لن أتكلم اليوم عما تعانيه شعوبنا من الدمار والذل والموت. لن أحلل الموضوع الإنساني الأجوف والساخن الذي وصلنا إليه. ولن أخوض في سياسات الاستبداد والصمت اللذين يمارسهما حكامنا في الدول العربية الأبية.
ولن أقول إن الحكام الضعاف الخائفين على كراسيهم قبل أوطانهم قد جاء دورهم وآن الأوان ليراجعوا حساباتهم! أذكر شعوبنا بأن هؤلاء الحكام وملايينهم التي تنتظرهم في خارج ديارهم لن تكفيهم كي يكفروا عن الذل والسقوط الحضاري الذي أوصلوا شعوبهم إليه من أمة محمد (ص)... وصدام حسين الذي يتربع اليوم في سجنه (والذي كان يعتقد أنه لن يهزم) دليل على ذلك!
هم لن يهنأوا بها ولن تمكنهم من غسل الذنوب التي على كاهلهم من الظلم... والاستبعاد والإذلال لشعوبهم العظيمة. هذه الشعوب قد بدأت في تحقيق الحكم العربي للثورة ولقد أشعل الفتيل البطل حسن نصرالله.
وأقول إن حزب الله هو شرف هذه الأمة لإزالة بعض من ذلك الهوان والخنوع الذي فرض عليها. وإنني لأسأل ما المنطلق في المساهمة مع هؤلاء الأبطال لمساندتهم؟ وهل سنكتفي بالمظاهرات، والمساعدات المالية؟ وهل سنرضى بأن تتجاسر أميركا باستعمال نفطنا العربي والمخضب بالدم العراقي لتغذية الطائرات والصواريخ التي تقصف مدننا وأجساد أطفالنا وتقطيع الآخرين إلى أشلاء؟
هل نتسامح ونحن نشاهد أجهزة التلفزة الوطنية للدول الخليجية وهي تتغنى وتعرض الخلاعة الغنائية والجنسية ثم تقطعها لنقل أخبار الحرب والموت على أبنائنا ثم تواصل عرض المزيد من المسخ والمجون وكأن شيئاً لم يكن (كمثل الساندوتش الذي يتخلله السم في وسطه) هل سنرضى بهذا الدور القميء لوزارات الإعلام؟ أين الأناشيد الحماسية من الله أكبر ووطني حبيبي... إلخ؟
أين كلام الجهاد والمجاهدين؟ أين مساندة أحبائنا في آلامهم؟ متى سنعلق حال الطوارئ في بلادنا ونحن نرى الشهداء؟ متى سندق ناقوس الخطر والحرب إذاً؟ متى ندرك أن النار التي تحرق جيراننا ستطالنا حتماً... وأن دخانها الأسود الكثيف سيتخلل صدورنا رغماً عنا ويدمرنا؟
أين جيوش البواسل؟ أين الملايين التي اشترينا بها كل ذلك العتاد والسلاح ثم نحن نتسلّح ضد من؟... ومن هم أعداؤنا الحقيقيون إذاً؟ ومتى يحين وقت الدفاع؟ لماذا لا نشارك بها ونبعثها إلى الشرفاء المحاربين في جبهات الحرب في لبنان وفلسطين والعراق؟ لماذا نتركها تصدأ في أماكنها؟
وأين المجتمع المدني والجمعيات والنوادي؟ (لماذا هم صامتون؟) ما دورهم في النضال؟ ألم يتعبوا من المظاهرات؟ أما آن أوان تحريك الجسد والفكر؟ أين مفكرو الأمة في التفعيل؟ أين دورهم في توعية الشعوب وتنظيم جبهة موحدة للمقاومة لتوجيه الغضب العربي إلى بركان يشل الأعداء؟ وأين هم رجال الدين لإعلان الجهاد على شرف هذه الأمة؟
أين الوطنية إذاً؟ ومتى سنقاوم وننظم ذواتنا؟ إن الشعب العربي يجلس على فوهة بركان في انتظار نسخة من حسن نصرالله في كل موقع عربي وكي يزيد من تفعيله أن شعور الذنب عند هذه الشعوب وهي تقف متفرجة خارج الحدود لهو أضعاف مضاعفة حينما لا يتمكنون من الوقوف والمساندة الحقيقية لإخوانهم وهم يرون الهجمات البربرية والوحشية.
واختم مقالي بأن أذكر شعبنا بأننا قمنا في الماضي بقطع امدادات النفط عن الدول المعادية مثل أميركا وأوروبا ومقاطعة بضائعهم ونجحنا في تحقيق الكثير مما نريده. فلماذا لا نكرر مثل هذه السياسات التي هي أشد تأثيراً من أية قنابل أو صواريخ؟
هل نسينا ذلك؟ أم تناسينا؟ أم أصبحنا أكثر جبناً؟ مالنا شعب يعش الذل والهزيمة وينسى دائماً أنه يمتلك أقوى الأسلحة، ولكنه غافل وخائف من استعمالها؟
فيا الله... انقذنا يارب العالمين
إقرأ أيضا لـ "سهيلة آل صفر"العدد 1420 - الأربعاء 26 يوليو 2006م الموافق 29 جمادى الآخرة 1427هـ