حاول البحث عن طريق غوغل عن «السعودية» و«عمل الخير»... جميع النتائج تخبرك قصصاً عن نشاطات يدعى أنها محظورة من قبل المؤسسات الخيرية السعودية لتمويل الإرهاب وكل نشاط نادر يمكنك تصوره، يتم على ما يفترض بأموال الخير السعودية. يجب أن تنظر إلى أسفل القائمة قبل أن تجد شيئاً ولو كان إيجابياً بغموض عن السعوديين وأعمال الخير. إلا أن هذا الأسبوع شهد مقالاً عبّر عن شكره للمملكة العربية السعودية لتقديمها أخيراً مبلغ 10 ملايين دولار للإغاثة من القحط في القرن الإفريقي. يصل إلى صفحات الصحف عن عمل الخير السعودي. برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة عبر عن شكره للمملكة العربية السعودية لتقديمها أخيراً مبلغ 10 ملايين دولار للإغاثة من القحط في القرن الإفريقي. وليس هذا عملاً غريباً على السعوديين.
بحسب ناطق باسم برنامج الغذاء العالمي «أصبحت السعودية متبرعاً له أهميته لعمليات برنامج الغذاء العالمي في جميع أنحاء العالم. منذ العام 2005 قدمت الحكومة السعودية والقطاع الخاص ما يزيد على 20 مليون دولار من المساعدات. وقدمت السعودية أخيراً أموالاً لعمليات برنامج الغذاء العالمي في كمبوديا والأراضي الفلسطينية المحتلة والباكستان». ويضيف التقرير «من خلال تقديمها المعونة إلى ما يزيد على 50 دولة عبر الكرة الأرضية، تلعب السعودية دوراً قيادياً في النشاطات الإنسانية والإنمائية. المملكة العربية السعودية تبرعت بمليارات الدولارات بشكل ثنائي أو متعدد الأطراف لأعمال الإغاثة والمشروعات التنموية خلال السنوات الثلاثين الماضية، والتبرعات المقدمة أخيراً إلى برنامج الغذاء العالمي هي خير مثال على الالتزام المستمر في مساعدة الإنسانية».
بحسب مصادر مختلفة فإن السعودية، وعلى أساس عدد السكان هي أكبر مانح في مجال المعونة الخارجية في العالم. إلا أن وسائل الإعلام الرئيسية العالمية مستمرة في تصوير نشاطات السعودية وأعمال الخير التي تقوم بها بأسلوب سلبي. كذلك، وعلى رغم تجاهلها من قبل وسائل الإعلام العالمية، فهناك أعداد لا تحصى من صانعي الخير من قبل أفراد ومؤسسات عامة وخصوصاً تتم في جميع أنحاء المملكة العربية السعودية.
خلال الفترة الماضية قمت ومجموعة من الزائرين الأميركيين بمشاهدة نشاطات خيرية متعددة على أرض الواقع في جميع أنحاء المملكة العربية السعودية. من برامج الأطفال المعوقين في الرياض والمدارس الخاصة للمعوقين في المنطقة الشرقية، شاهدنا عشرات من الموظفين والمتطوعين المكرسين لرعاية الأقل حظاً. ولكن الحدث الأهم في الرحلة كان زيارة مركز الأمل لأصحاب الحاجات غير العادية في جدة.
مركز الأمل هو مركز متعدد اللغات والثقافات للأطفال ذوي الاحتياجات المتميزة. يقوم العاملون بإعادة تأهيل الأطفال ذوي الإعاقات مثل مرض داون ومرض التحدي الخيالي ومشكلة عدم التركيز والإعاقات التعلمية. خدمات هذه المؤسسات تضم التدريب على المهارات في مجالات الإدراك ومساعدة الذات والاختلاط الاجتماعي وتحسين السلوك والمهارات الحركية العامة والمحددة. كما يقدم التدريب إلى أهالي هؤلاء الأطفال، إضافة إلى الدعم من خلال المعهد. مركز الأمل هو مركز متميز جداً.
قابلنا أطفالاً من جميع الأعراق والأديان والجنسيات. حب عظيم ورعاية حثيثة يقدمان إلى كل طفل. طفلة جميلة مصابة بالطرش تمكنت من قراءة حركة الشفاه بالإنجليزية والعربية. طفل صغير يعاني من مشكلة في التعلم عانق كلاً منا بحرارة عندما دخلنا غرفة صفه. شاب يعاني من مرض داون أرانا بفخر مهاراته على حاسوب في الغرفة الصفية وابتسم عندما أخبرنا أنه سيبدأ عملاً يضع خلاله المشتريات في أكياس في أحد متاجر السوبرماركت المحلية.
بينما كنا نقف أسفل الدرج قام العاملون بمساعدة طفلة صغيرة الحجم تبلغ من العمر 6 سنوات على النزول على الدرج ببطء شديد. كانت تلبس نظارات سميكة وتتحرك ببطء شديد. عندما وصلت إلى نهاية السلم ابتسمت ومدت يدها لتحيينا جميعاً. عانقناها والدموع في عيوننا. أخبرونا أنه لم يكن بإمكانها الكلام أو الحركة أو حتى ابتلاع الطعام عند إحضارها إلى مركز الأمل. استدارت وابتسمت مرة أخرى وسارت ببطء إلى صفها لتلقي دروس الصباح.
قابلت فتاة جميلة أخرى كانت لها ابتسامة ساحرة كذلك. عندما أخبروني اسم عائلتها سألتها إذا كانت من أقرباء صديق قديم لي. أخبرتني أن صديقي هو جدها. ثم قالت انها سترى جدها قريباً وتسلم عليه نيابة عني. الموظفون أخبروني أن هذه الفتاة متقدمة في دروسها بسرعة وتنتظر صفوفها ببالغ الصبر كل يوم.
عندما سألنا الموظفين عن احتياجاتهم قالوا إنه بما أن المؤسسة خيرية فهم يعتمدون على التبرعات الشخصية. كذلك قالوا إن إحدى أولويات مركز الأمل المهمة جداً هي إعادة تلامذتهم إلى الحياة الاعتيادية ومساعدتهم على الحصول على وظائف حقيقية. موظفو مركز الأمل قالوا إنهم يبحثون عن مثل عليا في المملكة انتقلوا من الرعاية المؤسسية إلى عالم العمل. تعهدنا جميعاً بتقديم العون والدعم. في ذلك المساء دعيت مجموعتنا إلى اجتماع في غرفة تجارة جدة. وصلت مبكراً وطلبت من مسئول هناك استخدام جهاز الحاسوب لقراءة بريدي الإلكتروني أثناء انتظار وصول بقية المجموعة. أخذوني إلى مكانين أو ثلاثة مختلفة بها أجهزة حاسوب لم تكن تعمل حين وصلت إليها. انتهيت، بمحض الصدفة إلى أمام شاب سعودي وعلى وجهه ابتسامة كبيرة. عندما حياني وعرض علي استخدام جهازه لاحظت أنه معوق ويستخدم العكازات للتنقل.
سألت الشاب، الذي كان سكرتيراً في غرفة التجارة، كيف تطور من الإعاقة إلى هذه الوظيفة في غرفة التجارة. قال إنه قرر أنه لا يستطيع البقاء جالساً في المنزل يشعر بالألم على نفسه، وأنه قام بحضور دورات تدريبية ووجد بيئة عمل تشعر معه في الغرفة. عندما أخبرته عن مركز الأمل تطوع فوراً للاجتماع بالموظفين هناك وقضاء أكثر وقت ممكن مع الأطفال. في اليوم الثاني اتصل الشاب بمدير مركز الأمل وهما يخططان لإعداد البرامج معاً.
كان يوماً متعباً بالنسبة إلي. كم أتمنى أن تظهر هذه القصة على رأس القائمة عندما يقوم أحد بالبحث عن عمل الخير في السعودية على غوغل.
ملاحظة: مايكل سابا يعمل مستشاراً في العلاقات الدولية
إقرأ أيضا لـ "Common Ground"العدد 1421 - الخميس 27 يوليو 2006م الموافق 01 رجب 1427هـ