لا أعتقد أن المسئولين في أميركا كانوا يظنون أن الحكومة التي ستأتي بعد احتلال العراق يمكن ان تعلن سياسات تتعارض مع طريقة واشنطن في التعامل مع دول المنطقة. كما لا اعتقد ان واشنطن كانت تظن عندما قررت احتلال العراق أنها ستتعرض لانتقادات من أول زعيم سياسي عراقي منتخب وفق انتخابات حرة ديمقراطية نزيهة.
تصريحات الرئيس الأميركي قبل وبعد الاحتلال كانت تؤكد أن العراق سيتحول الى دولة (مطيعة) في تنفيذ الواجبات الاميركية، لا دولة ذات سيادة في اتخاذ القرار الذي يضمن مصالح شعبها ويصون استقلالها، حتى وان كان على أرض العراق أكثر من 134 ألف جندي محتل وجيش عراقي جديد تم بناؤه وفق العقيدة العسكرية الاميركية.
وأساس هذه الاعتقادات ان العراق تحول بعد الاحتلال الى «دولة ديمقراطية».
«الدولة الديمقراطية» عند السياسيين الاميركيين هي اعتبار المقاومة المسلحة لإعادة الحقوق المشروعة ارهابا، وتهديد مصالح اميركا في العالم ارهاباً ايضاً، ومحاولة مساواة ابناء البلد مع المحتل نوعاً من أنواع تخطي الحدود، والدفاع عن المصالح المشروعة للبلد او الشعب هي احتكار يجب ان يجابه بالرفض والتهديد، وان على مواطني البلد الايمان بكل ما يؤمن به المواطن الاميركي بغض النظر عن تراث وثقافات الشعوب.
ووفق هذه الرؤية كان على العراق ان يعترف بـ «اسرائيل» ويدين المقاومة ويعلن أن حزب الله وحماس منظمتان ارهابيتان يجب محاربتهما بكل الوسائل لانهما تهددان «اسرائيل»، وعلى العراق ايضاً ألا يطالب برفع الحصانة القانونية عن الجنود الاميركيين في العراق حتى وان قتلوا 24 شخصاً من عائلة واحدة او قام عدد منهم باغتصاب فتاة عراقية وقتل أفراد عائلتها بطريقة اجرامية.
قبل خطابه في الكونغرس الاميركي عبر رئيس الوزراء العراقي في واشنطن في مؤتمر صحافي عن موقف العراقيين الرافض لسياسات العدوان الاسرائيلي في المنطقة ومنها موقفه من قصف المدنيين في لبنان وغزة. هذا الموقف الذي وحد العراقيين سنة وشيعة لاول مرة منذ احتلال العراق، كما عبر المالكي في اول زيارة لزعيم عراقي (شرعي) عن رأي غالبية الشعب العراقي في ضرورة انهاء الحال الشاذة التي يمارسها الجنود الاميركان في العراق من قتل وتعذيب من دون أي رادع قانوني، وهي مطالب شعبية يتفق عليها العراقيون.
صحيح أن الشعب العراقي عموماً ملّ النزاعات بسبب الحروب التي خاضوها طوال حكم النظام السابق، وصحيح أن الشعب مع احلال السلام في المنطقة، الا ان ما يجري في لبنان وغزة يؤجل وجع كل الآلام باعتبار ان العدوان على لبنان يمثل أهم قضية يمكن ان توحد العراقيين
إقرأ أيضا لـ "علي الشريفي"العدد 1420 - الأربعاء 26 يوليو 2006م الموافق 29 جمادى الآخرة 1427هـ