيد المزايا على خلفية ان يكون هناك تشجيع للعمالة البحرينية للانخراط في القطاع الخاص وبالتالي توحيد المزايا لتكون المزايا الممنوحة للقطاع الخاص أكثر جاذبية أمام العمالة البحرينية. ويقول «هذه هي الفكرة الأساسية التي تبلورت على مدى الثلاث سنوات الأخيرة وهذا شيء جيد وأنا أعتقد انه ربما كانت هناك اعاقات فنية من قبل هيئتي التقاعد والتأمينات بحيث كان يتم الاعتذار دائما وتأجيل الدمج بسبب الاستحقاقات التقاعدية وبسبب التقارير التقاعدية التي أعلنها الخبير الإكتواري بشأن الوضع المالي للهيئتين. وبعد أن تم تغيير الخبير الإكتواري اعتقد أن الهيئتين مطالبتان الآن بتقارير جديدة وإعادة دراسة الوضع المالي للهيئتين حتى يقوم الدمج على أسس صحيحة».
ويؤكد سلمان أن الوضع الطبيعي هو أن يتم دراسة الوضع الإكتواري للهيئتين بطرق جديدة إذ إن الدراسات التي قدمت على مدى الـ 25 سنة الماضية كانت من قبل طريق واحد فقط وعلى رغم أن هذا الخبير قدير وله سمعته الدولية فإن ذلك لا يعني ألا يتم تغيره. هناك عدة اجتهادات في الوضع المالي للهيئتين وأنا اعتقد انه من الأولى ان يتم الاطلاع على رأي الخبراء الآخرين وليس الاقتصار فقط على رأي خبير واحد لمدة أكثر من ربع قرن على رغم كفاءته الموثوقة.
الدمج مطلب عمالي بشرط توحيد المزايا
من جهته، يقول نائب الأمين العام للاتحاد العام لعمال البحرين سلمان السيدجعفر المحفوظ: «إن دمج الهيئتين كان مطلبا عماليا من الأصل طالما رفعه التنظيم العمالي منذ أيام اللجنة العامة لعمال البحرين ثم لاحقا الاتحاد العام، لكن مع تأكيد دمج المزايا بين الهيئتين بحيث يحصل المؤمن عليهم على أفضل ما في الاثنين معا فقرار الحكومة بالدمج إذاً نحن نراه خطوة في الاتجاه الصحيح على ان تتلوها خطوة توحيد وتحسين المزايا حتى ينعكس قرار الدمج ايجابيا على مصالح العمال المؤمن عليهم في القطاعين. ويبقى ان نشير إلى نقطة مهمة أخرى في هذا الصدد وهي وجوب عدم انعكاس هذا الدمج سلبا بشكل مباشر او غير مباشر بحيث يعرض العاملين في الهيئتين للضرر خصوصا في ضوء ما نسمعه عن تقليص الوظائف فيجب ألا يكون العاملون في الهيئتين ضحية هذا الدمج.
وفيما أعلن التصور الجديد لمجلس إدارة «الهيئة العامة للتأمين الاجتماعي» الذي سيتكون من ثلاثة ممثلين عن الحكومة وثلاثة عن أصحاب الاعمال وثلاثة عن عمال القطاع الحكومي وثلاثة عن عمال القطاع الخاص مع تعيين اثنين من ذوي الخبرة والاختصاص والرئيس ليصبح عدد مجلس ادارة الهيئة الجديدة 15 عضواً سارع الاتحاد العام لعمال البحرين إلى رفض التوزيع الجديد للتمثيل بحجة ان الحكومة ستستحوذ على تسعة مقاعد من أصل 15 مقعدا لمجلس الإدارة من خلال تعيين 3 من ممثلي الحكومة و2 من ذوي الخبرة والاختصاص، بالاضافة إلى تعيين 3 من ممثلي القطاع الحكومي ورئيس المجلس.
ويقول المحفوظ: «ان الاتحاد كان يطالب دائما بضرورة تساوي التمثيل في الجهات ثلاثية التمثيل وان تكون تسمية الممثلين من قبل الممثلين الشرعيين لكل جهة».
ويضيف المحفوظ «لن نرفض التوزيع الجديد اذا ما كان هناك تكافؤ في التوزيع... بالنسبة لنا التكافؤ خط أحمر لا تراجع عنه مهما يكن من امر... وفي الأساس نحن نرفض ألا يكون للاتحاد العام الحق الأصيل قانونا وممارسة في اختيار ممثلي الطرف العمالي وعلينا ان نتذكر أن قانون النقابات 33 لسنة 2002 أكد ان الاتحاد العام هو الذي في المجالس واللجان الثلاثية كما ويؤكد القانون ان الاتحاد العام هو الذي يفاوض اطراف الانتاج في القضايا المعنية بمصالح العمال. بل ان تعديلات قانون العمل اكدت ان المفاوضات الجماعية على المستوى الوطني الاعلى يمثل فيها الاتحاد جميع العمال... كيف يكون هناك تناقض بين قانون وآخر في مسألة واحدة... نفترض ان يكون هناك تكامل وليس تعارض بين القوانين».
مجلس الإدارة يتمتع بتمثيل «ثلاثي»
من جانبه، يؤكد وزير العمل ان ممثلي العمال في مجلس إدارة الهيئة تم تسميتهم من قبل اللجنة العامة لعمال البحرين في ذلك الوقت وفي حال تشكيل مجلس الادارة الجديد سيتم الطلب من الاتحاد بتسمية ممثليه في المجلس وذلك لانه في حال طلبنا من الاتحاد تسمية ممثلين جدد له فإنه يجب الطلب من غرفة «التجارة» ومن الحكومة تسمية ممثلين جدد عنهم.
ويؤكد أن المجلس الحالي يتمتع بالتمثيل الثلاثي من الحكومة واصحاب الأعمال والعمال وقال إن مجلس الإدارة سيستمر في اداء مهماته في تسيير امور الهيئة لحين دمج الهيئتين.
ويقول إن مجلس الإدارة انتهت مدة تعينه منذ اكثر من سنة، لكن صدر قرار من سمو رئيس الوزراء بتمديد فترة عمل المجلس إلا أن يتم الانتهاء من اقرار القوانين الخاصة بدمج الهيئتين من قبل السلطة التشريعية وعند إذ سيتم تعيين مجلس إدارة جديد.
من جانبه، يؤكد النائب عبدالنبي سلمان ان اعتراضات الاتحاد العام لعمال البحرين صحيحة لأن ممثلي العمال يجب ان يتم ترشيحهم من قبل الاتحاد ولا يجب تعيينهم مهما كانت خلفيتهم كعمال أو نقابيين سابقين. ويقول: «الترشيح يجب ان يكون انطلاقا من الاتحاد».
أما سلمان المحفوظ فيقول إن الاتحاد العام وفي ظل رفض الحكومة لتسمية ممثلي العمال من قبل الاتحاد فقد بدأ بإعداد عريضة في طريقها للتنفيذ بعد وضع آلية تدشينها وسيتم توقيعها من أكبر عدد من قواعدنا النقابية والعمالية في القطاعين الخاص والعام عبر التنسيق بين الاتحاد العام والنقابات لنؤكد تلاحم العمال ووحدتهم في هذا الملف المصيري بالنسبة لمصلحة الطبقة العاملة وتأكيد حق التمثيل العمالي في هذه الهيئة ليكونوا شركاء في إدارة اموالهم.
ويضيف «سيتصرف الاتحاد مسترشدا بقواعده العمالية وهياكله وفق ما تمليه مصالح العمال والعريضة العمالية هي البداية فقط وسنستخدم جميع الوسائل المتاحة بما في ذلك علاقاتنا العربية والدولية لدعم موقفنا وحقنا في اختيار ممثلينا وصنع القرار في الهيئة».
المحفوظ: «كتنظيم عمالي من حقنا اختيار من يمثلنا»
وعن اذا ما تم اعلام الوزير بتحفظات الاتحاد قال المحفوظ: «نعم تم اخطار وزير العمل برفض الاتحاد العام لاعادة التعيين ورد الوزير على خطابنا، لكنا لسنا مقتنعين بتبريرات التمديد. ومع ان الوزير اكد في رده ان الاتحاد العام سيمثل في التشكيل القادم لمجلس ادارة الهيئة إلا أن هذا التأكيد ليس كافيا ما لم ينص عليه بشكل واضح في القانون بحيث ينص صراحة على ان الاتحاد العام هو صاحب الحق في تسمية ممثليه في الهيئة».
ويقول: «إن اصرار الحكومة على عدم الاخذ برأي الاتحاد هو الرغبة في الاستفراد بقرارات استراتيجية في الهيئة ومن ابرز الامثلة على ذلك نذكر ان ممثلي اللجنة العامة مثلا في السابق قد رفضوا بالإجماع شطب الديون المستحقة من قبل الدولة للهيئة في الجلسة التي ناقشت ذلك ولكن تحالف الحكومة وأصحاب العمل مرر الشطب وهذا ربما يكون سبب رغبة الحكومة اليوم في اختيار ممثلي العمال بنفسها بدلاً من النص على أحقية الاتحاد العام في اختيارهم. ويضيف «أن القضية ليست قضية اشخاص نعترف بهم أو لا نعترف، القضية قضية مبادئ نحن كتنظيم عمالي يجب ان يكون لنا الحق في اختيار من يمثلنا أو سحب هذا الاختيار وقتما نرى المصلحة في ذلك ومع احترامنا للاشخاص الموجودين الآن ليسوا هم الذين اختارهم الاتحاد لتمثيل الطرف العمالي. علماً بأن الاتحاد قام فعلا بتسمية ممثليه بناء على خطاب من وزير العمل بحسب قرار صاحب السمو رئيس الوزراء ولم تعتمد هذه الأسماء حتى الآن
العدد 1422 - الجمعة 28 يوليو 2006م الموافق 02 رجب 1427هـ