العدد 1421 - الخميس 27 يوليو 2006م الموافق 01 رجب 1427هـ

«إسرائيل» تتوجه نحو الخطاب الخاطئ

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

الأخبار من غزة والحدود اللبنانية الإسرائيلية سيئة وتزداد سوءاً. لسوء الحظ أن رد «إسرائيل» يسير في خطى رد أميركا على 11 سبتمبر/ أيلول، وهو ما يفهم منه ظاهرياً تحميل المسئولية للأطراف التي لا تستطيع فعلاً السيطرة على الموقف.

بحسب تقارير وردت وقتها (تم تأكيدها فيما بعد في مقال بتاريخ 12 يوليو/ تموز في الـ «نيويورك تايمز» كتبه مايكل سلاكمان وسعاد ميخنت) لم يكن خاطفو العريف جلعاد شاليت على اتصال مع حكومة «حماس» في السلطة الفلسطينية، ومن المحتمل أنهم لم يكونوا على اتصال كذلك مع قيادة خالد مشعل الخارجية في دمشق. على رغم ذلك أعلنت «إسرائيل» بشكل متكرر أنها تحمل الرئيس محمود عباس ورئيس الوزراء إسماعيل هنية المسئولية عن سلامة شاليت، وأطلقت هجمات جوية وأرضية عقابية ... نجحت الكثير منها في قتل المدنيين فقط. في هذه اللحظة لا يوجد سوى سبب ضئيل للاعتقاد بأن قيادة التيار الرئيسي في «حماس» أو رئيس السلطة الفلسطينية لهم أية سيطرة حقيقية على مصير شاليت.

بل على العكس، هؤلاء الذين يحتجزون شاليت لا اهتمام لديهم بحل سلمي. هم يلعبون الدور الذي لعبته «حماس» حتى سنوات قليلة خلت مركازين سياستهم على فرضية أن المزيد من العنف أفضل لهم بكثير. هذه هي وجهة النظر الجهادية التي يتبناها القادة للعالم. وبالتأكيد يظهر مقال الـ «نيويورك تايمز» أن أجهزة المخابرات العربية ترى خاطفي شاليت على أنهم يتبنون هذه الايديولوجية. هذه المجموعات ترحب بنشاط بالهجمات الإسرائيلية إيماناً منها بأنها تحول السكان إلى أصوليين وتنزع الشرعية من السلطة الفلسطينية.

بعد ذلك بأيام قليلة تفجرت الحدود اللبنانية كذلك بالعنف، وهناك أيضاً كان الرد الإسرائيلي موجهاً بأسلوب خاطئ. «إسرائيل»، مثلها مثل أية دولة ذات سيادة، لا تستطيع تحمل هجمات على حدودها، لكن عليها أن تدرك أن الحكومة اللبنانية لا سيادة لها من نواح عدة، وخصوصاً فيما يتعلق بحزب الله الذي يقوم بالهجمات ويعتبر عادة وكيلاً عن إيران.

التأثير الإيراني ازداد في لبنان منذ الانسحاب الرسمي للقوات السورية السنة الماضية. في خضم السياسة اللبنانية، يساند بعض الأعضاء في الحكومة حزب الله، بينما يعارضه آخرون. لكن الواضح هو أن الحكومة اللبنانية ليست في موقف يسمح لها بالضغط على حزب الله وكبت عملياته. الهجوم على المدن اللبنانية لن يمنع الهجمات المستقبلية، بل على العكس، فمع هجماتها التي تقتل المدنيين اللبنانيين ستصبح «إسرائيل» عرضة للوقوع في شراك الجهاديين، التي وقعت بها في غزة.

«إسرائيل» كانت على ما يبدو على استعداد للموافقة على خطة انسحاب زمنية قام بترتيبها الرئيس المصري حسني مبارك (مبارك ألقى باللائمة على «ضغوط» غير محددة على «حماس» لفشل عملية تبادل الأسرى). كان من الممكن أن تكون في مصلحة كل من «إسرائيل» والقيادة الفلسطينية أن يتم إنهاء العنف بالسرعة الممكنة. يجب على «إسرائيل» أن تدرك أنها إذا لم تتعامل بطريقة أو بأخرى مع القيادة الفلسطينية الشرعية والأمر الواقع، وهي «حماس»، فإنها بذلك تقوي المجموعات الجهادية، وهي ليست مثل «حماس» وإنما أسوأ بكثير لـ «إسرائيل» والغرب. ليس جميع الإسلاميين متماثلين، وهذه حقيقة غير مناسبة يجب على كل من «إسرائيل» والولايات المتحدة، في الجو الراهن، أن يتعاملوا معها. لا يجب على «إسرائيل» التعامل مع «حماس» وجهاً لوجه، لكن هناك سوابق كثيرة لاستخدام طرف ثالث ووسطاء كالأتراك والمصريين.

تعود استراتيجية الرد التي تتبعها «إسرائيل» إلى خمسينات القرن الماضي عندما قام باتباعها بشكل واسع ضابط شاب اسمه آرييل شارون. فاعليتها طالما تعرضت للسؤال، لكن فرضيتها المركزية ترتكز على الاعتقاد السائد بأنه من مصلحة الحكومات المجاورة (أردنية أو مصرية أو لبنانية كانت)، أن تكبح جماح المجموعات الإرهابية حتى تتجنب هجمات ذات حجم غير متكافئ من طرف «إسرائيل». الفرضية تفشل وتتداعى عندما تكون الحكومة المجاورة، كما هو الحال في فلسطين ولبنان، لا تستطيع السيطرة على قوات مسلحة كبيرة تعمل من أراضيها.

يجب على قادة «إسرائيل» أخذ نظرة عميقة على الواقع الحالي وإدراك أن مصالح «إسرائيل» ومصالح حكومة «حماس» في غزة والحكومة اللبنانية في بيروت تقع في وضع حد للعنف القائم بأسرع وقت ممكن. للجميع مصالح كبرى في منع ظهور وتقوية المجموعات الجهادية التي تكمن استراتيجيتها في الدرجة الأولى بإذكاء نار النزاع. من المهم ملاحظة أن معظم الحكومات العربية، وخصوصاً في مصر والأردن، تتشارك في الرغبة بكبح جماح العنف بأسرع وقت ممكن.

وهذا يعني أنه يجب على «إسرائيل» قبول الوساطة أو حتى الاتصالات المباشرة السرية مع حكومة «حماس» اعتماداً على مصالحهما الفورية المشتركة لإنهاء الأزمة الحالية. عليها كذلك أن تعمل مع الحكومات الأجنبية للوصول إلى اتفاق يعيد الجنود الأسرى وينهي الهجمات على حدودها. قصف بيروت لن يحقق هذه الأهداف. الاعتراف بالواقع القائم يعطي أفضل فرصة لعودة الأسرى ونزع فتيل الأزمة.

بول شام

باحث في معهد الشرق الأوسط (واشنطن

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 1421 - الخميس 27 يوليو 2006م الموافق 01 رجب 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً